تعيش ولاية عنابة على وقع جمود سينمائي، بسبب قاعات العروض التي أصبحت مجرد هياكل بدون روح، فهذه المدينة التي كانت تتوفّر على مئات قاعات العروض، باتت اليوم تتوفّر على قاعات تعدّ على أصابع اليد الواحدة، وأصبحت العروض السينمائية شبه غائبة عن جمهور متعطّش للفن السابع..
بالعودة إلى سنوات مضت، كانت بونة عاصمة للسينما، فلا يمر يوم واحد دون أن تحتضن قاعاتها، والتي كانت تصل آنذاك إلى 300 قاعة عروضا سينمائية، حيث كانت فضاءات تستقبل الآلاف من العنابيين يوميا ملبين نداء عشقهم للفن السابع بمختلف أشكاله، لتصبح اليوم واقعا منسيا لأسباب متعدّدة، لكن النتيجة واحدة قاعات مهجورة وبنايات أكل عليها الدهر وشرب.
جولة قادتنا إلى بعض قاعات السينما المتواجدة بعنابة، بنايات شاهدة على الزمن الجميل، لم تبقَ تحمل سوى الاسم، وبهذا أصبحت العديد من الهياكل تعاني الفوضى والإهمال من طرف السلطات المحلية للولاية، والبعض منها تحول إلى قاعات لإقامة الحفلات والأعراس، على غرار «اللامبيا»، «وأخرى لا تقدم سوى الأفلام المحلية لملء الفراغ، أو بعض الأفلام الكارتونية الموجهة لفئة الأطفال.
والأدهى من ذلك أن ولاية عنابة، ولغياب قاعات العروض السينمائية تعمل على احتضان المهرجانات التي تنظمها بالمسرح الجهوي عز الدين مجوبي، أو بقصر الثقافة محمد بوضياف، على غرار مهرجان عنابة للفيلم المتوسطي، لتبقى بذلك هذه الولاية تنتظر عمليات ترميم وتهيئة بقاعاتها لعودة الفن السابع إليها.
سينماتك عنابة.. لا حدث
تنفّس عشاق الفن السابع بولاية عنابة الصعداء حين تمّ فتح قاعة سينماتك عنابة بعد إعادة ترميمها وتهيئتها، والتي تتّسع لـ230 مقعد، حيث تمّ تجهيزها بأحدث وسائل البث الرقمي (دي سي بي) وبتكنولوجيات عالمية، على أمل أن تحتضن هذه القاعة عروضا متنوعة لأفلام من مختلف جهات العالم، وتعود الحياة السينمائية لهذه الولاية، إلا أن الأمور بقيت تراوح مكانها سوى بعض العروض المحلية.
وهو الأمر الذي تحدث عنه لـ»الشعب» أغلب الشباب المتعطشين للسينما، مؤكدين أن سينماتك عنابة ومنذ افتتاحها لم تشهد عروضا سينمائية بالمستوى الذي كانوا ينتظرونه من القائمين على الثقافة، سوى في بعض الأحيان، لكنها أفلام محلية أو موجهة للأطفال بالدرجة الأولى، في انتظار استفاقة القائمين على رأس الثقافة لإحياء المشهد السينمائي أكثر بعنابة.
بداية عهد جديد
ويبقى مهرجان الفيلم المتوسطي أكبر حدث ثقافي احتضنته عنابة، والذي عاد إلى جمهوره بعد أكثر من عقدين من الغياب، لتسترجع بونة مجدها السينمائي وجمهور الفن السابع الذي أقبل بكثرة على قاعات العروض مؤكدا بذلك تعطّشه للسينما، والتي كاد ينسى معالمها بعد أن غابت عليه لفترة طويلة، وأغلقت أبواب القاعات في وجهه دون أي سبب يُذكر.
وقد انتظر العنابيون أن يكون المهرجان بداية عهد جديد مع السينما، ولا تتوقف العروض عند انتهاء التظاهرة، على أمل الوقوف عند آخر انتاجات الفن السابع في الجزائر أولا، ومختلف دول العالم ثانيا، والاستمتاع بمختلف العروض القادمة من مختلف جهات العالم، ليعتبر المهرجان كتعويض للجمود الذي تشهده جوهرة الشرق بونة على مدار السنة.
وإن كان مهرجان عنابة للفيلم المتوسطي لا يعرف ذلك التألق المنتظر منه، إلا أن رجال السينما ينتظرون أن تكون الفعالية بداية لصناعة سينمائية جديدة، وتبادل المعارف والخبرات مع مختلف دول العالم المشاركة، على أمل النهوض بالفن السابع في الجزائر أولا وعنابة ثانيا، وذلك خلال الطبعات المقبلة.