ينوّه، المؤلف الجزائري، نجيب بن لمبارك، صاحب الموسوعات العلمية الخاصة بالولايات الجزائرية، بالجهود الرسمية التي قامت بها الدولة الجزائرية عبر مؤسساتها الرسمية من وزارة الثقافة ووزارة المجاهدين ووزارة الشؤون الدينية والأوقاف للحفاظ على الذاكرة التاريخية الجماعية للجزائريين، من خلال إعادة طبع مجمل مؤلفات الكتّاب الجزائريين على غرار عبد الرحمن الثعالبي، عبد الله الركيبي، أبوالقاسم سعد الله، يحيى بوعزيز، أحمد رضا حوحو، زهور ونيسي، عبد الحميد زوزو، وغيرهم، حيث مسّت هذه المؤلفات مواضيع مختلفة تتعلّق بالجزائر ماضيا وحاضرا، وكل الفنون والآداب.
وقد تحقّق هذا الجهد المعتبر والمثمن بالنسبة لوزارتي الثقافة والشؤون الدينية والأوقاف - حسب الأستاذ نجيب بن لمبارك - بمناسبات ثقافية كالجزائر عاصمة الثقافة العربية عام 2007م، وتلمسان عاصمة الثقافة الإسلامية عام 2011م، وقسنطينة عاصمة الثقافة العربية عام 2016م، وكذا في إطار الصندوق الوطني لترقية الفنون والآداب الذي فتحته وزارة الثقافة. كما سارت وزارة المجاهدين على هذا المنوال لنشر كل ما كُتب عن تاريخ الثورة بمناسبات عدة من ذكرى اندلاع الثورة، وعيد الاستقلال، لكن بقي للأسف مناسباتيا، يضيف المتحدث.
وقال أصحاب موسوعة «تحفة البصائر في ذخائر تاريخ مدينة الجزائر عام 2015م»، إن واقع الكتابة عن الثورة كان استعادة السيادة الوطنية يرتكز على تثمين جهاد الشعب دون إبراز أسماء الشخصيات التي صنعت ذلك المشهد الثوري لأن الشعار وقتها كان «الشعب هو البطل»، وكانت كتابة التاريخ من مهام الدولة وفقط وتحت هذا الشعار.
أما اليوم فسقطت كل الممنوعات وأصبح الكلام للأسف مسلّط على سلبيات الثورة وإبراز عيوبها أكثر من الايجابيات، حسب ما أفاد به ضيف جريدة «الشعب»، على الرغم من كونها انتصرت وحطّمت أكبر قوة عسكرية في العالم مدعمة بالحلف الأطلسي، وتضحية ضخمة من الشعب بالنفس والنفيس، وحتى الحجر والحيوان في هذا البلد شارك في الثورة.
وبهذه الحقيقة المرّة المتداولة علنا، فقد الشباب مرجعيته، إذ بعد أن كان يقدّس الثورة، وجعل من مجاهديها ملائكة، أصبحت بعد التناطح والتراشق بين المجاهدين تسقط من برجها العالي، وما كتب لحد الآن حسب صاحب موسوعة «ذخائر حاضرة تلمسان عام 2011م»، هو قطرة في محيط، والثورة عظيمة تستحق أكثر مما نشر، والمشكل يكمن أيضا في عدم إبقاء دعم الدولة للكتاب، وهذا لا يشجّع اقتناء الكتب ومن ثمّ المطالعة، مثمّنا في هذا السياق عمل أم الجرائد يومية «الشعب» التي تبث صفحة أسبوعية خاصة بالتاريخ، لكن المضمون يبقى يتأرجح، وأمام عدم توفر أرشيف اليومية في المتناول، مقترحا إعادة نشر الاستجوابات التي أجرتها مع المجاهدين، وهذا خدمة للباحث والمعرفة عموما.
وكحل لهاته الإشكالية يقترح المؤلف بن لمبارك لكسر هذه العادة السيئة والمتمثلة في الحديث عن الأحداث الهامة للوطن بالمناسبات يقترح تشجيع إنشاء الجمعيات التي توكّل لها مهام التكفل بهذه الأحداث طوال السنة، لأن بقاءها في يد الدولة مضطرة لجعلها مناسباتية لأن المسؤول المعنى بالأمر -سواء كان وزيرا أو مديرا للثقافة ...الخ- مشغول طول الوقت وينظم رزنامته حسب مواعيده التي تملأ وقته، ولا وقت له لمتابعة شيء واحد طول الوقت، ولا حتى تكليف مصلحة بذلك، لأنه عن فعل ذلك يتشتت عمل الوزارة.
وبخصوص ما كتب عن الثورة وأمجادها من طرف المجاهدين فهو ـ يضيف بن لمبارك ـ، «مكسب حقيق وإضافة جيدة» وشيء جميل ومفيد رغم الذاتية التي تطغى عليه، وهي قيمة مضافة للدارسين والباحثين، كما يعتبر كسر لاحتكار فرنسا وأرشيفها الموجه التي أرادت من ورائه عمدا بعد أن أحرقت أرشيفنا واستولت على ما بقي أن تكون المرجع والمصدر الوحيد لكتابة تاريخ الجزائر، وهذا الفعل يجعلنا تابعين للأسف.
وختم ضيفنا الحديث بالحرص على التأكيد على رغبته في أن تحقّق إدارة يومية «الشعب» رغبة عدد من المؤلفين والأدباء والمثقفين بأن تجمع الأعداد الخاصة بالملفات التاريخية والثقافية في قرص مضغوط لتكون في متناول الباحثين في أقرب وقت ممكن لأن اليومية تزخر بشهادات هامة حول تاريخ الجزائر وحاضرها.