انقضى أزيد من ثلاثة عقود كاملة، والشلفيون مازالوا يحملون في ذاكرتهم وعبر محيطهم آثار زلزال العاشر أكتوبر الأسود، المدمّر ذات جمعة. مازالت ذكراه الأليمة عالقة في نفوس كل من عايش تلك اللحظات الرهيبة التي اهتزّت فيها الأرض بعنف وغضب، خاطفة منهم بيوتهم، منتزعة من بين أيديهم فلذات أكبادهم وأقرب الناس إليهم.
الشلف مازالت تتذكّر باستياء حتى طبيعتها الصامتة التي خسرت مساحات واسعة من أراضي خصبة وبساتين البرتقال شاهدة على هول ما حدث، ولم تنس لأنّ البناءات الجاهزة التي احتضنت الآلاف من المنكوبين لمدة مؤقتة حية شاهقة رغم انتهاء صلاحيتها، تشهد وتذكر كل من نسي الحادثة الأليمة والكارثة المفجعة.
بعد ٣٢ سنة من الفاجعة المروعة، مازال العديد من مواطني الشلف يحلمون باستبدال بناءاتهم الجاهزة بسكنات لائقة تختفي منها الحشرات وقساوة الطبيعة من حر صيفي وبرد شتوي ورطوبة مزعجة.
والخوف في الشلف لم تبدده السنوات الطويلة من امكانية عودة لعنة زلزال مشؤوم والحرص القائم، البناء بمقاييس مضادة لأي عصف زلزالي يضرب منازلهم .
بداية التحقيق كانت التقصي عن المناطق المتضررة ومصير كل من هدم بيته ورحل إلى شاليهات عمّرت حسب أصحابها فوق مدة صلاحياتها، ثم الوقوف على آثار الزلزال في الطبيعة، وحتى داخل النفوس التي مازالت مرعوبة تهتز لمجرّد سماع أي حركة خارجية قوية لشاحنة وما أشبه ذلك وترتبك خوفا.
وأدركنا حقيقة أنّ الآلاف من المنكوبين إثر الزلزال تمّ نقلهم إلى بلدية الشطية، والتي مازالت تحتفظ بالعديد من البناءات الجاهزة لم يتمكّن أصحابها من استبدالها لعدة أسباب، حتى مقر البلدية يحتفظ بالشاليه المتّخذ مقرا له منذ سنوات طويلة .
ويذكر أنّ عدة مؤسسات مازالت تتّخذ الشاليه مقرا لها، وقيل أنه أدخلت على البناءات الجاهزة تلك العديد من التحسينات .
ومن بين البلديات والمناطق التي احتوت المنكوبين ونصبت على أراضيها البناءات الجاهزة من دون تحديد موعد إخلائها: أولاد محمد، الزبوج، الشرفة، الرادار، والحسانية والحمادية.
هاجس مرض الحساسية وقساوة الطبيعة
وجدنا عائلة ''قسي أحمد'' التي تقطن شاليه متكون من ثلاثة غرف، لم تنسى هول تلك اللحظات التي عاشتها يوم الزلزال، وحاولت الابنة ''سعيدة'' أن تطلعنا على معاناتهم في ذلك البناء الجاهز، الذي قالت أنّهم يقطونونه منذ سنة ١٩٨١، وفي فصل الشتاء يتبلّلون من قطرات الماء، أما صيفا الحرارة بداخله حارقة، حتى أصيب جميع أفراد العائلة بالحساسية حسب تأكيدها، وذكرت أنّهم أودعوا ملفا من أجل الحصول على الدعم لهدم الشاليه، واستاءت من غياب المحلات التجارية بالشطية لاقتناء حاجياتهم، واتّفقت مع العديد من المواطنين أنّ هول ورهبة الزلزال والإرهاب الذي عصف بالمنطقة جاثما على قلوبهم.
