ربط المخرج المسرحي ورئيس التعاونية الثقافية بذور الفن سيد أحمد دراوي مسألة الحفاظ على ثقافة المسرح لدى الطفل «بضرورة الدفاع عن المكاسب المحققة في مجال الإبداع المسرحي الموجه لهذه الفئة الحساسة من المجتمع، والإبقاء على نفس الريتم الذي وصله الفن الرابع بالجزائر دون التأثر بإشكالية الدعم المالي والتمويل في زمن التقشف بتقديم أعمال مسرحية مستعجلة تغيب عنها الفرجة واللمسة الإبداعية التي قد تكون نتائجها عكسية على جمهور الطفل، الذي وصل إلى مستوى راق في الفهم والتجاوب وحتى النقد..».
ردّ المخرج المسرحي سيد أحمد دراوي على سؤال «الشعب» المتعلق بكيفية الحفاظ على هذا الزخم الذي كسبه مسرح الطفل وعادات الإقبال على العروض التي تشهدها مختلف القاعات والمسارح، «بالاستمرار في تقديم أعمال فنية في مستوى تطلعات واهتمامات الطفل الحالية، ومراعاة جانبه الاجتماعي والفكري وتحولات البيئة التكنولوجية التي يعيشها على عكس الأجيال السابقة والابتعاد عن العروض السطحية التي لا تعالج واقعه بعمق، مع احترام الشروط الكاملة للعرض من قبل المسرحيين أو ما يعرف «بالبهرجة» التي تشمل الإثارة، وترك الطفل المتفرج يعيش داخل العرض المقدم والاهتمام أكثر بالتقنيات الأخرى كالسينوغرافيا والكوليغرافيا، الإضاءة واللوحات الفنية الراقصة من اجل لفت الانتباه».
كما شبّه المخرج سيد أحمد دراوي العروض النموذجية التي لابد من الفرق المسرحية الاشتغال عليها «بالكعكعة» في مذاقها الفني، وفي طريقة معالجتها لاهتمامات الطفل وتمرير الرسائل التربوية الهادفة لجيل المستقبل ودفعه للتمسك بالقيم الاجتماعية المشتركة لحمايته من الآفات السلبية وحياة العزلة التي فرضها المجتمع الافتراضي»، داعيا الفاعلين في القطاع إلى «تثمين مجهودات وزارة الثقافة المتعلقة بدعم النشاطات المسرحية الموجه للطفل من خلال الجمعيات والنوادي، وتشجيع الاستثمار في هذا المجال الذي سمح بتقديم أعمالا إبداعية كثيرة وراقية كان لزاما اليوم في ظل سياسة التقشف وشح التمويل الحفاظ على المكاسب المحققة، وأهمها مكسب جمهور الطفل الذي وصل إلى درجة عالية من النضج والوعي الثقافي».
من جهة أخرى نوّه المسرحي «بالدور الذي تقوم به بعض الهيئات الثقافية الوطنية على غرار الديوان الوطني للثقافة والإعلام في تفعيل لجان القراءة، وتقييم المشاريع المسرحية المخصصة للطفل قبل عرضها حرصا منها على تقديم أعمال ترقى إلى المستوى والذوق الفني الهادف لدعم الثقافة المكتسبة لدى الطفل، وبعض التجارب الفنية الأخرى التي تقوم بها عدد من الفرق المسرحية على مستوى ولاية بومرداس من أبرزها جمعية المسرح البودواوي، التي تلعب دورا كبيرا في غرس الثقافة المسرحية لدى جيل الغد بفضل العروض المقدمة للأطفال في مختلف المناسبات خاصة خلال العطلة المدرسية، وتظاهرة أيام مسرح الطفل السنوية التي تحولت إلى محطة هامة، واستطاعت خلق جيل مهتم ومولع بالنشاطات المسرحية، ولديه اطّلاع كبير على خصوصيات الفن الرابع، كما اكتسب أيضا تقنيات النقد والتقييم لمستوى أداء الممثلين على الركح وجمالية النص».
كما قدّم رئيس تعاونية بذور الفن مثالا آخرا عن هذا التحول الايجابي لدى جمهور الطفل بتغير مستوى الفهم والاستيعاب لديه وحتى الانتباه أثناء العرض، وهو الذي كان في فترة ما يصعب التحكم فيه داخل القاعة نتيجة تشتّت تركيزه بسبب ضعف قدرة الممثلين في احتوائه، لكن مع الوقت ومن خلال تجربة الجمعية التي قدّمت أعمالا عدة للأطفال مثل «الفراشة المغرورة»، «حماة البيئة» و»الإمتحان» سجلنا تغيرا كبيرا لدى هذا الجمهور الذي أصبح لديه ذوقا رفيعا يصعب خداعه بمنتوج سطحي لملء الفراغ، وهو أكبر تحدي للمشتغلين في هذا الحقل من أجل الحفاظ على هذه المكاسب، وعدم المغامرة في فقدان وخسارة ثقافة المشاهدة لدى الطفل، على حد قوله.