«الشعب» تستطلع آراء الخبراء وأهل الاختصاص :

خطوة نحو السلامة المرورية و»الغرامة» هي الحلّ

خالدة بن تركي

 

أثار قرار إلغاء سحب رخص السياقة، من السائقين المخالفين، الذي سيدخل التنفيذ، ابتداء من الفاتح فيفري الداخل ردود فعل متباينة، لكن الخبراء وأهل الاختصاص اعتبروه قرارا صائبا للحدّ من إشكالية ضياع رخصة السياقة، وكذا لتسهيل مهام السائقين «الناقلين» الذين يعانون من توقف نشاطهم بعد سحب الرخصة، لمدة ثلاثة أشهر، بالمقابل، شدّدوا على ضرورة وضع منصة معلوماتية تحصي الحوادث والمخالفات، والاتجاه نحو رخصة التنقيط كحل بديل.

قال النائب الأول رئيس الأكاديمية الوطنية للسلامة المرورية والأمن عبر الطرق رشيد بونوة في تصريح لـ «الشعب»، إنّ القرار جاء بعد دراسة دقيقة ومفصّلة من طرف قيادة الدرك الوطني، توصّلت خلالها إلى ضياع رخص السياقة المسحوبة، وكذا تعطل مصالح المواطنين نتيجة السحب لمدة ثلاثة أشهر، خاصة سائقي الحافلات وناقلي البضائع الذين يمتهنون السياقة كمصدر رزق.
في هذا الصدد، أوضح رشيد بونوة أنّ قرار إلغاء سحب السياقة يعني الاكتفاء بتغريم المخالفين إلى حين اعتماد نظام الرخصة بالنقاط، مع تجميد لجان تعليق رخص السياقة، وهو ما يعني أنّ السائق المخالف يمكنه استرجاع رخصة سياقته، بعد دفع الغرامة الجزافية المترتبة عن الخطأ المرتكب، مع إمهالهم مدة 10 أيام للسياقة، بدلا من 48 ساعة المعمول بها، شريطة تسديد الغرامة الجزافية قبل انقضاء مهلة 45 يوما وإحالة الملف على الجهات القضائية في حال عدم الامتثال مع الاحتفاظ بالرخصة.
وجاء الإجراء- يقول المتحدث- بعد دراسة دقيقة من طرف قيادة الدرك، توصلت خلالها إلى ضياع الكثير من الملفات، ناهيك عن التحويل من ولاية إلى أخرى في حال السحب، وما ينجر عنه من متاعب للمواطنين وتعطل المصالح، ما دفعهم إلى رفع المقترح إلى وزارة النقل يتضمّن إلغاء المادة 16من القانون 05\17 المعدل والمتمم لقانون المرور 14\01 المتعلق للجان تعليق رخصة السياقة، التي تتسبب في إعاقة تطبيق القانون الجديد الخاص باستعمال رخصة السياقة بالتنقيط.
وتضمّن المقترح منه- يضيف المتحدث - مهلة 10 أيام كاملة للسائقين الذين قاموا بالمخالفة المرورية سواء من الدرجة الثانية، الثالثة أو الرابعة، حيث يسمح له بالسياقة لمدة 10أيام وبصفة عادية، وعند دفع الغرامة الجزافية يسترجع رخصته دون تحويلها إلى لجان تعليق رخصة السياقة، لكن شريطة دفع الغرافة المتبعة للمخالفة المرتكبة مهما كان نوعها، وفي حال عدم دفع الغرامة الجزافية في المهلة المحددة لأسباب مختلفة على غرار الحيازة على الأموال، فإنّ السائق يحرم من حق القيادة لكنه يستفيد من مهلة 45 يوما مع الاحتفاظ برخصة السياقة.
وفي تعليقه على القرار، قال رشيد بونوة، إنّ الأكاديمية كانت السباقة للمطالبة بإلغاء سحب رخصة السياقة من المخالفين، وذلك لما يترتب عنها من تعطيل مصالح المواطنين، خاصة أصحاب النقل سواء نقل الحافلات سيارات الأجرة أو البضائع «الذين يتوقفون عن العمل أشهر بسبب الرخصة، واقترحت في المقابل السحب في الحالات التالية، حادث مميت الناتج عن سرعة التشغيل، أو في حالة سكر وما ينتج عنها من ضعف مهارات القيادة بسبب الكحول أو المخدرات، القيادة العدوانية.