واسترجعت السيدة ''حليمة عباد''، ٧٠ سنة، ذكرى الزلزال التي قالت أنّها لن تنساها حتى تغادر هذه الدنيا، وروت لنا كيف باتت رفقة العديد من العائلات في العراء، وقدّم لهم الجيش الوطني الوجبات الغذائية والغطاء والخيم، وبأسى أخبرتنا أنّه كلما تسمع بارتدادات الزلزال لا تستطيع تناول غدائها وعشائها، وتحتفظ بصورة هروبهم إلى الغابة ومجيء الطائرة العسكرية التي حمّلت الجرحى لتنقذ حياتهم .
بينما السيدة ''بختة'' مازال أثار الزلزال على جسدها، وتتذكّر رغم صغر سنها كيف فقدت أسنانها بعد سقوط المنزل على رؤسهم، وتأسّفت كون الأخصائيين النفسانيين لم يسخروا من أجل متابعتهم مرتين بعد الزلزال وعشرية الارهاب لأنّهم كما اعترفت مصابين بالهلع، وتساءلت عن الاحجام في فتح مستشفى للعلاج النفسي.
وسردت ''بختة'' قصة عائلتها التي كانت تقطن البقعة وبعد الزلزال وجدت نفسها تسكن بناء جاهزا بالشطية، ولأن والدها قبل وفاته كان بطّالا لم يتسنّى لهم تسديد أجرة الكراء، والآن كما أوضحت يشترط عليهم تسديد ما عليهم من ديون الايجار حتى يستفيدوا من الدعم والإعانة المخصصة لاستبدال الشاليه ببناء لائق، وتأسّفت كون والدها لم يترك لهم المال، وينتظرون مساعدة إخوتها حتى يغطّون تكاليف نفقاتهم اليومية .
مخاوف من الاصابة بالسرطان الرئوي
وحذّر السيد ''العرفي الميلود'' من المخاطر التي يحملها ما تبقى من بناءات جاهزة، لأنّه يرى حسب ما أكّد الأطباء الذين تردّدوا عليهم للعلاج والشفاء من مرض الحساسية أنّهم مهدّدين بالسرطان الرئوي إذا ما لم يتم القضاء على البناءات الجاهزة بصورة نهائية، وذكر أنّ نقطة استفهام كبيرة تطرح إذا كانت الشكوك المطروحة واردة في ظل وجود العديد من النسوة مصابات بداء السرطان الخبيث، ممّا يستدعي حسبه فتح تحقيق للتقصي عن صحة المواطنين.
ويرى متحدثنا في مقام آخر أنّ الاعانة المقدّمة من طرف الدولة والمقدّرة بـ ١٢٠ مليون سنتيم غير كافية حسبه لتشيد منزل يضمّ ثمانية أشخاص خاصة أضاف العرفي، مؤكّدا بوجود شروط كثيرة يتطلبها ملف الاستفادة من إعانة الدعم لمغادرة البناء الجاهز.
ولم يشف ''قيد حميد''، ٤٥ سنة، من الهلع الذي مازال يسكنه، حتى أنّ أثار ألم الزلزال لم يغادر ذهنه، ويستعيد مع كل صدمة صغيرة أو كبيرة نفس اللحظات التي عاشها يوم جمعة اسود، وفوق هذا وذاك مصاب بفيروس الحساسية التي قال أنّه لن يشفى منها مادام مسكنه شاليه، واتّفق مع العديد من سكان حيه من الذين التقينا بهم أنّ خشب الشاليه تنبعث منه رائحة جد كريهة، إلى جانب حالة الطرقات السيئة خاصة على مستوى الشطية وداخل الأحياء، حيث يضطرون إلى الاستعانة بالأكياس البلاستكية للعبور لتفادي التلطخ بالطين المبللة بمياه الشتاء، فضلا عن غبار الصيف.
البناء الجزئي قبل الاعانة...شرط تعجيزي!
واستصغر ''زكار العيد'' مبلغ الاعانة لاستبدال الشاليه بسكن لائق على اعتبار أنّ أسعار الاسمنت وكذا مواد البناء في ارتفاع صاروخي فاحش، واستهجن اشتراط أن يبدأ صاحب الشاليه في عملية البناء الأولية كانجاز الأرضية كي يستفيد من الإعانة ووصفه بالتعجيزي، ويعتقد أنّ العديد من المعنيين باستبدال مساكنهم الجاهزة ليس لديهم مبلغ ٤٠ أو ٥٠ مليون على الأقل كي يشرعوا في عملية البناء.
