المعروف عن الإرهاب أو الجماعات الإرهابية أنها إذا دخلت أرضا عاثت فيها فسادا، فنهبت وأحرقت واغتصبت وقتلت وشردت والأخطر من ذلك دمرت كل ما له صلة بالتاريخ والآثار ونهت عن العادات والتقاليد في محاولة منها لمحو الهوية وطمس ماضي ومراجع ضحاياها، فهل هذا ناتج عن تصرف متطرف وهمجي وليد لحظة الانتصار والتفوق على الخصم أم أنها عملية تدمير هوية شعوب ومحو أثرها من المعمورة، ممنهجة ومدروسة مسبقة بطريقة إستراتيجية وأساليب علمية وعسكرية.
شكل موضوع « الإرهاب الدولي و تدمير التراث الثقافي»، أول أمس، محور ندوة النقاش التي قدمها الإعلامي والباحث في الدراسات الإستراتيجية والأمنية أسامة افراح، والتي تطرق من خلالها إلى التحولات الخطيرة التي تعيشها اليوم الدول العربية والإسلامية والإفريقية المهددة بمشروع التجزئة وإضعاف الأمن والاقتصاد والأخطر منه طمس الهوية التاريخية والثقافية لها.
كشف أسامة إفراح قائلا إن:»العلاقة القوية التي تربط اليوم بين الإرهاب وشبكات الجريمة المنظمة وتجار الآثار وبعض القوى العظمى لدليل قوي على بداية تجسيد المخطط الرهيب الرامي إلى زعزعة الاستقرار في الشرق الأوسط لصالح دولة واحدة، وكذا تفكيك العديد من الدول وتقسيمها إلى دويلات يسهل السيطرة عليها، بخلق نوع جديد من الإرهاب الذي يتمركز جغرافيا ويعلن سيادته على الأرض المستعمرة ككيان مستقل يطالب بالاعتراف به».
وأوضح إفراح، خلال المحاضرة التي احتضنها المعهد الوطني للحفاظ وترميم المعالم الثقافية في إطار «سبت قصر دار الصوف « أن هذه الحرب على الهوية التاريخية ليست بالظاهرة الجديدة، بل هي ما يقوم به كل استعمار غازي مدمر، تختلف فيها فقط الأساليب والطرق المستعملة، فالمستعمر الجديد اليوم يستعمل التكنولوجيات الحديثة والإعلام والسينما والتلفزيون، ويغير الأحداث ويكيفها حسب مصالحه، إلى جانب اعتماد الإذلال والتقليل من الشأن لعديد الشعوب وحكوماتها في المحافل الجوية ليبقى على ميزان القوى لصالحه».
ويرى المحاضر أن على الشعوب المهددة بهذه المخططات الإرهابية والاستعمارية أن تسعى جاهدة للحفاظ على تراثها الثقافي من التخريب والترهيب وتؤرشف لتراثها اللامادي خاصة».