عاشت قاعة «الجزائر» بقصر المعارض فعاليات المؤتمر الدولي بمناسبة مئوية مولود معمري، الذي نظمته المحافظة السامية للأمازيغية ويأتي ليتوّج عاما كاملا من الفعاليات والتظاهرات الثقافية والعلمية. وفي كلمته الافتتاحية، أكد الأمين العام للمحافظة، سي الهاشمي عصاد، على احترام البرنامج المسطر للتظاهرة، فيما اعتبر وزير الثقافة عز الدين ميهوبي أن معمري عاد إلى مكانته الطبيعية بعدما «نال حظه من النسيان».
على مدار ثلاثة أيام، تنشط ثلّة من الباحثين والأكاديميين في مختلف التخصصات القادمين من داخل وخارج الوطن، أشغال الملتقى الدولي لمئوية مولود معمري.
وفي كلمته الافتتاحية، وصف سي الهاشمي عصاد، الأمين العام للمحافظة السامية للأمازيغية، هذا الحدث بالهام خاصة وأنه ترجم على أرض الواقع برنامجا طال العديد من الولايات عبر الوطن، ليتوّج بهذا الملتقى الذي دعى إليه باحثون من داخل الوطن وخارجه.
واعتبر عصاد أنه إذا كان هنالك أداة للثقافة يمكن لها أن تميّز مولود معمري وتدلّ عليه فهي الكتاب. وفي هذا السياق، أعرب عصاد عن شكره لمنظمي الصالون الدولي للكتاب، الذين قاموا بتمديد التظاهرة 24 ساعة إضافية من أجل الملتقى، كما أكد على أن المحافظة قد تمّ تجنيدها بالكامل، وأن البرنامج المسطر تمّ احترامه ولم تبق إلا بعض الفعاليات، وعلى وجه الخصوص لقاء تميمون نهاية السنة. وجدّد عصاد تأكيده على التزام المحافظة السامية بالعمل على ترقية اللغة الأمازيغية.
ميهوبي: دسترة الأمازيغية تفرض مضاعفة الجهود لتطويرها
«المحافظة نجحت في إحياء مئوية معمري»، بهذه العبارة افتتح وزير الثقافة عز الدين ميهوبي كلمته، خلال ملتقى مولود معمري الذي انطلق أمس بقاعة الجزائر بالسيلا.
واعتبر ميهوبي أن هذه المئوية هي ميلاد لمئوية جديدة لمولود معمري الذي يكتشف من جديد من قبل الباحثين والطلبة والمهتمين بالهوية والثقافة الأمازيغية، كما أن الأعمال الكبيرة التي قدّمت في مختلف الملتقيات المنظمة من أجل التعريف بدراسات معمري ستفتح أفقا جديدا لاكتشاف المزيد من الأفكار الخاصة بتطوير الأمازيغية كلغة وكتراث. وأضاف ميهوبي بأن القرار التاريخي الذي جاء به دستور فيفري 2016، بإقرار الأمازيغية كلغة وطنية ورسمية يفرض على الباحثين والخبراء المزيد من العمل لجعلها رافدا حقيقيا للحياة الثقافية والإعلامية في بلادنا، مجددا إرادة الدولة الواضحة في هذا المجال، فالاعتراف بالأمازيغية جاء في مسار متطور، وتوّجهُ رئيس الجمهورية بهذا الإعلان التاريخي، ومنح رعايته لمئوية مولود معمري رسالة قوية، على المهتمين بالمجال قراءتها قراءة إيجابية، خاصة مع وجود مناخ أصبح يتيح للأمازيغية أن تتطور سريعا، فهناك جهود تبذل في مخابر البحث وهناك أيضا اهتمام على الصعيد الثقافي والإعلامي.
وثمّن الوزير العمل الذي تقوم به المحافظة بالتنسيق مع عدد من القطاعات الوزارية، بإيجاد مكانة للأمازيغية في الوثائق والاتصال والتعاملات اليومية، ما يؤكد أن هناك اندماج واضح للأمازيغية في الحياة العامة، وأضاف: «نحن كقطاع ثقافة نقوم بالتنسيق مع المحافظة ليس فقط فيما يتعلق بالمئوية، فهذا واجب تجاه مفكر ومثقف كبير ونال مؤخرا وسام الاستحقاق الوطني الذي منحه له رئيس الجمهورية».
وأشار ميهوبي إلى الجهد المبذول في سبيل ترقية الأمازيغية كثقافة «من خلال دعم كل أشكال التعبير الثقافية من سينما ومسرح وترجمة، وهذا بلا شك سيتيح للمبدعين في هذا المجال من تمكين الأمازيغية من أن يكون لها حضور واسع داخل الوطن وخارجه».
وعاد ميهوبي بالحضور إلى بداية الاحتفال بالمئوية، حينما قرأ الوزير في عيون الناس «سعادة كبيرة بعودة معمري إلى المكانة التي يستحقها»، بعد أن «نال حظه من النسيان». وجدّد الوزير التزامه بإنشاء فضائي متحفي يحفظ ذاكرة وأعمال والإنتاج الفكري لمولود معمري. ووصف ميهوبي اختيار «سيلا» لتنظيم الملتقى بأنه «اختيار موفق جدا، لأن الأمر يتعلق بكاتب وثقافة وتراث، وهذا الفضاء يسمح بإعطاء بعد آخر لمعمري وسيرته كمفكر كبير»، مؤكدا بأن وزارته ستكون «دائما إلى جانب كل من يحمل مشروعا ثقافيا وفكريا جادا». واختتم كلمته بدعوة المشاركين الأجانب إلى اكتشاف «الجزائر الجديدة التي تحمل الكثير من قيم المحبة».