واسترجع محدثنا مع العديد ممّن عايشوا تلك اللحظة الممزوجة بالكثير من الرعب والألم ترتيب الاحداث، وتلميم الجراح ووفاء الجيش الوطني الشعبي في تمويل المنكوبين طيلة سنة كاملة دون انقطاع بكل ما يحتاجونه من مأكل وأدوية وأغطية.
واشتكى ''مدني محمد''، ٥٥ سنة من الوضع الكارثي الذي ذكر أن الشاليه تدهور إليه، حيث أنّه تحول إلى قبلة يتردد عليها الفئران والحشرات الضارة، وشعرنا من حديثه أنه جد مستاء كون جميع أفراد العائلة التسع مصابة بالحساسية، واعترف أنّه لن ينسى أنّه عندما كان يؤدي صلاة الظهر من يوم الجمعة حتى وجد نفسه في الشارع تحت سيارة و أسنانه تسيل بالدم مصابا بجروح بسبب هزة الزلزال العاصفة، وتحدث عن عدم تأكدهم من انطلاق عملية توزيع الاعانات المقدرة بـ ١٢٨ مليون سنتيم.
كانت أقرب إلى النكتة لكنها حقيقة اطلعنا عليها ''يزة كمال'' عندما كشف أنّ الزلزال يفوقه بخمس سنوات، حيث ولد في نفس يوم وشهر الزلزال، واغتنم الفرصة ليخبرنا بمأساة عائلته التي تتحمل قساوة ما اطلق عليه بالبراكة بدل الشاليه، أنّ منزلهم الوضيع مصنوع من خشب ومثقوب من كل جانب ممّا يسهل لنسمات البرد وقطرات المطر ومختلف انواع الحشرات من غزو المكان الداخلي للمنزل واختراقه بسهولة.
ولم يتردّد في طرح مشكل البطالة لأنّ إخوته التسعة كلهم بطالين وفوق هذا وذاك والده متوفي، والتقينا بعائلات فقدت العديد من أفراد أسرتها في ذلك الزلزال العنيف على غرار ''بالي عمر''، الذي فقد في منزل واحد ثلاثة من أبناء أخيه والعديد من أبناء عمومته وأقاربه .
تكلفة ''الشاليه'' ٢٠ مليون سنتيم وينتهي في صنع الأفران
وتقاطع العديد ممّن تحدثنا إليهم بالشلف أنّ رعب الزلزال أو ما أطلقوا عليه بـ ''الخلعة'' مازال جاثما على نفوسهم وأذهانهم، ومع انقضاء السنوات الطويلة عدة أمراض ضايقتهم على غرار الحساسية والربو، ويرون أن عشرية الإرهاب كانت سببا مباشرا لتفشي البطالة ومدة صلاحية الشاليه انتهت منذ سنوات طويلة، على غرار عبد القادر هواري الذي وقفنا معه عند لجوء العديد من السكان إلى نزع صوف الشاليه الذي يظن انه يتضمن مادة سامة تسمى الأميونت، ففي كل مرة تجد كومة معتبرة من تلك الصوف مجمعة خارج أحياء البناءات الجاهزة.
وأسرّ لنا ''هواري'' أنّ كل من يتخلص من الشاليه يعرضه إلى البيع رغم قدمه، لأنّه يوجد سمسار يقتني هذه الخردة بثمن يتراوح ما بين ١٢ و٢٠ مليون سنتيم، وذكر محدثنا في سياق متصل أنّ الشاليهات التي صنعت من قدر اكبر من مادة الحديد مطلوبة أكثر، وعلى حد ما يروج هناك أنّ أحد الخواص يصنع من مادتها الأفران خاصة منها المنزلية .
