قبل أيام أكد السفير الأمريكي في نيجيريا »تيرانس ماكولي« أهمية تبني توجهات اقتصادية واجتماعية تركز على حل مشكلة الفقر المنتشر في شمال نيجيريا لدرء خطر جماعة »بوكو حرام« المدرجة في قائمة الارهاب.
وشدد »ماكولي« على ضرورة اتباع توجهات جديدة للتعامل مع العنف الذي تمارسه »بوكو حرام« وعدم الاعتماد الكلي على الحل الزمني.
ولم يفوت السفير الأمريكي الفرصة ليشير الى العلاقة التي تربط هذه الجماعة التي أعلنت مسؤوليتها عن العديد من العمليات الاجرامية التي شهدتها نيجيريا في السنوات الأخيرة بالمجموعات الإرهابية في شمال مالي.
ويبدو جليا من خلال تأكيداته، أن الدبلوماسي الأمريكي وضع يده على الجرح وحدد واحدا من أهم عوامل انتشارالعنف وتحوله الى الارهاب.
فالتهميش السياسي والغُبن الاقتصادي وانتشارالأمية والبطالة والفقر كثيرا ما تخلق بؤرة متعفنة تنمو فيها بذورالجريمة بكل اشكالها ودرجاتها.
فالعنف والارهاب هما إبنا الاقصاء والتفقير، واللاعدالة في توزيع التنمية والثروة واحتكار السلطة.. ومحاربتهما يعني حتما كما قال »ماكولي« محاربة سياسة التهميش والتفقير التي تجعل الفرد ناقما على مسؤوليه، ضعيفا أمام اغراء المال قابلا ليكون طوع ايدي المجموعات الاجرامية والارهابية لتنفذ من خلاله عملياتها وأجنداتها التدميرية.
السفير الأمريكي وضع أصبعه على الجرح كما قلت »فبوكو حرام« التي صنفتها أمريكا قبل سنتين ضمن المجموعات الارهابية، هي نتاج اقصا ء وتهميش ظل ولايزال شمال نيجيريا المسلم عرضة له، كما أنها محصلة لما يعانيه المسلمون الذين يشكلون الأغلبية من تعسف الأقلية المسيحية المتنفدة في مختلف دواليب السلطة والاقتصاد، والتي جعلتهم مواطنين من الدرجة الثانية، فالمسلمين في نيجيريا الذين يرتكزون أساسا في الشمال الفقير يعانون من فقرمدفع وبطالة وأمية وأمراض ويمنعون من بنا ء المساجد وتسرق أراضيهم دون أن تنصفهم العدالة التي تميل كفتها دائما الى المسيحي وحتى الغرب فانه يتستر ويتغاضى كالعادة عن كل مايصيبهم لأنهم ببساطة مسلمين..
المسلمون في شمال نيجيريا، التي رفعت» بوكوحرام« لواد الدفاع عنهم بأسلوب إجرامي مرفوض مهما كانت مبرراته، يشكلون نموذجا فضيعا للتهيمش والاقصاء والظلم، فهم لايحصلون على وظائف وان تم فبعد مقايضتها بدينهم، وليست لهم أي فرصة لمواصلة تعليمهم العالي فلا وجود لجامعات عربية او اسلامية في العديد من الولايات خاصة الجنوب الغني.
إن الظلم المسلط عليهم هوما يفرز الحقد والغل في نفوس الكثيرين وهوما يدفع الى التطرف والعنف وربما الانخراط في مجموعات ارهابية، لهذا فمحاربة الارهاب، لا تكون بالسلاح فقط بل من خلال مكافحة مسبابته ، ففي نيجيريا مثلا يمكن لسياسة تقضي على التهيمش الذي يعانيه الشمال واشراكه في السلطة واستفادته من برامج إنمائية ومشاريع خالقة للوظائف أن تعيد التوازن المفقود والطمأنينة والرضا الى النفوس الناقمة ، فيستتب الأمن ويندثر دعاة الارهاب الذين يعيشون دائما كالطحالب في المياه العكرة.
ومثل نيجيريا، على دولة مالي أيضا أن تلتفت الى الشمال الذي ظل على مرّ الأزمنة يعاني التهميش والاقصاء مما حوله الى أرضية خصبة لاحتضان الارهاب وعصابات الجريمة المنظمة ودفع ببعض التوارق الى اعلان الانفصال.
السفير الأمريكي في أبوجا، قدم الوصفة الدقيقة للتخلص من الإرهاب، والمؤكد انه توصل الى هذه النتيجة من خلال التجربة الأمريكية في محاربة هذه الظاهرة.
فبعد أكثر من عقد من الحرب اللامتناهية، توصلت الادارة الأمريكية الى أن السلاح وحده لايكفي لمحاربة الارهاب، بل يجب أن تسبقه حرب ضد التهميش والاقصاء والتمييز، وأن يتم توزيع الثروات وحتى المآسي او الآزمات بانصاف .
حلول جذرية لمحاربة الإرهاب
تجاوز الطرح الأمني
فضيلة دفوس
شوهد:1351 مرة