الشّاعرة حنان بلحرمة لـ «الشعب»:

المدينة فضاء مفتوح يلهم الأدباء ويثير مخيلتهم الإبداعية

بلعباس: غ ــ شعدو

لا تخلو أي الأعمال الأدبية، عالمية كانت، عربية أو جزائرية من حضور للمدينة بعد أن أصبحت موضوعا وأداة تعبيرية ووعاءً حسيا تسكب فيه كل الألوان الأدبية والفنية، فالمدينة هي ذلك الفضاء المفتوح الذي يسجل الحدث بكل اعماقه وتأثيراته، ويلهم الكتاب والشعراء للتعبير عنه، وإيصاله للقارئ في أجمل صوره.

قالت الشاعرة حنان بلحرمة بأن المدينة في الشعر تعتبر مظهرا من مظاهر الحداثة، حيث بدأ الاهتمام بها أواخر القرن الثامن عشر مع شعراء الغرب، بعد أن تحولت المدينة إلى شرط من شروط تجديد الرؤى ومن مفاهيم الشعر المتطورة والدالة على تغير النظرية الشعرية الحديثة، حيث بات من الصعب العثور على شاعر حديث سواء كان من الشرق أو الغرب لم يتعرض لموضوع المدينة على الرغم من اختلاف الأشكال والدلالات والمعاني بتغير الاتجاه الأدبي.
وبالحديث إلى مفهوم المدينة في الشعر الجزائري - تضيف حنان بلحرمة - بأنه ارتبط وفي كثير من الأحيان بالاستعمار، حيث أرجع الكثير من الشعراء المدينة إلى رمز الاستعمار عكس المناطق الريفية التي ارتبطت وقتها بالتحرر والأصالة، لكن ومع سنوات الثمانينات والتسعينات تغيرت النظرة إلى المدينة، فأصبحت فضاء دلاليا، تناوله عديد الشعراء المعاصرين من زاوية سمحت لهم بنقل الصور للقارئ مهما بعدت المسافات. وهو نفس المنطلق الذي اعتمد عليه الروائيون أيضا باعتبار أن الرواية لها من القدرات، ما يمكنها من رسم تصورات ذهنية لدى القارئ لبعض الأماكن والمدن التي لم يزرها، وهنا تتضح جليا القوة الإبداعية للرواية التي نجحت في نقل كل أبعاد الحياة في المجتمعات الغير معروفة بعد أن أبدع الكثير منهم في رسم مدنهم لتصبح الصورة واضحة في ذهن المتلقي.
وبالحديث عن التجارب الجزائرية التي نفخر بها، أكدت بلحرمة بأنه لابد من ذكر روايات فترة الخمسينيات كالروائي محمد ذيب في ثلاثيته وكاتب ياسين في روايته «نجمة» مثلا، أين تجسد مفهوم المدينة لديهما على الرغم من كونها فضاء للسلطة الاستعمارية، كما يمكن أيضا ذكر «رواية الزلزال» للطاهر وطار، وهي الرواية التي شكلت حضورا قويا للمدينة باعتبارها فضاء حضريا، حمل عواطف متناقضة بين الكراهية والإشتياق، وتجسد ذلك في معاناة الشخصية الأساسية ورحلتها داخل أزقة قسنطينة وساحاتها العمومية وأسواقها ومقاهيها.
ولا يمكن الحديث عن المدينة وعلاقها بالأدب دون التطرق أيضا لثلاثية أحلام مستغانمي «ذاكرة الجسد»، «فوضى الحواس»، «عابر سرير» وكذا رواية «بما تحلم الذئاب» لياسمينة خضرا وروايات واسيني الأعرج، وهي الروايات التي تعد تخليدا للمدن الجزائرية عبر مراحل تاريخية مختلفة والقائمة تطول حول الروايات التي كانت المدن بطلا فيها أو عاملا مؤثرا في نفسية أبطالها.
وعن تجربتها في عالم الشعر أضافت - أسعى دوما لصقل موهبتي الشعرية وإنضاج مفهوم المدينة بها باعتبار أن للمدينة تأثير كبير على كتاباتنا، فنحن نحمل تضاريسها ونمشي في أزقتها فنتشبع من تاريخها وكل الذين مرو عليها، تصقل أقلامنا وتمنحنا عطرها فنترجمه كلمات لنصنع منه قصائد تتفجر حبا لها وتغزلا بها نكتب عن فرحها المسروق وعن حزنها الباذخ نكتب عن أبطالها عن آمالنا بها وأحلامها الكبيرة، فالمدينة هي تلك الأنثى التي تحتوينا بكل صدق، والتي تشرع لنا أبوابها سرا وعلنا فاتحة ذراعيها كلما عدنا إليها محملين بأوزارنا،تباغتنا كلما هزنا الشوق وكلما داهمنا الحزن لتظل تمسح عنا همومنا، وتصنع منا رجال همة وحرائر.
وتضيف بلحرمة: «لي العديد من القصائد عن مدن عشقتها ولم أرها كقصيدة أوروك التي تحدثت فيها عن مدينة الورقاء وقصيدة أخرى بعنوان قرطبة، وإلياء،  بديواني الشعري شبابيك الانتظار، وأعمل حاليا على إستكمال مجموعة من النصوص الشعرية بعنوان «مدن» بداية بمدينة سيدي بلعباس وإلى آخر مدينة بالوطن».

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19632

العدد 19632

الإثنين 25 نوفمبر 2024
العدد 19631

العدد 19631

الأحد 24 نوفمبر 2024
العدد 19630

العدد 19630

السبت 23 نوفمبر 2024
العدد 19629

العدد 19629

الجمعة 22 نوفمبر 2024