يتفق المسرحيون في ولاية ورقلة في أن نقص الاهتمام بالمسرح مشكل عام في الجزائر، لكن حدّته تتوضح أكثر في المناطق الداخلية فواقع الإنتاج المسرحي بولاية ورقلة يرتبط ـ حسبهم ـ بتذبذب الفعل المسرحي من حيث الإنتاج والتوزيع وغياب المهرجانات التي تسمح بالتقاء الأفكار وتبادلها بين المسرحيين من جهة وبتقييم المسرحي المحلي لأدائه وتحفيزه على التطوير من ذاته أيضا، فضلا عن هذا يتفق المسرحيون هنا بأن غياب التكوين المستمر في الأداء المسرحي أدى إلى فقدان المسرح للكثير من الطاقات والمواهب المحلية التي لم تعد ترى أن لنداءاتها المتكررة أي جدوى.
زرزور طبال ممثل مسرحي ومخرج لعدة أعمال مسرحية، أكد أن هناك محاولات فردية كثيرة من مخرجين مسرحيين ومحبي المسرح لبعث روح هذا الفن في الجهة، لكن هذه المحاولات وحدها لا تكفي في ظلّ غياب دعم حقيقي للفعل المسرحي، مؤكدا أن هذه المحاولات تبقى مجهودات فردية معزولة قد تنجح اليوم وتفشل بعدم استمرارها غدا، لذا لابد من رسم خارطة للإنتاج المسرحي بالجزائر حتى نتمكن من الحديث عن أعمال مؤثرة في الحركة المسرحية العربية والعالمية يمكن أن نتجاوز بها الآخر ونضمن استمراريتها.
بالنسبة للحضور الحقيقي للمسرح في ورقلة يرى الممثل المسرحي طبال أن هناك اهتماما حقيقيا من طرف بعض المهتمين بالمسرح على مستوى الجمعيات ودور الثقافة وقد شكّل هؤلاء وهم من خرجي المعاهد أو العصاميين قاعدة صلبة وجديدة في العمل المسرحي تعتمد على فهم أكاديمي، إلا أن كل هذه المبادرات تبقى في حاجة إلى مرافقة من طرف الجهات المعنية لضمان تواصلها، موضحا أن الجمهور الورقلي بطبيعته جمهور ذوّاق ومتعطّش لمثل هذه النشاطات الثقافية ويتفق المخرج المسرحي نور الدين جمال معه في هذا المنظور مؤكدا أنه منذ السبعينات أو الثمانينات كانت هناك فرق مسرحية تنشط على مستوى الولاية، لكن الكثير منها لم تستمر بسبب نقص أصحاب الخبرة القادرين على تأطير هذه الفرق الهاوية، مشيرا إلى أن المشكل الأساسي الذي يعاني منه النشاط المسرحي في الولاية هو غياب المرجعية التكوينية نظرا لعدم وجود معاهد متخصصة في هذا الميدان، وكذا مسرح جهوي بالولاية حتى يساهم في تفعيل حركية خشبة المسرح بالجهة، عدا ما تقدمه دار الثقافة من إمكانيات لدعم الفنان بالجهة.
نور الدين جمال، أوضح أن هناك تفاوتا واضحا للإنتاج المسرحي بالمقارنة بمناطق أخرى مردّه عدم توافر الظروف السانحة لبعث الفنان لكل طاقاته، مشيرا إلى أهمية مرافقة المسؤولين لهذا الفن وإعطائه الأهمية التي تليق به كأب للفنون والتي من شأنها أن تساعد الكثير من الفرق المسرحية في النجاح والتألق، مؤكدا أن هناك جمهورا محب للمسرح بالولاية ولا علاقة لقلة النشاط المسرحي بالمنطقة بالجمهور لأن جمهور الفن الرابع بطبيعته جمهور خاص.
خشبة المسرح اليوم في ورقلة حسب المسرحي جمال المختص في مسرح الطفل ومسرح العرائس تحديدا في حاجة إلى طاقات مؤمنة بهذا الفن وبدوره التعليمي والاجتماعي وبأنه ضروري في بناء وتطور المجتمعات، لذلك لابد من غرس هذه الثقافة لدى الطفل من المدرسة.