من بسيط إلى مركّب ومنظّم

التّهريب يقضي على قيم العمل المشروع بتمنراست

تمنراست: محمد الصالح بن حود

 تسجّل ولاية تمنراست على غرار الولايات الحدودية انتشار واستفحال ظاهرة التهريب لمختلف المواد الضرورية، خاصة منها الغذائية والمدعمة من الدولة، يحدث هذا مع الندرة الكبيرة التي تسجلها السوق الوطنية للعديد من هذه المواد، مما انعكس سلبا على الحياة اليومية للمواطن بالدرجة الأولى، وخلف أضرارا تتزايد يوما بعد يوم على الاقتصاد الوطني.
بالمقابل تعمل المصالح الأمنية خاصة على مستوى الولاية بمختلف تشكيلاتها على محاربة هذه الظاهرة بالرغم من طرقها المتعددة والمستحدثة، أين تمكّنت في الآونة الأخيرة من حجز واسترجاع العديد من السلع المعدة للتهريب، على غرار حجز مصالح أمن ولاية عين قزام لكمية من زيت المائدة قدّرت بـ 34 ألف لتر كانت في طريقها إلى دول الساحل الإفريقي، وحجز مصالح الجمارك لكمية من مادة السكر قدرت بـ 1750 كلغ خلال الشهر المنصرم، كما قامت مصالح الأمن الأسبوع المنصرم رفقة لجنة ولائية مشكلة من مختلف القطاعات، بحجز 46 طن من مختلف المواد الغذائية، ناهيك عن عمليات حجز لأطنان من المواد الغذائية شبه يومية من طرف الجيش الوطني الشعبي.
«الشعب ويكاند» ومن خلال هذه الأرقام تسلّط الضوء على هذه الظاهرة التي أصبحت تشكّل هاجسا مقلقا، وتضر بالقدرة الشرائية للمواطن البسيط، في وقت تسعى الدولة لتوفير الحاجيات الضرورية له.
غياب بدائل التّشغيل واللّهث وراء الرّبح
 أرجع رابح كاريش، أستاذ إدارة أعمال بجامعة الحاج موسى أخاموك بعاصمة الأهقار في حديثه لـ «الشعب ويكاند» استفحال ظاهرة التهريب في منطقة تتميز بنشاط المقايضة والاقتصاد غير الرسمي المشكلين لفرص العمل، وتحقيق الربح لدى كثير من المواطنين، إلى العديد من العوامل على غرار غياب بدائل التشغيل، وانتشار البطالة في أوساط الشباب، وزيادة معدلات الفقر، وتدني مستويات المعيشة نتيجة لضعف دخل الأسر، الشيء الذي يدفع بكثير منهم إلى المخاطرة بحياتهم من أجل العيش والربح السريع، وهو ما ينعكس حسبه سلبا على قيم العمل والبذل والعطاء، وبروز قيمة الحصول على المال بأسرع وأسهل وسيلة ممكنة، بغض النظر عن نوعية العمل أو قيمته الاجتماعية أو حتى مشروعيته.
وأضاف كاريش أنّ تنامي ظاهرة التهريب مع الظروف التي تعيشها المناطق الحدودية خاصة الجنوبية منها ساهم بشكل كبير في تحول طبيعته من تهريب بسيط إلى تهريب مركب ومنظم. ويقول المتحدث «كيف لا والتهريب أصبح عندهم مجرّد نشاط عادي ممارس بطريقة منظمة تستعمل فيها وسائل نقل واتصال متطورة، إضافة إلى اللجوء إلى الاستعلام لتأمين الطريق باستخدام كل الإغراءات».
وكشف المتحدث في نفس الصدد، أنّ الأمر يتعلق بتهريب بضائع ذات ربحية مرتفعة، وهي في غالب الأحيان بضائع محظورة أو خاضعة لإجراءات أو رخص مسبقة أو لحقوق ورسوم مرتفعة، يحدث هذا أمام ثقل مهام الأجهزة التي تعمل جاهدة على تغطية كل أقاليم الولايات الحدودية.
تفكيك قيود حركة البضائع ورؤوس الأموال
 كما يرى الأستاذ الجامعي كاريش، أنّ ظاهرة التهريب تتنامى مع القيود المفروضة على حركة البضائع ورؤوس الأموال بين أقاليم الدول، وبالتالي فإنّ تفكيك تلك القيود من شأنه أن يساهم في امتصاص حركات التهريب وتدعيم النشاطات التجارية المشروعة، وذلك من خلال البحث عن فرص الشراكة التي تسمح بتحقيق التنمية المستدامة، وبناء وحدة إقليمية توفر المناخ اللازم للتكامل الاقتصادي بين الدول الإفريقية المجاورة، وهذا لن يتأتى إلا بوجود إرادة سياسية، وإشراك الجامعات في حلحلة الظاهرة، بإنجاز بحوث من شأنها تقديم حلول عملياتية من خلال المخرجات التي يتم الوصول إليها، عن طريق المخابر المخصصة لدراسة رهانات الاستثمار والتنمية المستدامة في المناطق الحدودية، بحيث تسعى الفرق البحثية المنخرطة فيها إلى دراسة مختلف الآليات التي يجب توفيرها لانعاش التنمية في الولايات الحدودية، وبالتالي تعزيز الاقتصاد الرسمي والنشاطات المشروعة.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19521

العدد 19521

الخميس 18 جويلية 2024
العدد 19520

العدد 19520

الأربعاء 17 جويلية 2024
العدد 19519

العدد 19519

الثلاثاء 16 جويلية 2024
العدد 19518

العدد 19518

الإثنين 15 جويلية 2024