تفعيل التّربية الوقائية لحماية التّلاميذ من المخدرات

فدراليات الأولياء: الأمن في محيط المدارس ضروري

خالدة بن تركي

 تعرف ظاهرة تعاطي المخدرات في الوسط المدرسي خلال السنوات الأخيرة ارتفاعا قياسيا، أرجعه علماء النفس التربويين الى عوامل كثيرة ساهمت في تنامي الظاهرة، التي تعتبر من أكبر المشاكل التي تهدد المدرسة نظرا لما تخلفه من أثار سلبية، ومساهمتها في انتشار العنف في المؤسسات التربوية.

 تعد هذه الآفة إحدى أكبر المشاكل التي تهدد المدرسة اليوم، غير أنّ استئصالها يحتاج الوقوف عند عوامل حدوثها، على غرار التفكك الأسري الذي يعد أحد أقوى الأسباب لتعاطي المخدرات من قبل المراهقين، غياب الاهتمام الاسري، تغير نمط التدريس وتأثير التكنولوجيا، بالإضافة إلى رفقاء السوء وغياب الوعي الكافي حول خطورة المخدرات، ومدى تأثيرها على صحة الفرد.
تفعيل دور مستشاري التّوجيه
 أكّد النّاشط التربوي كمال نواري، أنّ ظاهرة تعاطي المخدرات في الوسط المدرسي انتشرت بكثرة في أوساط تلاميذ الطورين المتوسط والثانوي بشكل أثّر على سلوكهم داخل الحرم المدرسي وحتى خارج المؤسسة من سب، شتم وضرب للاساتذة، وعلى انضباطهم أيضا، ومن حيث التأخرات والغياب عن الحصص الدراسية.
أردف كمال نواري قائلا «صحيح لا نملك أرقاما عن عددهم ولا يمكن تجريم التلميذ لأنه ضحية وضع أسري متفكّك، لكن يجب أخذ الامر بجدية لمحاربة الظاهرة»، حيث أرجعها إلى عوامل كثيرة تتعلق أساسا بغياب متابعة الأولياء لأبنائهم، إدمان التلاميذ على شبكات التواصل الاجتماعي والالعاب الالكترونية، انعدام التواصل بين الاولياء والابناء، التفكك الاسري من طلاق وانفصال أو وفاة أحد الوالدين، تلوث المحيط الذي يربط بين المؤسسة التربوية والأسرة، انعدام النشاطات الثقافية والرياضية.
عن عواقبها، قال المتحدث إنّ الإدمان يؤدي إلى تدهور صحة التلميذ، تراجع النتائج المدرسية والتحصيل العلمي الذي يصل أحيانا إلى التسرب المدرسي، وهنا الأولياء من يدفعون الثمن بحكم المسؤولية المدنية، وفي الشق الاجتماعي، فإن هذه الفئة ينظر إليها بنظرة سيئة حتى وإن كانت ضحية، بالإضافة إلى التوجه لارتكاب مختلف الجرائم في المستقبل من سرقة وقتل أحيانا.
واقترح مدير المتوسطة، توفير الحماية داخل المحيط المدرسي، من خلال دعم كل المؤسسات التربوية بمستشاري التوجيه والارشاد لمتابعة التلاميذ، برمجة نشاطات ثقافية ورياضية، تكثيف العمل التوعوي من طرف جمعيات أولياء التلاميذ والتواصل الدائم بين الأسرة والمدرسة، وكذا مراقبة الاولياء ما يشاهده ويتابعه الأبناء في شبكات التواصل الاجتماعي خاصة الالعاب الخطيرة.
وبخصوص حدود مسؤولية المؤسسة التربوية، صرّح كمال نواري، أنه في كل سنة دراسية توزع المؤسسات التربوية على الأولياء وثيقة تتعلق بالنظام الداخلي للمؤسسة يتم الاطلاع والامضاء عليها مع المصادقة في البلدية تتضمن كل ما يتعلق بتمدرس التلميذ من حقوق وواجبات حماية له، وهناك نظام يحدّد كيفيات تنظيم الجماعة التربوية التي تتشكّل من التلاميذ، وكل من يساهم في التربية في الحياة المدرسية مباشرة بواسطة الاساتذة والموظفين، وكل العاملين بالمؤسسة وغير مباشرة عن طريق أولياء التلاميذ والشركاء الاجتماعيّين.