انزلاق التربة واختفاء بساتين البرتقال
وامتعاض كبير وجدناه وسط الشباب بسبب البطالة التي يتخبطون فيها إلى جانب ضيق واهتراء الشاليه الذي يسكنوه منذ أزيد من ثلاثة عقود كاملة، في ظل اقتناعهم أنّ عمر الشاليه انتهى، تركنا مجموعة من الشباب وسط أحلامهم واعتقادهم أنّ الشطية تعدّ أكبر بلدية في إفريقيا من حيث الكثافة السكانية .
ومن بين ما وقفنا عليه انزلاق التربة بسبب الزلزال ببوزغابة وعدة مناطق أخرى، وخسران العديد من المساحات وبساتين البرتقال، وما لفت انتباهنا أن الانزلاق في بوزغابة في توسع ومرشح لأن تخسر مساحات زراعية خصبة مجددا.
وأطلعنا السيد ''عبروس عبد القادر''، تقني في البناءات، أنّ عدد معتبر من الشاليهات متواجد بالشطية لم يستبدل بعد، بل أنّ النسبة العالية للبناءات الجاهزة تتموقع بهذه البلدية، ولم يخف أن أثار الزلزال مازال جاثما على نفوس الشلفيون لأنّهم كلّهم يحرصون على البناء بمقاييس مطابقة ومضادة للزلازل.
وهناك من أرجع تأخّر المواطنين إلى استبدال الشاليهات ببناءات من الاسمنت إلى الرعب الذي مازال يسكن نفوسهم، ومازال العديد ممّن عاشوا لحظات الزلزال يرتابون من صعود عمارة عالية أو استعمال المصعد.
وحاولنا بعدها ملامسة معاناة السيدة ''بوقواسة عائشة'' التي أخبرتنا بأنّها لا تستطيع أن توفر المال من أجل استبدال الشاليه لأنّها أرملة، وحاولت تشريح وضعهم المزري الذي طال داخل ما أطلقت عليه بالبراكة أو الشاليه.
القضاء على البناءات الجاهزة تواجهه تحديات
اعتبر السيد ''خالد سحايلية''، نائب مدير السكن والتجهيزات العمومية لولاية الشلف، أنّ عملية تعويض المؤسسات في إطار التخلص من البناءات الجاهزة ليست بالعملية السهلة، ويتعلق الأمر باستبدال المؤسسات التعليمية وكذا المتعلقة بقطاع التعليم العالي على وجه الخصوص.
وأشار السيد سحايلية إلى وجود عملية التعويض الجزئي الذي يكسر فيه جزء من البنايات الجاهزة ويحتفظ ببعض الأقسام منها، مثيرا السيد سلسلة من التحديات التي تواجههم في عملية البناء وتعويض المؤسسات خاصة التربوية منها بسب وجود مشكل العقار، هذا ما يتسبب حسبه في تعطل انطلاق عملية البناء في وقتها، فأحيانا تكون الأرض ذات طابع فلاحي، فيستدعي ذلك تدخل الوزارة الوصية، وإمّا أن تكون ملكا للخواص، ويحتاج الحسم في الأمر سلسلة من الإجراءات تتطلب وقتا .
وطرح نائب مدير السكن والتجهيزات العمومية لولاية الشلف، عدة عراقيل على غرار النقص الفادح في اليد العاملة المؤهلة للبناء في ظل غياب التكوين، لأنّ نوعية في عملية البناء لا تكون حاضرة أحيانا أي ليس بالسقف المطلوب، والأمر سار ــ أضاف سحايلية ــ يقول على مكاتب الدراسات، التي حسبه أحيانا لا تكون متعددة التخصصات ويشمل ذلك التخصص في شبكات الغاز والماء والكهرباء، ولم يخف استيائه في الكثير من المرات من الانقطاع في مواد البناء هذا ما يعرقل عملية بناء المؤسسات من مرافق تربوية وصحية وأخرى حيوية، واعترف أنّ عملية انطلاق انجاز المشاريع تتأخر أحيانا لمدة سنتين بسبب توفير الأرض.
