لهم هيبة خاصة ومكانة مرموقة في الذاكرة الشعبية، وتغنى بهم العديد ومدح الكثير بطولاتهم وتضحياتهم من خلال القصائد والنصوص الأدبية، كما خلد بعض المصورين صور جثثهم الطاهرة، لتبقى بصمتهم حاضرة في مجال الأدب والثقافة ، كمرجع للشجاعة والبسالة والموت في سبيل الوطن. إنهم شهداء الجزائر الذين يقف العالم بأسره حائرا أمام عددهم الهائل، مسمين بذلك الوطن ببلد المليون ونصف المليون شهيد، الذين ضحوا بالنفس والنفيس من أجل استرجاع السيادة الوطنية.
وهاهو الوطن يعترف دوما وأبدا بتضحياتهم، فأسماؤهم باقية محفوظة في الذاكرة من خلال تسمية المؤسسات الوطنية والشوارع والساحات، ومخلدة في النصب الثورية في مقابر الشهداء، ومدونة أكثرها في الكتب والنصوص التاريخية. وحتى لا ننسى، فاليوم الوطني للشهيد يعود كل 18 من شهر فيفري ليستوقف الجزائر حكومة و شعبا ليستذكر الكبير والصغير والرجل والمرأة والشاب والكهل البطولات وتضحيات الرجال والنساء والأطفال الذين سقطوا في ساحات الوغى. وقد جاءت هذه السنة رسالة رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة، مشيدة بهذه التضحيات المجيدة وبأهمية الاعتراف والعرفان للشهداء كما توضح ذالك هذه العبارات : «إنه اليوم الوطني للشهيد الذي دأبنا على الاحتفاء به والوقوف على معاني التضحيات الجسام لبنات وأبناء وطننا المفدى من أجل الاستقلال والحرية والعزة والكرامة، التي رسم الشهداء فيها أروع الصور في رفض الاستبداد والاستعباد ونبذ القهر والظلم، رافعين راية التحدي بكل قوة وعنفوان، لا يرهبهم ولا يثنيهم عن بلوغ هدفهم المنشود جبروت وطغيان العدو، الذي تفنن في استعمال كل الوسائل المادية والمعنوية التي صاغها لتبرير أفعاله في قهر الشعوب ونهب خيراتها.
ولم تبق الثقافة على حياد، فهي الأخرى تعتبر شهداء الوطن بمثابة شخصيات وطنية و مراجع تاريخية قوية تقدم للأجيال في صور أبطال مغاوير، فكم من قصيدة أو أنشودة وطنية تغنت بالشهيد، كالأغنية الخالدة : يا شهيد الوطن»، أو الأغنية الوطنية « إخواني لا تنساو الشهداء «، وكم من قصيدة مازالت تغذي الروح الوطنية من خلال قصص من ضحوا من أجل الوطن، وكم من نص رائع و رواية حملت بين صفحاتها أمجادهم وحكاياتهم وشجاعتهم .
نصوص ترجمت بعضها إلى عروض على الركح، كنص الأديب الطاهر وطار، الذي جسده الممثل والمؤلف الراحل احمد بن قطاف في مسرحية « الشهداء يعودون هذا الأسبوع». و كم من سيناريو شيق سلط الضوء على البعض من البطولات، من خلال ترجمته إلى أفلام كفيلم زبانة، وفيلم العربي بن مهيدي، وأفلام أخرى تروي حكايات أبطال من أبناء الشعب الجزائري، كفيلم « معركة الجزائر، والعفيون والعصا والمقولة الشهيرة فيه : « علي يموت واقف».
إنهم الشهداء الذين قال اليوم رئيس الجمهورية من خلال رسالته بمناسبة يوم الشهيد: « علينا أن ننحني في هذا اليوم باحترام وخشوع لأولئك الذين كرمهم الله بآيات الثناء ومنحهم الخلود، أولئك الذين ضحوا بأرواحهم من أجل أن يستقل وطننا ويتحرر شعبنا، وسمحوا لنا بأن نشهد هذا اليوم الذي نتذكرهم فيه ونعترف بما لهم علينا من فضل وعلى كل ما عملناه ونعمله في سبيل تقدم بلادنا ورقيها»، ولن يكون الاحترام و الخشوع لأرواحهم كاملا دون أن يهتم الأدب والفن والثقافة بمسيراتهم وبطولاتهم، ينظمها قصائد ويكتبها قصصا وروايات، تحكى للأجيال القادمة.