ويتعين على التلاميذ من خلال هذا النظام، التحلي بالسلوك الحسن مع الجميع والتعامل فيما بينهم بالاحترام وروح التعاون، مع ضرورة ارتداء لباس نظيف ولائق، ومنعهم من إستعمال تكنولوجيات الاعلام والاتصال داخل المؤسسة لأهداف تربوية (الهاتف النقال، لوحة إلكترونية). ويلتزم التلميذ باحترام مؤسسته وممتلكاتها، وعدم ممارسة أي شكل من أشكال العنف واحترام ضوابط السلوك، ويمنع عليه اصطحاب أشياء ممنوعة أو محظورة كالمخدرات التي قد تعرض صاحبه الى عقوبات تأديبية.
بهكذا قرارات - يقول المتحدث - تحمي المؤسسات التربوية التلميذ من كل شيء يهدد حياته سواء داخل المدرسة أو خارجها، مشيرا إلى أن الظاهرة خطيرة، وهي في تنام مستمر وبحاجة إلى تضافر جهود الجميع من أجل استئصالها نهائيا من الوسط المدرسي.
حماية محيط المدرسة
 من جهتها، تطرّقت رئيسة الفدرالية الوطنية لأولياء التلاميذ جميلة خيار في تصريح لـ «الشعب»، إلى خطورة تعاطي المخدرات في الوسط المدرسي من قبل المراهقين والقصر، وما تخلّفه من آثار سلبية على الفرد والمجتمع، وكذا على الدور الذي تؤدي المؤسّسات التربوية في التربية والتنشئة الاجتماعية الصحيحة للطفل.
ودقّت خيار ناقوس الخطر حول أرقام الادمان وسط المتمدرسين بقولها «الأرقام تتصاعد والمتابعة الأسرية غائبة»، مشيرة إلى أنّ الظاهرة أصبحت تؤرق أطراف عديدة على غرار الأسر والمؤسسة التربوية، التي أصبح البعض منها يفتقر إلى محيط نظيف ما جعلها تطالب خلال الحملات التحسيسية التي جابت من خلالها مدارس الكثير من الولايات، بتوفير الأمن في المدارس، عند الدخول والخروج، أي عند المكان الذي تنتهي فيه مسؤولية المؤسسة.
وقالت رئيسة الفدرالية، إنّ المشكل الذي ساهم في تنامي الظاهرة في الوسط المدرسي إلى جانب غياب محيط نظيف، مشكل غياب الأمن على مستوى مدخل المؤسسات خاصة المتوسطات والثانويات، على اعتبار أنّ أغلب الممارسات تتم عند المدخل والمخرج، لأنّ هنا تنتهي حدود مسؤولية المدرسة،
وتبدأ مسؤولية الأولياء الذين لا يدركون حجم خطورة الوقت الذي يقضيه أبنائهم في هذا المكان دون مراقبة.
واعتبرت المتحدثة الحملات التحسيسية التي تنظم دوريا بالمدارس، فرصة للتقرب من فئة التلاميذ والشباب، من أجل تعريفهم بخطورة استهلاك السموم على الصحة الجسدية والنفسية وانعكاساتها السلبية على التنشئة الاجتماعية للفرد، وذلك من خلال تقديم شروحات حول مخاطر للإدمان بمرافقة مختصين في المجال، مشيرة إلى أن العمل التحسيسي والتوعوي يستمر طيلة السنة للتعريف بمخاطر استهلاكها عبر مختلف المؤسسات التربوية.
واقترحت الفدرالية بعد معاينتها لأسباب تنامي الظاهرة في المؤسسات التربوية بدل بقاء التلاميذ أمام مداخل المؤسسات، سماح وزارة التجارة بانشاء فضاءات للانترنيت من أجل تطوير القدرات الذهنية وتطوير معارفه بدل التوجه إلى هذه السموم، خاصة وأن هذه الفئة يستهويها كل ماهو تكنولوجيا، إلى جانب تفعيل دور المساعدين من أجل مراقبة التلاميذ داخل المدرسة، وحتى في دورات المياه.
وشدّدت خياري على أولياء الأمور متابعة ومرافقة أبنائهم خاصة في مرحلة المراهقة، كونها تحتاج إلى متابعة ومراقبة خاصة للتلميذ، مع ضرورة منحه وقتا واهتماما أكبر، لأنّ هذا يقلل من احتمال تعاطيهم المخدرات ويحميه من الانسياق وراء السّلوكيات الخاطئة.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19521

العدد 19521

الخميس 18 جويلية 2024
العدد 19520

العدد 19520

الأربعاء 17 جويلية 2024
العدد 19519

العدد 19519

الثلاثاء 16 جويلية 2024
العدد 19518

العدد 19518

الإثنين 15 جويلية 2024