الدراما الجزائرية استثناء وهي غير قادرة على لعب هذا الدّور
اعتبر المخرج ورئيس جمعية المسرح الجديد ليسر عبد الغني شنتوف في معالجته لزاوية البعد الإنساني في الإبداع الفني، «أن كل عمل إبداعي حتى وإن تعدّدت أساليب تعبيره يحمل في عمقه ذلك الجانب الإنساني الذي يحاول من خلاله الفنان ترجمة مشاعره وأحاسيسه نحوالآخر مهما اختلفت التوجهات والثقافات، وبذلك لا يمكن أن نجد أعمالا فنية حتى وان كانت محلية تغيب عنها صبغة العالمية ومخاطبة الآخر بهذه اللغة المشتركة ولوبصفة متفاوتة.
انطلق المخرج المسرحي عبد الغني شنتوف من فكرة تشكل قاعدة فنية، وهي «أنّ الفنان مهما كان وأيا كانت مجالاته الإبداعية لا يمكن أن يتجرد من جانبه الإنساني الذي يحمله بداخله اتجاه الآخر كشعور مشترك للتقارب والعيش معا بسلام ومحبة والتعبير عن الأحاسيس والعواطف، والرغبة في تمرير رسالة قد تتجاوز الحدود الجغرافية والثقافية وحتى العرقية والدينية ولو بطريقة ضمنية من خلال الأعمال الفنية والإبداعية المعالجة سواء عن طريق الكتابة الروائية، الشعر، السينما، المسرح والفنون التشكيلية لأن الموضوع يعكس حالة شعورية أو ما يعرف بالعقل الباطني للفنان». وأضاف المسرحي عبد الغني شنتوف بالقول: «في المجال المسرحي نجد أن النصوص العالمية المقتبسة من كتابات وروايات ذائعة الصيت تكون أحيانا الأكثر تعبيرا عن الجانب الإنساني بالنظر إلى بعده العالمي وترجمتها إلى العديد من اللغات، وبالتالي تكون رسالتها أكثر تعبيرا وأكثر تأثيرا على الجمهور المتلقي، مع ذلك تبقى الكثير من الأعمال الفنية المحلية خاصة إذا كانت مقتبسة من نصوص مسرحية وروائية ذات مستوى ومعبرة فعلا عن قضايا ومشاكل اجتماعية وإنسانية قد تكون مشتركة مع مجتمعات أخرى بشرط تمتعها بمستوى فني راقي من حيث الإخراج والأداء على الركح وقدرتها على تمرير هذه الرسالة الإنسانية..».
الكثير من الجهود مطلوبة للاستفادة من التنوع الثّقافي الوطني
في سؤال حول تقييمه لمستوى الأعمال الفنية المقدمة محليا وأكثر الأنواع الإبداعية تعبيرا عن هذا البعد الإنساني والتنوع الثقافي الذي تزخر به الجزائر، أكّد المخرج «أنّ الأعمال الفنية التي تعبر بالصورة والصوت مثل السينما والأعمال الدرامية يكون لها أكثر وقع وتأثير على المتفرج وقدرة كبيرة في نقل مضمون الرسالة الفنية إلى الجمهور العريض، والدليل قدرة الأفلام السينمائية العالمية في الترويج للثقافة العالمية والأمريكية بالخصوص، بالإضافة إلى هذا تلعب الأعمال الأخرى المعبر عنها عن طريق اللوحات الفنية وكذا الكتابات الشعرية والروائية والعروض المسرحية والموسيقية دورا مهما أيضا في نقل هذه الثقافة الإنسانية المشتركة وتبادلها مع الغير، وهنا يمكن الإشارة إلى الكثير من الإبداعات الجزائرية والكتابات التي وصلت إلى العالمية واستطاعت نقل صورة عن واقع الإبداع في الجزائر وذلك الكم الهائل من الأنواع الفنية والزخم الذي تتميز به الثقافة الجزائرية المتميزة.
مع ذلك انتقد المسرحي عبد الغني شنتوف الأعمال الدرامية الجزائرية المقدّمة عبر المسلسلات في التلفزيون التي وصفها «بالعبثية»، ولا تحمل ذلك البعد الإنساني وليس لها قدرة في التعبير عن العمق الفعلي والتميز الذي تتمتع بها الثقافة الوطنية ومستواها الراقي، معتبرا «أنّ الإنتاج الدرامي الحالي بعيدا عن المستوى المطلوب وأغلب الأعمال الحديثة تتميز بالسطحية والتفاهة من حيث المواضيع المعالجة، وهو ما جعلها غير قادرة على حمل هذه الرّسالة الإنسانية العالمية على عكس الإبداعات القديمة التي قدّمها التلفزيون الجزائري..».