أكّد الناقد المسرحي بوجمعة بن عميروش على أنّ التظاهرات الثّقافية القارّة التي رسمتها الوزارة الوصية ساهمت إلى حد بعيد في الترويج للسّياحة الثّقافية، ولا يزال الدور معلّقا على التظاهرات المحلية المماثلة التي تتكفّل بتنظيمها دور الثقافة عبر الوطن.
ومن منطلق كونه رافق مسيرة ترسيم التظاهرات الثقافية عبر الوطن منذ سنة 2001،بحكم شغله لمنصب مستشار بالوزارة ورئيس مكتب التظاهرات الثقافية الوطنية على مرحلتين ومدير دار الثقافة بكل من المسيلة وتيبازة، فقد أشار بوجمعة بن عميروش إلى أنّ الوزارة الوصية رسمت منذ أكثر من عقد من الزمن تصورا واضحا بشأن تنويع وتدعيم التظاهرات الثقافية الوطنية منها والدولية التي تقام على أرض الوطن، تماشيا ومتطلبات كل منطقة، وبالشكل الذي يمكن الجهة المنظمة من إبراز تقاليد وعادات وتراث المنطقة، وفق ما يخدم التراث الثقافي الوطني، مشيرا إلى كون عدد لا يستهان به من السياح ساهمت في جلبهم تلك التظاهرات الموسمية التي تقام هنا وهناك، ولاسيما تلك التي تقام بالصحراء الجزائرية كمهرجان أهاليل بتمنراست ومهرجان الديوان ببشار ومهرجان تيميمون ومهرجان الفيلم العربي بوهران والمهرجان الدولي للموسيقى السنفونية، وغيرها من المهرجانات التي ساهمت بشكل فعال في جلب السواح والترويج للسياحة المحلية عن طريق النشاطات الثقافية، ولا يمكن لأحد تجاهل مساهمة المهرجانات الثقافية في جلب السواح الأجانب لمنطقة الصحراء، كما ساهم مهرجان الديوان ببشار في التعريف بهذا النمط الفني، والتأكيد على كونه ينتمي للتراث الشعبي الجزائري، ولا علاقة له بتراث دولة شقيقة مجاورة.
اعتماد التّظاهرات المعنية في إطار التّبادل الثّقافي بين الدول
وعلى المستوى المحلي، أشار بوجمعة بن عميروش إلى أن المؤسسات الثقافية الرسمية تحتضن من حين لآخر تظاهرات لا تقل أهمية عن تلك التي اعتمدتها الوزارة الوصية كتظاهرات قارة عبر الوطن، وهي التّظاهرات التي تحمل في طياتها وعن جدارة طابعا وطنيا بالنظر إلى طبيعة ونوعية المشاركين، وتساهم هي الأخرى في الترويج للسياحة المحلية بامتياز لاسيما وأنّ الزوار هنا ينحدرون من فئة المتذوقين للنشاط الثقافي، ولا يضيعون فرص زيارة المناطق الأثرية التي تشهدها المنطقة، وبتيبازة مثلا تحتضن دار الثقافة بالقليعة سنويا كلا من الأيام الوطنية لأغنية الشعبي والأيام الوطنية للمسرح والصالون الوطني للفنون التشكيلية والأيام الوطنية للموسيقى الأندلسية، والملتقى الوطني للشعر النسوي والصالون الوطني للعرس واللباس التقليديين وأيام موسيقى الشباب وغيرها، وهي كلها تظاهرات تساهم فعليا في جلب المزيد من الزوار والسواح بشكل لم يكن ليأخذ ذاك الحجم والزخم في حال عدم اعتماد التظاهرات المعنية، كما تستقبل الدار دوريا عدّة وفود أجنبية في اطار التبادل الثقافي بين الدول. وساهم حضور هذه الوفود في الترويج للسياحة المحلية بامتياز، بحيث لا ينكر أحد بأنّ المنطلق في كلّ مرّة لا يخل من النشاط الثقافي، وتؤكّد هذه العروض والتظاهرات على أن الوزارة الوصية كانت قد سطرت برنامجا ثريا لدعم السياحة الثقافية منذ عدّة سنوات خلت.
ضمن الاستراتيجية الوطنية لدعم السّياحة الثّقافية قضيّة ترسيم تظاهرة شهر التّراث سنويا
غير أنّ هذه السياسة المنتهجة من قبل القطاع اصطدمت في الواقع بعدّة عوائق ميدانية، تأتي في مقدمتها محدودية الميزانيات المرصودة لمختلف التظاهرات، وعدم قدرة المؤسسات الثقافية على تبني تظاهرات رفيعة المستوى، إضافة إلى الغلاء الفاحش الذي تشهده هياكل الاقامة على المستوى المحلي بالنظر الى ندرتها وانعدام المنافسة فيها، ولكن هذه العوائق لم تمنع دار الثقافة بالقليعة على سبيل المثال لا الحصر من تنظيم عدّة رحلات تجوال وتنزه واستكشاف من باب الاطلاع على التراث المحلي بمختلف المناطق الأثرية بكل من تيبازة وشرشال لمختلف الوفود الفنية المشاركة بالتظاهرات الوطنية المقامة هناك، ويعتبر ذلك تحصيل حاصل ونتيجة مباشرة لإقامة التظاهرات الثقافية والفنية، كما تندرج ضمن الاستراتيجية الوطنية لدعم السياحة الثقافية قضية ترسيم تظاهرة شهر التراث سنويا، وهي التظاهرة التي تحوي عدّة أنشطة متنوعة لها صلة مباشرة بالثقافة والسياحة معا، وهي تتيح للزوار اكتشاف محتويات المتاحف والمعالم التاريخية والمناطق الأثرية من خلال تنظيم جملة من الملتقيات واللقاءات التي تناقش مواضيع لها علاقة مباشرة بالتراث الشعبي والعادات والتقاليد، والحضارات القديمة التي مرّت بنقاط عديدة من الجزائر العميقة.