تمسك الجزائريين بالديمقراطية وعي حضاري وسياسي
لم تفلح الحملات العدائية في نشر فكرها المتطرف والمضاد لاستقرار الجزائر، وهي التي حاولت خطف أحلام الجزائريين خلال الحراك الشعبي، وجددت محاولاتها بعد أن توج الحراك بمكاسب مهمة تكرس لحكم الشعب ومبادئ الديمقراطية النزيهة.
أدركت الجزائر مبكرا، درجة خطورة المؤامرات التي حيكت ضد وحدتها وسيادتها واستقرارها، من خلال بلورة مطالب الحراك الشعبي وصياغتها دستوريا. وقال الدكتور الجامعي بشير حمايدي، الخبير في القضايا الأمنية والباحث في التاريخ لـ «الشعب»، «إن دستور الفاتح نوفمبر مكّن الجزائر من احتواء الحراك واسترجاع مساره من أياد حاولت تجزئة الشعب الجزائري وفق إيديولوجياتها وتحريفه عن إطاره السلمي».
وأكد حمايدي، أن الشعب الجزائري اكتسب تجربة سياسية جديدة من الحراك الشعبي، فهم من خلالها المؤامرات التي كانت تحاك سرّا ضد الجزائر وباتت اليوم مكشوفة، وهو الأمر الذي رفع من درجة وعيه بالقضايا الإجتماعية والسياسية الراهنة، وبلور فكره السياسي، مشيرا إلى أن المجتمع الجزائري على اختلاف مستوياته وشرائحه وانتماءاته، متشبع بالخبرة والتجارب الكافية لتحصين الوطن ضد المؤامرات والفتن.
وأوضح حمايدي، أن تمسك الشعب الجزائري بالحلول الديمقراطية، من المسائل الإيجابية التي تعكس وعيه الحضاري والسياسي، مقابل ما يثار، على فترات مختلفة، من مشاكل ذات طابع اجتماعي واقتصادي، تعالجها السلطة بحكمة وحنكة سياسية، بالنظر إلى القضايا والمستجدات القائمة المحيطة بالجزائر على المستويات الإقليمية والدولية، والتي حققت فيها الجزائر انتصارات دبلوماسية متسلسلة أزعجت الأطراف التي راهنت على زعزعة استقرارها.
وأشار متحدث «الشعب»، إلى أنه بالرغم من الوعي السياسي للجزائريين بالتهديدات القائمة، إلا أن معرفتهم بالمسائل المستجدة على الصعيد الدبلوماسي والسياسي، على غرار عداء النظام المغربي للجزائر وتحالفاته الأيديولوجية المعادية، فضلا عن استعداد الجزائر لتنظيم قمة جامعة الدول العربية المقبلة، من الأمور المهمة التي تستدعي الإثراء والتجاوب الإعلامي الذي يراه المتحدث خاملاً، مقابل ما سخرته الدول المعادية للجزائر للتشويش على تحركاتها الدبلوماسية في إفريقيا والوطن العربي، حيث دعا الدكتور حمايدي إلى تجنيد إعلامي أمثل من أجل التصدي لكافة التهديدات والمؤامرات ومنها الرفع من مستوى الوعي الفكري والاجتماعي بين الجزائريين.
ولفت الخبير في القضايا الأمنية والأيديولوجية الانتباه إلى أن الإعلام يلعب دورا محوريا في الرفع من وعي الشعوب ورص صفوفها حول قضاياها المصيرية، فضلا عن دور النخبة المثقفة في فضح أوجه المؤامرات، مشيرا إلى أهمية الرفع من وتيرة تعامل الإعلام الوطني والنخبة المثقفة مع مختلف المستجدات لصد الهجمات والحملات العدائية المنظمة التي يشنها المخزن ودول أخرى مستعملة في ذلك كل الطرق والوسائل التكنولوجية المتاحة.
وتطرق الدكتور بشير حمايدي، إلى إشكالية حركات مصنفة في درجة منظمات إرهابية، مشيرا إلى أنها عصابات عميلة تخدم أجندات استعمارية متجددة تستهدف الجزائر بأساليب وطرق معروفة، وقد فشلت في مخططاتها الدنيئة خلال العشرية السوداء، فضلا عن تمويلها المالي المعروف الذي يُستغل في تجنيد المرتزقة وضعاف النفوس، مؤكدا اعتقاده أن هذه العصابات على غرار «ماك» و»رشاد» تغرد خارج السرب ولا تملك أي إطار تنظيمي وليس لها صدى في المجتمع، كما تتغذى على وهم الانفصال والمرحلة الانتقالية لتحقيق التغيير، بينما هدفها الرئيس الضغط على السلطة من أجل التغلغل فيها وبالتالي خدمة المصالح الأجنبية المعادية.
ونوّه بشير حمايدي، بالتجربة الجزائرية في التعامل مع الأحداث المستهدفة لاستقرار الوطن المكتسبة من رصيدها التاريخي، وحتى من النظام السياسي الذي يعالج القضايا المطروحة بعقلانية، حرصا على بناء وطن متزن، خلاف دول تبحث لها عن متنفس خارج حدودها حين تفشل في معالجة قضاياها الداخلية. فضلا عن تفطن الشعب الجزائري لما يحاك ضده وحول مصير دولته، مشيرا إلى أن تركيبة المجتمع الجزائري التي يراهن عليها الأعداء لكسب حرب الزعزعة وتشتيت الصفوف، قد فصلت فيها قيادة الثورة المباركة خلال حرب التحرير، أين ذابت كل الفروقات العرقية والثقافية في هدف واحد هو التمسك بالوحدة الترابية وتحرير الوطن.
وأشار انه لوحظ في الفترة الأخيرة، مع ارتفاع وتيرة التكالب الدولي والإقليمي على الجزائر، عدم استجابة العقلاء والمثقفين لمحاولات استدراج الجزائر إلى نقطة الصفر وشبح المرحلة الانتقالية، كون هذه الفئة تعرف جيدا النتائج الوخيمة للانزلاق والانحراف عن مسار البناء والاستقرار، قائلا إن الصراع على السلطة في وقت مضى كانت نتائجه كارثية حطمت البنى التحتية وأدخلت على المجتمع ظواهر غريبة عن أعراف المجتمع الجزائري، غير أن الجزائريين اكتسبوا منها الدروس والعبر وعلمتهم كيف يواجهون التحديات.