واستعرض نائب مدير السكن والتجهيزات العمومية سحايلية ما تم تعويضه من مؤسسات منصوبة بالبناءات الجاهزة، مؤكدا أنّ عملية التعويض انطلقت سنة ٢٠٠٥ بوتيرة سريعة وواسعة، وأشار في سياق متصل أنّه من بين ٣٥ متوسطة لم يبقى من البناءات الجاهزة سوى واحدة توجد قيد الانجاز والثانية سيتم قريبا الانطلاق في أشغالها، ولم يخف أنّه أحيانا تبنى مدرسة مكان البناء الجاهز ويهدم جزأ من المدرسة القديمة، لكن يحتفظ بأقسام من البناء الجاهز على اعتبار أن الاقسام المبنية حديثا محددة بـ ١٦ قسما، أما في البناء الجاهز يصل عددها إلى ٢٠ قسما ولا تكفي كذلك بسبب الضغط لأنّه عندما جاء قرار التعويض حسبه لم تستفد الولاية من برامج إضافية، وقال أنّه يوجد تلاميذ الطور الابتدائي يدرسون في بناء جاهز بأولاد محمد، لأنّ المؤسسة الجديدة توجد قيد الانجاز.
١٥ ابتدائية بالبناء الجاهز قيد الانجاز لم تستبدل
بينما فيما يتعلق بتعويض المدارس الابتدائية من البناءات الجاهزة، كشف أنّه من بين ١٥٨ ابتدائية من البناءات الجاهزة تمّ تعويض ١٤٣ ابتدائية، وتوجد بذلك ١٥ ابتدائية في طور الانجاز لم يتم بعد استبدالها.
ومن بين المؤسسات والمرافق التي لم تستبدل بعد ببناءات أرضية، أوضح سحايلية خالد أنّها تتعلق بمؤسسات التعليم العالي والمتعلقة بجامعة حي السلام الذي توجد بها عدة تخصصات مثل الهندسة المدنية والعلوم الفلاحية، ولم يتم بعد تعويضها.
وبخصوص قطاع الصحة، وقف على عدة مؤسسات استشفائية لم يتم التخلص فيها من البناءات الجاهزة كتلك المتواجدة بكل من أولاد محمد والشرفة والشطية والصبحة والتنس .
وتحدّث السيد ابراهيم بلحيرش عن التعليمة التي تمنح إعانة لاستبدال الشاليه بسكن لائق وذكر انه قبل سنة ٢٠٠٩ لم يتعدى سقفها الـ ٧٠ مليون سنتيم، وفي انتظار المصادقة على التعليمة الوزارية المشتركة يرتقب رفعها إلى حدود الـ ١٢٨ مليون سنتيم.
وقال أنّ عملية استبدال البناء الجاهز ضمن البناء الحضري تودع ملفاته على مستوى خلايا الدوائر باستثناء بلديتي الشلف والشطية توجد خلية خاصة تتكفل بالعملية.
٦٣٠٠ شاليه لم يقتنه أصحابه ومازال مؤجرا
وأكّد والي الشلف السيد ''جامع محمود'' أنّه في إطار استبدال البناءات الجاهزة بالولاية تمّ تحسين ٥ مستشفيات من الشاليهات من الداخل وصارت قابلة للاستعمال دون أن تشكل أي مخاوف أو أخطار.
وتحدّث الوالي مطمئنا عن حقيقة نوعية الشاليهات ذات الجودة العالية والتي تتسع أحيانا لخمسة غرف وأنها قابلة للاستعمال لأكثر من عقدين من الزمن.
وصرّح الوالي أنّ الدولة باعت تلك الشاليهات لأصحابها لذا لا يحق لها التدخل، وقدّر في سياق متصل عدد المواطنين الذين لم يتقدموا بطلب الاقتناء بنحو ٦٣٠٠ شخص ومازالوا يؤجرونها عن ديوان الترقية والتسيير العقاري، مشيرا إلى أنّه أزيد من ١٢ ألف شخص اقتنوا تلك الشاليهات.