وقال المتحدث، أنه سيخفف الضغط على السائقين الناقلين، لأنّ رخصة السياقة مصدر رزقهم، وإنّ إلزامه المخالفين بغرامة مالية كاف من أجل الالتزام والردع، مشيرا أنّ العمل بالنظام القديم أحال الكثير من أرباب الأسر على البطالة وأثر على العائلات بشكل غير مباشر، لكن مع القرار الجديد فإنّ السائق غير مجبر على البقاء دون عمل لمدة 3 أشهر، خاصة مع الظروف المعيشية الصعبة التي يعيشها المواطن جراء تداعيات جائحة كورونا.
وعليه، أكد النائب الأول رئيس الأكاديمية الوطنية للسلامة المرورية والأمن عبر الطرق، في الختام، أنّ القرار إيجابي يحمي فئة كبيرة من المواطنين ويضمن استمرار عمل الكثير من السائقين، في حين، يضمن أيضا معاقبة المخالفين بتطبيقهم القانون ودفع الغرامات المترتبة عنهم.
القرار يضع حدّا لإشكالية ضياع الرخص
من جهته، اعتبر الخبير الدولي في السلامة المرورية الدكتور امحمد كواش، قرار إلغاء سحب رخص السياقة الذي سيدخل الخدمة، ابتداء من شهر فيفري القادم، إيجابي، حيث طالب به في العديد من المنتديات والندوات، كون السحب الفوري لرخصة السياقة بالنظام القديم مجحف في حق الكثير من السائقين الملتزمين الذين يرتكبون الخطأ لأول مرة ويعاقبون شأنهم شأن المتهورين.
وقال الدكتور كواش، إنّ سحب رخصة السياقة بالنظام القديم لها آثار سلبية على عديد المستويات والأصعدة، لأنّها تتسبب في تعطيل مصالح المواطنين ووقف عمل السائقين، خاصة أصحاب النشاطات الإقتصادية الذين يتوقفون عن عملهم لأشهر طويلة، ما يلحق الضرر بالاقتصاد، في حين، على الصعيد الاجتماعي، يتعرض الكثير من السائقين إلى الطرد أو الوقف عن العمل بسحب الرخصة، خاصة في القطاع الخاص، مشيرا أنّ هذه التداعيات أثرت على الكثير من الأسر.
القرار سيضع حدا - حسب المتحدث - لإشكالية ضياع ملفات رخصة السياقة، خاصة في الولايات، ويقضي أيضا على مشكل التنقل والمسافات البعيدة التي يقطعها المواطنون من أجل المرور عبر لجنة سحب رخصة السياقة، هذا دون الحديث عن العراقيل البيروقراطية التي سيواجهها أثناء التنقل وكذا الأعباء، لكن من خلال القرار الجديد سيتمكن المواطن من السياقة بعد دفع الغرامة مباشرة.
بخصوص الجانب السلبي للقرار، صرح الدكتور، إنّ إلغاء سحب رخصة السياقة سيشجع فئة كبيرة من الشباب المتهور على السياقة الجنونية، كونه يعلم أنه بإمكانه دفع الغرامة دون السحب فيواصل القيام بالمجازفات التي قد تكون عواقبها وخيمة وتؤدي إلى رفع حوادث المرور، لأنّ المعلوم لدى الجميع أنّ السائق يلتزم بالقوانين خوفا من الغرامات المالية، وليس وعيا منه بخطورة مخالفتها، وهذا ما يجعلنا نؤكد» أنّ السائقين لا يحترمون القوانين إلا بوجود مصالح الأمن الساهرة على تطبيقها واحترامها».
وعن البدائل المقترحة، قال الخبير في السلامة المرورية، أنّ البديل يكمن في وضع منصة إلكترونية معلوماتية تحصي الحوادث والمخالفات، حيث تسمح هذه الأخيرة بعد المراقبة المستمرة من التعرف عن السائقين الذين يكررون المخالفات ويقومون بالعنف المروري، مع المرور أيضا إلى اعتماد رخصة السياقة بالتنقيط مثلما هو معمول به في العديد من الدول وأعطت ثمارها.
رخصة السياقة بالتنقيط دليل التزام
