تكييف القطاع مع الرّهانات الاقتصادية الجديدة

صناعات السّفن والسّينما والمقاولاتية في التّكوين المهني

فتيحة كلواز

تأهيل اليد العاملة ليس حكرا على الجامعة

 انفتاح قطاع التكوين المهني على تخصّصات جديدة تتماشى مع خصوصية كل منطقة يجعل منه أحد الميكانيزمات المهمّة والمحورية لتلبية حاجيات سوق الشغل من اليد العاملة المؤهّلة، تساهم في تحقيق رهان سنة 2022 اقتصادية بامتياز من خلال الاستثمار في رأس المال البشري على اعتبار أنه أساس التنمية الاقتصادية.
 تراهن الحكومة على تحقيق قفزة نوعية تسمح بإطلاق عجلة اقتصاد متنوّع وبديل للمحروقات، ما يعكس استفادة فعلية لتأهيل الموارد البشرية.
أخذ قطاع التكوين المهني في الجزائر على عاتقه مهمة تكوين الرأسمال البشري، على اعتبار أنه أساس التنمية في مختلف أبعادها سواء كانت بشرية واقتصادية وبيئية، وتدرك الجزائر أنّه الوسيلة لمواكبة التطورات المتسارعة التي تعرفها، خاصة على المستوى الاقتصادي رهان المرحلة المقبلة لإطلاق اقتصاد بديل عن المحروقات، خاصة وأنّ التكوين المهني هو الأداة الفعلية للاستثمار في مواردها البشرية لتحقيق القفزة النوعية مستقبلا تمكّنها من كسب رهان التنمية.
أول خطوة لكسب رهان تكوين رأس المال البشري كانت بإدراج الوزارة الوصية تخصّصات جديدة تتلاءم مع تغيرات سوق العمل في الجزائر، خاصة على ضوء التطور التكنولوجي في العقدين الأخيرين، ووضعت تخصّصات جديدة في دورة فيفري 2022 لفائدة الراغبين في التكوين المهني تمس مختلف المجالات، من بينها الصّناعة السينماتوغرافية، اللباس السنيمائي، تطوير الحرف العائلية، البناء، الأشغال العمومية وبناء السفن.
في ذات السياق، أخذت الوزارة الوصية خصوصية كل منطقة عن الأخرى، حيث أدرجت 20 تخصصا جديدا بولاية إليزي من أجل الاستجابة لاحتياجات سوق الشغل على مستوى الولاية، كان من بينها مصمم بساتين والطبوغرافيا واسترجاع النفايات وإعادة تدويرها والفندقة والسياحة وزراعة الخضراوات والتسويق وغيرها، إلى جانب توقيعها اتفاقيات مع عدة مؤسسات عمومية وخاصة تنشط محليا في مختلف المجالات على غرار المحروقات والفندقة والسياحة والاتصالات السلكية واللاسلكية.
ويذكر أنّ مدوّنة التّخصّصات المتعلقة بالتكوين المهني تتضمّن 495 تخصّص موزعة على 23 شعبة مهنية تغطّي أهم ميادين نشاط الاقتصاد الوطني، وتعنى هذه التّخصّصات عامة مختلف المجالات، حيث تمس مجال الإدارة والإدارة، الاتصال والتسويق، المجال القانوني، المحاسبة والتمويل، النظافة والسلامة، العقارات، علوم الكمبيوتر، مجال السياحة والضيافة، مجال البناء والأشغال العامة، مجال النقل.
إلى جانب أنّه يحقّق الأمن الاجتماعي لطالب التكوين المهني من خلال إعطائه مهارات وخبرات تمكّنه من ولوج عالم الشغل بعد تعثّره وعدم استكماله لمشواره الدراسي، يوفّر قطاع التكوين المهني يدا عاملة مؤهلة تتوافق ومتطلّبات سوق العمل في الجزائر، وفق استراتيجية محدّدة تأخذ بعين الاعتبار متغيرات هذه السوق، خاصة بعد الأزمة الصحية التي أحدثت تداعياتها تصدعات عميقة في اقتصادات العالم.
الاندماج في رهانات المرحلة الجديدة التي قال عنها رئيس الجمهورية إنّها اقتصادية بامتياز، يتطلّب تكييف تخصّصات القطاع مع هذه التحديات خاصة في المهن المنتجة كالفلاحة، التكنولوجيا، السياحة والصناعات التحويلية، وهو ما استدعى استحداث تخصصات تتماشى وتستجيب لخصوصية كل منطقة في الجزائر، في إطار التنمية المحلية لمختلف مناطق الوطن، والتي تدخل في سياق إطلاق عجلة التنمية المحركة لاقتصاد متنوع ومنتج بديل للاقتصاد الريعي المعتمد على المحروقات كمصدر للعملة الصعبة.
سي محمد: تلازم قطاع التكوين المهني والاقتصاد
 أكّد الخبير الاقتصادي كمال سي محمد، انفتاح قطاع التكوين المهني مؤخّرا على تخصّصات جديدة تتلاءم مع الرّهانات المستقبلية التي تمليها المعادلة الاقتصادية الرامية إلى إطلاق اقتصاد متنوّع بديل للمحروقات مثل تخصّصات السياحة والفلاحة وقطاعات منتجة أخرى لفروع الصّناعة الثقيلة، حيث يراه توجّها صائبا في تنويع الاقتصاد وتلازم قطاع التكوين المهني مع الاقتصاد.
وعن تأهيل اليد العاملة وتكوينها في عالم الشغل، قال المختص إنّها ليست من مهام الجامعة فقط بل هو منوط بالتكوين المهني، خاصة على ضوء النسبة الكبيرة للتسرب المدرسي، وعدم ملاءمة التكوين الجامعي مع متطلبات تكوين سريعة ومؤهلة للسوق، وهذا ما يحاول قطاع التكوين الاهتمام به مؤخرا.
وعليه يجب أن توفّر الحكومة ـ حسبه ـ كامل الإمكانيات لقطاع التكوين المهني المهم والمحوري لسوق الشغل خاصة في القطاعات المنتجة، حيث أصبح هذا القطاع مؤخرا منبعا للمقاولاتية وعدم الاتكال على الوظيف العمومي من أجل فرص عمل أكبر، وهو ما يدركه شباب اليوم من خلال الإقبال على مراكز التكوين المهني، خاصة وأن الوكالات الوطنية لمساعدة الشباب تشترط تكوينا مؤهّلا للحصول على القرض.
في ذات السياق، قال سي محمد إن رأس المال البشري أساس التنمية إلى جانب رأس المال ومراعاة قاعدة العرض والطلب، لذلك من الضروري التوجه نحو تكوين نشاطات بديلة عن المحروقات وبديلة عن المنتجات المستوردة، إلى جانب نشاطات تكون مدخلات لقطاع البناء والتشييد والصناعة، لذلك هي تشكّل اليوم محور اهتمام وزارة التكوين المهني في السنوات الأخيرة، من خلال توصيات الوزارة وتدخّلاتها وعمليات التسجيل والانتقاء مؤخرا، إلا أنّ الكثير من الشباب يحتاج مزيدا من المعلومات، وتسليط الضوء على هذه التّخصّصات لاستقطابهم من أجل يد عاملة مؤهّلة، وذات نجاعة اقتصادية في سوق العمل والشغل.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19521

العدد 19521

الخميس 18 جويلية 2024
العدد 19520

العدد 19520

الأربعاء 17 جويلية 2024
العدد 19519

العدد 19519

الثلاثاء 16 جويلية 2024
العدد 19518

العدد 19518

الإثنين 15 جويلية 2024