وتحدّث الوالي عن طرح عدة مبادرات منذ عدة سنوات لكنها لم تحسم في عملية القضاء النهائي على البناءات الجاهزة إلى غاية سنة ٢٠٠٨، حيث نصب وزير الداخلية والجماعات المحلية السيد دحو ولد قابلية لجنة خاصة مشكلة من منتخبين محليين ويرأسها رئيس المجلس الشعبي الولائي،أوكلت لها مهام تقديم المقترحات عقب سلسلة من الاحتجاجات عرفتها الولاية، وأوضح الوالي في نفس المقام أنّ هذه اللجنة تقدمت بمقترحات للحكومة تلخّصت في أنّ تسهل عملية اقتناء الشاليهات لأكثر من ٦٠٠٠ عائلة حيث تمكنهم من شراء الشاليه بالمبلغ القديم المقدر بـ ٣ ملايين سنتيم مع تقديم مساعدات لهم بغرض البناء .
وذكر الوالي أنّ الولاية في السابق برمجت إنجاز ٦٣٠٠ مسكن لترحيل سكان الشاليهات، غير أنّهم رفضوا الترحيل واختاروا البقاء في البناءات الجاهزة.
وأعلن الوالي جامع أنّه تمّ تسجيل ما لا يقل عن ١٨٣٦١ بناء جاهز بالشلف، وتمّ استقبال ٢٠٠٥ ملف طلب الاستبدال بسكن لائق، إلى جانب تسجيل ١٧١٦ مسكن جديد تمّ التخلي فيه عن الشاليه، ونحو ٢٨٩ مسكن في طريق الانجاز ليحل محل البناءات الجاهزة.
وأفاد والي الشلف أنّ عملية استقبال ملفات طلب الإعانة للتخلص من البناءات الجاهزة جارية، حيث تودع على مستوى اللجان، مشيرا إلى وجود التعليمة الجديدة التي ستدخل حيز السريان للرفع من الإعانة إلى سقف ١٢٨ مليون سنتيم
لا بديل عن تشييد بناءات مقاومة للزلزال
أكّد البروفيسور ''عبد الكريم شلغوم''، رئيس نادي المخاطر الكبرى وخبير في الهندسة المقاومة للزلزال، أنّ الزلزال آفة ذكية وظاهرة طبيعية يستحيل توقع توقيت حدوثها، وقال يجب أن نكون أذكى منها عن طريق تشييد بناءات مقاومة للزلزال، لأنّه مع هذه البناءات المطابقة يستحيل أن تسقط.
ويرى أنّ البنايات بولاية الشلف بإمكانها مقاومة أي هزة زلزالية عنيفة حيث لن تسقط البنايات، ولن تكون خسائر مادية وبشرية وربما يقتصر الأمر على تشققات.
وطمأن البروفيسور شلغوم أنّه حتى في حالة ضرب الزلزال العنيف عند اتباع المقاييس القاعدية، يمكننا أن نتفادى سقوط أي ضحايا.
وشدّد الخبير شلغوم على ضرورة ترميم البنايات القديمة أو إعادة تصحيحها حتى تكون مضادة لأي ضربة زلزال ومقاومة لها، وذكر الخبير في سياق متّصل أنّ ولاية الشلف لا توجد بها الكثير من مثل هذه البنايات، وإنما تتسع رقعتها بالعاصمة على وجه الخصوص، والعاصمة ليست حسبه في معزل عن الزلزال، لذا أشار إلى ضرورة التكفل بهذه البنايات في أسرع وقت .
ومن بين النصائح التي قدّمها البروفيسور شلغوم عبد الكريم حتى تصمد البنايات في وجه أي ضربة زلزال عنيفة أن يلجأ المواطنون إلى استشارة مهندس معماري ومهندس مدني، إلى جانب دراسة ولو سطحية للتربة قبل الإقدام على أي عملية بناء حتى يتم الوقوف على مدى قوة تحمل تربة الأرض لأي هزة أرضية، إلى جانب متابعة مواد البناء
وذكر البروفيسور أنّه إذا تمّ توفير كل هذه الشروط يستحيل أن يسفر أي زلزال عنيف عن أي ضرر جسيم مع تفادي الخائر البشرية، كونه في الهندسة المقاومة للزلازل يأخذ بعين الاعتبار أن لا تسقط البناية في حالة الزلزال العنيف.