أكد الباحث في السلامة المرورية الدكتور كواش، إنّ رخصة السياقة بالتنقيط تتضمن الجانب التربوي للسائق، على اعتبار أنّ سحبها يعني سحب النقاط إلى غاية آخر نقطة، أيّ أنّ السائق الذي تسحب منه أربع أو خمس نقاط ولا يقوم بعدها بأيّ مخالفات قانونية يسترجع نقاطه، بعد مدة تتراوح بين شهرين إلى ستة أشهر، وهنا يتعوّد السائقون على الالتزام.
أمّا السائق الذي يكرر المخالفات وتسحب منه رخصة السياقة، فهذا دليل —حسبه -على أنّه سائق متهور وعنيف قد يؤدي إلى حوادث مميتة، ما يعني سحب الرخصة منه نهائيا ويتم إعادة تكوينه من جديد أو إلغائها، ما يستدعي أيضا التوجه لاعتماد نظام التنقيط والمنصة الإلكترونية المعلوماتية الموحدة لإحصاء السائقين المخالفين المتسببين في حوادث المرور.
وعن إمكانية تقليل حوادث المرور بعد هذا القرار، قال المتحدث إنّ الإلغاء دون المرور لرخصة السياقة بالتنقيط أو المنصة الإلكترونية المعلوماتية، سيؤدي إلى ارتفاع رهيب في الحوادث والأرقام ستكون مخيفة، ما يستدعي التوجه لاعتماد هذه التجربة، مستغربا تعثر مشروع رخصة السياقة بالتنقيط بالرغم من الإرادة الحقيقية للتنبيه.
وذكر الخبير في السلامة المرورية الدكتور كواش، بالحوادث التي تتسبب فيها الدراجات النارية، حيث قال «إنّ جميع السائقين يخضعون للقانون العام المنظم لحركة المرور، إلا أنّ أصحاب الدراجات النارية لا يحترمون القوانين « وهم مصنّفين ضمن فئتين، تتعلق الأولى بالكهول التي تستعملها من أجل العمل والتبضغ، أما الثانية فهي فئة الشباب والمراهقين الذين يستعملونها من أجل التباهي، وفي جميع الحالات يجب الصرامة في تطبيق القانون، لأنّ الجانب التوعوي لم يأتي بنتيجة.
 الحل لوقف نزيف الحوادث
استطلعت «الشعب « آراء الكثير من المواطنين حول قرار إلغاء سحب رخصة السياقة، حيث أكد أحد المواطنين الذين وجدناه بمحطة نقل المسافرين ببومعطي بالحراش ،»أنّ الغرامة تخفّف من نسبة الحوادث لأنّ المواطن لا يردع إلا عن طريق الدفع»، في حين قالت إحدى السيدات التي وجدناها عبر خط برج الكيفان «المواطن لا يتوقف عن السياقة المتهورة إلا من خلال العقاب والدفع «
وصرحت أخرى» الغرامة تجعل السائق يفكر مليا قبل أن يرتكب المخالفة «خاصة إن كانت مرتفعة، فالسائق يتريّث كثيرا قبل مخالفة القانون، وأثناء تنقلنا بين أرجاء المحطة تحدثنا مع بعض سائقي حافلات نقل الخواص، أين صرح لنا السائق محمد س « أفضل الغرامة بدل قطع عيشي «، لقد بقيت دون عمل ثلاثة أشهر، في نهاية السنة، بسبب مخالفة بسيطة ارتكبتها ولم أجد كيف أعيل عائلتي، وقال آخر «فرحت القرار سيحل مشاكل السائقين».
 سائقو سيارات الأجرة عبر خط الحراش - واد سمار، رحبوا بالقرار الذي وصفوه بالإيجابي، كونه سيضع حدّا لمعاناتهم كسائقين، على اعتبار أنّ الغرامة أحسن من سحب الرخصة لمدة ثلاثة أشهر، خاصة وأنّهم سبق وأن حرموا من مزاولة نشاطهم، ممّا صعّب عليهم إعالة عائلاتهم، في حين، قال آخر أنّ القرار يسهل عملهم لأنّ سحب الرخصة، أصبح كابوسا يؤرقهم.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19628

العدد 19628

الأربعاء 20 نوفمبر 2024
العدد 19627

العدد 19627

الثلاثاء 19 نوفمبر 2024
العدد 19626

العدد 19626

الثلاثاء 19 نوفمبر 2024
العدد 19625

العدد 19625

الإثنين 18 نوفمبر 2024