عضو غرفة الصّناعات التّقليدية للحرف بباتنة تؤكّد لـ «الشعب»:

الحفاظ على التّراث اللاّمادي ضمان لمستقبل الأجيال

باتنة: لموشي حمزة

تؤكّد السيدة بريزة بن سالم عضو غرفة الصناعات التقليدية والحرف بولاية باتنة لجريدة «الشعب»، على أهمية الحفاظ على التراث المادي واللاّمادي الذي تزخر به الجزائر، رغم بعض محاولات الطمس التي يتعرّض لها بين الحين والآخر، غير أنّ حرص الدولة الجزائرية ممثلة في وزارة الثقافة على إحياء شهر التراث سنويا ولمدة شهر كامل، وذلك تحت شعار «التراث  الثقافي دافع لتنمية الإقليم».

 ساعد على إعادة الاعتبار لكثير من الموروث الثقافي المهدد بالاندثار خاصة في عصر العولمة والتكنولوجيا، مشيدة بمجهودات الدولة في هذا المجال لأنها تضيف نلمس هذا الاهتمام بالتراث وتوثيقه وحمايته من الضياع والنسيان، لاسيما أنه تراث روحي أو معنوي، فيكفي زيارة دور الثقافة بالوطن للوقوف على حقيقة سعي الدولة لذلك بالتنسيق والتعاون مع مختلف الفاعلين خاصة فعاليات المجتمع المدني.

  الأوراس تحوي كنوزا مدفونة

وتذهب السيدة بريزة بن سالم المختصة في صناعة الأعلام الوطنية وتوزيعها بعيدا في تأكيدها لقيمة التراث وأهميته في حياة الشعوب، بالقول أن الجزائر في سعيها الحثيث للحفاظ على تراثها هو بمثابة الانطلاق للمستقبل، كون التراث الثقافي غير المادي يعد جزءا مهما من الذاكرة الشعبية والوطنية بصفة خاصة والإنسانية بصفة عامة.
وبخصوص الآثار التي تزخر بها عاصمة الاوراس باتنة، فتشير المتحدّثة أنّ مديرية الثقافة تعمل على استرجاع كل اكتشاف جديـد عن طريق، الخبرة على المحجوزات التي تقوم بها مصالح الأمن والتأسيس كطرف مدني في قضايا تتعلق بسرقة هذه الآثار، وكذا دراسة ملفات التصريـح، التسليـم ومكافأة المكتشف في إطار صنـدوق التراث الثقافي، وتجدر الإشارة هنا تضيف المتحدثة إلى تواجد عدد لا بأس به من الاكتشافات العفوية التي نجت من النهب أو الهدم، وهي محفوظة ومودعة في متحفي تيمقاد وتازولت.
وتضيف محدثتنا أنّها في غرفة الصناعات التقليدية والحرف لولاية باتنة تعمل جاهدة رفقة الجميع من أجل تعليم الشباب والماكثات بالبيت وحتى الجامعيين والمرأة الريفية مختلف الحرف والصناعات التقليدية ومنحها تأهيل معترف به وطنيا لممارسة بعض الأنشطة التقليدية لولوج عالم الشغل من جهة واكتساب حرفة تدر أموال على صاحبها وكذا ترقية والحفاظ على التراث الثقافي المادي واللامادي.
وبخصوص برنامج ولاية باتنة للإحتفال بهذا الشهر، أشارت بن سالم إلى تنظيم دار الثقافة محمد العيد أل خليفة بالتنسيق مع مديرية الثقافة للولاية، عديد الفقرات التنشيطية في إطار إحياء شهر التراث العالمي بالتعاون مع عدد من الجمعيات الثقافية المحلية الناشطة والفاعلة في ميدان التراث الثقافي، حيث بدأ الجمهور يكتشف من خلال الفقرات المعدة منها معارض متنوعة حول تراث المنطقة الخاص بالصناعات والحرف التقليدية،  بالإضافة لمعارض مختلفة تحمل صورا للتراث الثقافي المادي بعاصمة الاوراس باتنة ومعرضا حول اللباس التقليدي، والأكلات الشعبية والتقليدية، كما أنّه لا يخلو من الفن التشكيلي إلى جانب تنظيم أمسيات شعرية بالنادي الأدبي التابع لدار الثقافة، كما تم تنظيم محاضرات حول التعريف بالتراث الثقافي وأهمية الحفاظ عليه وحمايته لفائدة تلاميذ المؤسسات التربوية.

مخزون الذّاكرة الشّفوية

تصف بن سالم التراث بشقيه المادي واللامادي بأنه مخزون الذاكرة الشّفوية كالفنون والعادات والتقاليد والأمثال والحكم والشعر وغيره، وتخصّص أنّ التراث اللامادي يستدعي في خضم التطور الثقافي ووسائل السمعي البصري ضرورة تدوينه وكتابته عكس المعالم والآثار التاريخية التي تظل قائمة وشاهدة على كل حقبة تاريخية في الزمان والمكان وتتطلب في الكثير من الأحيان أشغال تهيئة وترميم، مع ضرورة إنشاء بنك معلومات حول التراث وتدوينه وتسجيله باعتباره يمثل ذاكرة تاريخية وثقافية يستدعي الحفاظ عليه وحمايته لاسيما بالنسبة للتراث غير المادي الذي يمثل موروث مهما للمعتقدات والعادات والتقاليد الشعبية المختلفة.
غير أنّ ذلك - تضيف - لا يمكن أن يقف عائقا أمام تطويره  ومن بين أهم الوسائل التي تساعد على تطوير التراث - حسبها - تطوير طرق عرضه وتضمينه في المناهج المختلفة بالشكل الذي يتناسب مع مستويات الطلبة وقدراتهم الإدراكية، فعرض التراث بالطرق الجامدة لن يخدمه أبداً، بل على العكس، فإن ذلك سيتسبّب في نفور الناس منه، ممّا يؤدي إلى إهداره وضياعه لصالح الثقافات الأخرى، إضافة إلى الاهتمام بالمواقع الأثرية وتأهيلها من الناحية السياحيّة حتى تصير من نقاط الجذب السياحية الهامة في الولاية كتيمقاد، امدغاسن، غوفي، طبنة وغيرها كثير.
 وتختم السيدة بريزة حديثها بالتأكيد على وجوب ربط ثقافة الجزائريين المعاصرة بتاريخهم القديم وحضارتهم العريقة وتراثهم لتشكيل نسيج قوي يحمي من الاغتراب، لحماية الأجيال الحالية والمستقبلية من كل أشكال المسخ الفكري والسلوكي التي تهدد العالم، وهو ما يرسّخ الهوية الوطنية ويعمّقها، لأنّ الأمة التي تعتز بتراثها قادرة على صناعة مستقبلها، وهي المسؤولية التي نتقاسمها جميعا على حد تعبيرها.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19632

العدد 19632

الإثنين 25 نوفمبر 2024
العدد 19631

العدد 19631

الأحد 24 نوفمبر 2024
العدد 19630

العدد 19630

السبت 23 نوفمبر 2024
العدد 19629

العدد 19629

الجمعة 22 نوفمبر 2024