مواقع التواصل الاجتماعي أسهمت في زعزعة مركزية النشر الورقي
ترى القاصة والأستاذة الجامعية غزلان هاشمي بأن العالم الافتراضي أفضى إلى تفعيل النقاش حول القضايا الراهنة، من خلال إشراك أكبر عدد من المثقفين، كما ساعد على التبادل الثقافي وتمكين المثقف من اختزال تجربته دون المرور بعمليات معقدة يفرضها النشر الورقي، وقالت بأن مواقع التواصل الاجتماعي أسهمت بشكل كبير في زعزعة مركزية النشر الورقي وتراجع نمط القارئ التقليدي أسهم في حدّ ذاته في عملية الإبداع..
أكدت الأستاذة غزلان هاشمي أنه لا يمكن للعالم الافتراضي أن يكون بديلا عن وسائط التعليم التقليدية، لكنه يسهم بشكل كبير في خلق فعالية حوارية حول ما تمّ اكتسابه، وفي زعزعة اليقينية التي تفرضها الصبغة التلقينية، مشيرة إلى أن العالم الافتراضي أفضى إلى تفعيل النقاش حول القضايا الراهنة، من خلال إشراك أكبر عدد ممكن من المثقفين، كما ساعد على التبادل الثقافي بعد تسهيل عملية التواصل، ولو أنه أسهم في حالات كثيرة في تعزيز الصبغة التبجيلية وفي الصنمية وعبادة الأوثان البشرية، بل وأدى ـ تقول ـ إلى تأجيج الصراعات والحروب الكلامية.
وأضافت أنه في كل الأحوال يمكن تحويله إلى فضاء انتقائي من خلال خاصية الاختيار، مشيرة إلى أن التكتلات الثقافية والأدبية تشهد انتشارا في مواقع التواصل الاجتماعي، لكن غلب عليها التواطؤ من خلال المجاملات المتبادلة، ومن خلال تشجيع الانفلات المعياري والتسيب الثقافي الذي سببته فوضى المعايير، واعتبرت المتحدثة وجود المتخصصين والحوارات الفاعلة في هذه المواقع أفضى إلى تحقيق نوع من الضبط المعياري، وإلى تشجيع الطاقات الشبابية المغيبة.
«استخدام مواقع التواصل بدون مبالغة
حتى لا تؤدي إلى الانفلات القيمي»
غزلان هاشمي قالت بأن الفضاء الأزرق إمكان وجودي، وتحقّق ومقاومة للغياب والنسيان، فمن خلاله تمكّن المثقف من اختزال تجربته وتقديم رؤيته دون المرور بعمليات معقدة ومطولة يفرضها النشر الورقي، وترى بأنه من خلال الفضاء الأزرق تحرّر من سلطة الرقابة ليقدم بوحا على هامش الحقيقة بما هي مفاعيل سلطوية، وليمنح وعيا بمكانة الذات وعلاقتها بكل آخرية مؤسسة على الحوارية وعلى التعدد المفضي إلى إلغاء الأحادية والرؤية الاقصائية والاستبعادية، وحسب المتحدثة فالفضاء الأزرق تفعيل لمسافات الصمت وخوض في المعتم والمسكوت عنه، لكن دون مبالغة قد تؤدي إلى الانفلات القيمي وتلاشي الحدود بما يمسّ كرامة الآخرين.
وفي سؤال حول ما إذا أضحت مواقع التواصل الاجتماعي أقرب وسيلة لكسب القراء، ولذلك أصبح المبدع يلجأ لنشر أعماله الأدبية ونشاطاته من خلالها، أكدت القاصة غزلان هاشمي أنه لا يمكن إنكار بأن مواقع التواصل الاجتماعي أسهمت بشكل كبير في زعزعة مركزية النشر الورقي، وفي تسهيل عملية التبادل الثقافي، معتبرة أنه من خلال آنية الطرح وتعدد الخيارات تراجع نمط القارئ التقليدي، ليظهر قارئ نوعي جديد، أسهم هو في حدّ ذاته في عملية الإبداع، من خلال محاورة النص وتعديله والإضافة عليه.
وأشارت هاشمي إلى أن الحوار الأدبي الحاصل بعد وضع النص مباشرة شجع المبدعين على نشر أعمالهم وأخبار نشاطاتهم، وقالت «النقد بما هو ممارسة نخبوية بدأت تتراجع بسبب صبغتها الاقصائية، وبسبب ظهور جيل يفضل الحوار المفضي إلى التعدد واحترام الاختلاف، وإلى تقليص مسافة الصراع»، معتبرة انتشار النصوص على اختلاف موضوعاتها وأشكالها في هذه المواقع، أكبر دليل على هذا التقبل وعلى ظهور هذا التلقي الإيجابي.
«تفعيل التعاون المعرفي والتعرف على الطاقات الأدبية»
وعما قدمته وسائل التواصل الاجتماعي للمثقف ولها ككاتبة وأستاذة، قالت المتحدثة بأن الحقيقة التي لا يمكن إنكارها أن هذا الفضاء أسهم في انتشار اسمي كقارئة ومحاورة للنصوص على اختلافها، من خلال الإحالة على المقالات والبحوث، وكذا نشر أخبار المؤلفات والمشاركات، مؤكدة في سياق حديثها بأنها وجدت تفاعلا وتجاوبا من قبل قراء من مختلف الجنسيات، هذا إضافة إلى إتاحة فرصة التعرف على الطاقات الأدبية الجديدة، وكذا التعرف على تجاربها، مع تفعيل التعاون المعرفي من خلال الدعوات الموجهة للطبع أوللتأليف المشترك أوللمشاركة في مختلف الفعاليات الثقافية والأدبية.