الباحث سعيد بوهون علي:

على الأسرة أن تستعيد دورها في التّنشئة والتوجيه

بومرداس: ز - كمال

 دعا الخبير والباحث المتخصّص في أدب الطفل سعيد بوهون علي «إلى ضرورة إعادة دور الأسرة المغيب في مجال التربية والتوجيه والمساهمة في التنشئة الاجتماعية السليمة والمتوازنة للأبناء من اجل تحصينهم مستقبلا من مختلف الآفات السلبية التي تنخر المجتمع منها تناول المخدرات والمتاجرة بها، السرقة، التمرد على مؤسسات التربية وارتفاع نسبة التسرب المدرسي، وكل هذا بسبب الفراغ وغياب الرقابة والمتابعة المستمرة للآباء، الذين تنازلوا عن مسؤولياتهم لصالح مؤسسات أخرى.

 ربط الباحث سعيد بوهون في تشريحه ظاهرة الانفلات، وتزعزع استقرار المجتمع في أحد أركانه الأساسية المتمثلة في الناشئة أو الطفولة إلى جملة من العوامل الرئيسية أبرزها غياب أو تغييب دور الأسرة كنواة أولى في مجال التنشئة والتربية القاعدية للطفل، وهذا لصالح بعض المؤسسات الاجتماعية الأخرى التي حملت عنوة هذا الدور ومنها المدرسة.
وأضاف بالقول «من الخطأ الجسيم اعتبار المدرسة مؤسسة اجتماعية لتربية الطفل وتنشئته بل هي مدعمة لعمل الأسرة، ومساهمة في عملية التلقين والتعليم، وبالتالي لا بدا من التخلي عن هذه الصورة النمطية وإعادة الأمور إلى نصابها».
ووضع الأستاذ بوهون ثلاثة مسارات أساسية لتركيز فعل المرافقة الاجتماعية للأبناء من قبل الأسرة والآباء على الخصوص باعتبارها شروطا أساسية من أجل تحقيق التنشئة الصحيحة والمتكاملة على رأسها الحضور الوجداني أو العاطفي للطفل لتحقيق الإشباع والحاجيات النفسية الضرورة كالشعور بالأمان، الحب وتقدير الذات، ثم المسار الفكري من خلال الحرص على مجالسة الأبناء في لقاءات أسرية مستمرة لتلبية الحاجات الأساسية وتغطيتها كالتوجيه والإرشاد لكسب الخبرة في الحياة التي يفتقدها الطفل في هذا السن.
أما المسار الثالث بحسب الباحث فهو المسار السلوكي عن طريق مراقبة الطفل في مراحل نموه ومختلف السلوكات المصاحبة أثناء احتكاكاه واختلاطه مع الآخرين في المدرسة والمجتمع ومحاولة التنبؤ لأي طارئ يحدث في العلاقات والسلوكات للتدخل في الوقت المناسب لإعادة التوجيه، ومعالجة الأمر في وقته قبل أن يخرج عن السيطرة خاصة مع دخول الطفل مرحلة المراهقة.

الأسرة والمدرسة..تفويض وتخلي عن الدور
 أرجع الباحث سعيد بوهون الأسباب الرئيسية لظاهرة الانحراف في سلوك الطفل والمراهق وميولهم نحو الإغراءات المنتشرة في المجتمع من أفات سلبية كتعاطي المخدرات والارتباط بوسائل التكنولوجيا الحديثة من هاتف وانترنت إلى «حالة الفراغ الرهيبة التي تشعر بها هذه الفئة نتيجة الاستقالة الأسرية وتفويض مهمة التربية إلى هيئات أخرى بدل الأم والأب بسبب ظروف العمل، وبالتالي وجد الطفل نفسه يعاني فراغا كبيرا بحاجة إلى ملئه بأي شيء»، وعليه لا بد من تدخل هذين المؤسستين الاجتماعيتين لمرافقة الطفل أو التلميذ وتوجيهه نحو أنشطة ثقافية فكرية أو رياضية لتهذيب السلوك وتنمية المواهب للمساهمة في تقليص حجم الفراغ وامتصاص طاقته في أنشطة ايجابية ومفيدة صحيا وتربويا بدلا من تركه عرضة لهذه الآفات الخطيرة.
كما انتقد الباحث أداء المدرسة وتراجع دورها مقارنة بالسابق، وقال «إنّ المنظومة التربوية تتعرّض لإكراهات أحيانا خارجة عن إرادتها وتوجّهاتها خاصة في السنوات الأخيرة بسبب التأثيرات الإعلامية والتكونولوجية الخارجية، إضافة إلى الظرف الصحي لجائحة كورونا وما نتج عنه من تعديلات في البرنامج والرزنامة، حيث وجد التلميذ نفسه يمتلك وقتا كبيرا من الفراغ، مقابل غياب التغطية من قبل الهيئات والجمعيات المرافقة لدور المدرسة لامتصاص هذا الوقت في أنشطة ثانوية خارج أسوار المدرسة عن طريق تكليفهم بأعمال وبحوث هادفة باستغلال المواقع التفاعلية بمشاركة الأولياء.
اقتراح منسّق
 مؤسّساتي في المدارس
 في الأخير وبهدف معالجة هذه القضية والتقليل من خطورتها المستقبلية على فئة الأطفال، دعا الأستاذ سعيد بوهون إلى «ضرورة التنسيق بين كل الفاعلين في مجال التنشئة الاجتماعية بالخصوص وزارة التربية الوطنية ووزارة التضامن الوطني من اجل التدخل لإنشاء هيئات مشتركة تؤسس لفعل اليقظة والتحسيس بين الأطفال والتلاميذ والتحذير من هذه المخاطر في الوسط المدرسي».
كما اقترح بالمناسبة أهمية إنشاء أو تعيين منسق مؤسساتي بالمؤسسات التربوية لمرافقة التلاميذ ومتابعة ظاهرة الانحراف والإدمان على المخدرات ومختلف الآفات الأخرى المنتشرة في هذا الوسط، ومحاولة فهم دوافعها وأسبابها، وكيفية مكافحتها ببرامج وأنشطة بديلة هادفة تعود بالفائدة على التلميذ وباقي المؤسسات الاجتماعية الأخرى.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19628

العدد 19628

الأربعاء 20 نوفمبر 2024
العدد 19627

العدد 19627

الثلاثاء 19 نوفمبر 2024
العدد 19626

العدد 19626

الثلاثاء 19 نوفمبر 2024
العدد 19625

العدد 19625

الإثنين 18 نوفمبر 2024