النّزاع اليمني - اليمني

الإنسداد والخيارات الصّّعبة

جمال أوكيلي

إزداد النّزاع اليمني - اليمني تعقيدا إلى درجة أنّه بلغ سقف الإنسداد عقب التّصريحات الحاسمة الصّادرة عن «الأطراف الشّرعية» الرّافضة للخطّة المقترحة من قبل المبعوث الأممي اسماعيل ولد الشيخ، والتي وصفت بـ «المنحازة» لجهات أخرى متصارعة على هذه الأرض.
والمستجد في هذا الملف أي العنصر الذي فاجأ المتتبّعين للشّأن اليمني هو إعلان وقف إطلاق النّار في غياب «الحكومة الشّرعية» الممثّلة بالرئيس عبد ربه منصور هادي بحضور كيري في مسقط. من هنا حدث كل هذا التحوّل الإستثنائي في موقف القيادة اليمنية، فما هي الحظوظ المتبقية لتجاوز هذا الوضع الصّعب؟
من الصّعوبة بمكان العثور على تلك الإجابة السياسية الجاهزة في سياق كهذا، خاصة بعد أن أعلن الرّفض الرّسمي «للخطّة الأممية من طرف المسؤولين اليمنيّين المعنيّين مباشرة بمصير وطنهم، وهذا في حدّ ذاته عودة صريحة إلى نقطة البداية، وكأنّ شيئا لم يكن من قبل للأسف.
لذلك فإنّ قرار الحكومة الشّرعية القاضي بعدم السّير في هذا الاتجاه، وتجاهل منطق الأمر الواقع المفروض من جهات أخرى ناجم عن الشّعور بالإجحاف والإحباط جرّاء وضع تلك القيادة أمام خيارات قاسية والتزامات أليمة، غير أنّ ملاحظة التّفاوت في مخاطبة البعض دون البعض الآخر هو الذي أدّى إلى هذا التصلب.
وضمنيا فإنّ السيد إسماعيل ولد الشيخ يحمّل جماعة عبد ربه منصور هادي مسؤولية ما يقع في اليمن، وانطلاقا من هنّا فإنّه تموقع إلى جانب خصوم الحكومة الشّرعية، وهذا انزلاق مخيف يتطلّب الأمر تجاوزه في أقرب وقت ممكن.
ما طرحه المبعوث الأممي لا يلتقي مع التوجّهات الأخرى، من باب أنّه أراد إقصاء جهة فاعلة، وإملاء عليها خارطة طريق جديدة بعيدة كل البعد عمّا تمّ الاتفاق عليه فيما سبق. ويستند الشّرعيّون في طرحهم على ما يسمّونه بـ «المرجعيات الدولية» الحاملة لمضامين قادرة على تسوية هذه الأزمة الأمنية سواء بالنسبة لما أقرّه مجلس التعاون الخليجي، ومخرجات الحوار الوطني. هذه التّفاعلية في الحركية السياسية تعتبر معالم الحل المأمول، إلاّ أنّ ما حدث مؤخّرا دمّر كل هذا المسعى، وأنزله إلى مستويات محرجة حقّا خاتمتها أو نهايتها الإنسداد الذي أوصل الجميع إلى هذه النّقطة، وما دام أنّ التصور للتّسوية السياسية وضع على هذا النّحو، فإنّ الرّفض سيكون هو سيّد الموقف إلى غاية تصحيح هذه الاختلالات بالعودة إلى الوقائع المتّفق عليها عند بداية النزاع. فهل تسرّع المبعوث الأممي هذه المرة من أجل التوصل إلى صيغة تسوية معيّنة؟ المؤشّرات الأولية تحوي بأنّ المنطلقات الأساسية لبناء منظومة الحل الدائم في اليمن أبعدت مكوّنا فاعلا وأساسيا، عند إعلان وقف الأعمال العدائية، ألا وهو عبد ربه منصور هادي وكل من معه، وقد يكون هذا العمل هو الذي أدّى إلى كل هذا الخلط بسبب عدم تقدير النّتائج الوخيمة التي قد تنجر عنه، وهذا ما حصل بالفعل عندما أعلن عن وقف إطلاق النّار في مسقط  دون حضور الحكومة الشّرعية.
وعليه، فإنّ الخطّة الأممية المراد تطبيقها مبنية أساسا على مبدأ إزالة مظاهر التسلح باليمن، وفسح المجال للعمل السياسي من خلال ما هو مطروح من بدائل في غضون الآفاق القادمة، غير أنّه يصعب بلوغ هذه المرحلة نظرا لعدة اعتبارات فرضتها الحرب المرتبطة ارتباطا وثيقا بالحكومة الإقليمية.
لذلك فإنّ اليمنيّين أمام وضعين وهما الإنسداد السياسي والخيارات الصّعبة سواء تعلّق الأمر بجماعة الشّرعية أم الآخرين الموجودين بالميدان، وفي كل مرة تكون الكرة عند طرف من هؤلاء الأطراف تقف كعقبة في أي تقدّم يذكر، فما هي الفرص المتاحة أمام كل المتصارعين بعد عجز المبعوث الأممي في عرض حلول تتوجّه لجوهر الأزمة.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19629

العدد 19629

الجمعة 22 نوفمبر 2024
العدد 19628

العدد 19628

الأربعاء 20 نوفمبر 2024
العدد 19627

العدد 19627

الثلاثاء 19 نوفمبر 2024
العدد 19626

العدد 19626

الثلاثاء 19 نوفمبر 2024