بن غالية لـ «الشعب»:

فن «ثارحبيث» تراث انساني عالمي

خنشلة: سكندر لحجازي

وصف الأستاذ معتز بالله بن غالية، باحث بالمركز الوطني للبحوث في عصور ما قبل التاريخ «الانثربولوجيا والتاريخ» منطقة الاوراس عامة وولاية خنشلة خاصة بالمنطقة الغنية جدا بالتراث اللامادي في شقه الغنائي الموسيقي، والذي لم ينل حظه من الاهتمام الكافي من طرف الباحثين والفنانين والسلطات المختصة، ما جعله في طي النسيان والاندثار.
أوضح بن غالية في هذا الصدد في حديثه لـ «الشعب»، أنّ الطبوع الموسيقية التراثية في الاوراس متنوعة وتمتاز بخصائص قيمة وثمينة جدا إنسانيا وتاريخيا، ممّا يدعو الى الاهتمام بها من طرف الباحثين وأدائها من طرف الفنانين، حتى تفي حقّها كجزء من تراثنا اللامادي الامازيغي الضارب في الأعماق.
من بين هذه الطبوع الموسيقية التراثية - ذكر محدثنا - الدمام، الركروكي، عياش، الصراوي الشبيه بموسيقى البلوز الغربية وكذا طبوع الرقص الشعبي الفلكلوري النسوي أو الرجالي. ومن أهم ما تزخر به منطقة الاوراس في هذا المجال، طابع «ثارحبيث» المشهور باسم الرحابة، الذي يمتاز بخصائص تؤهّله لأن يصنّف تراثا إنسانيا عالميا، حسب ما أكده الباحث بن غالية في هذا الإطار معرّفا هذا الطابع بأنّه « ثارحبيث أو ثارداسث هو الاسم العام للرقص الجماعي لدى أمازيغ الاوراس، ويتعلق الأمر بمجموعة متنوعة من الرقصات الجماعية المصحوبة بأغاني والمؤداة في الغالب من طرف الرجال في شكل قد يتغير حسب عدد الراقصين، إما على شكل صفين متقابلين أو صف واحد».
وهذا الطابع - يضيف ذات المصدر - يمتاز بخاصية غياب الآلة الموسيقية، حيث يتم ضبط إيقاع الأغاني عن طريق ضرب الأرض بالأرجل، وهي الضربات التي تحدّد أيضا سرعة حركات أجسام الراقصين، هذا إضافة إلى أنّ ثارحبيث تعد من أعرق الفنون في شمال إفريقيا ارتباطا وثيقا تاريخيا بحياة الإنسان الامازيغي.
الرّقصات لدى الأمازيغ كانت تمارس في الأيام المحصورة بين نهاية الصيف وبداية الخريف في التّقويم الفلاحي الأمازيغي، ومنها خاصة السبعة أيام الأولى لفصل الخريف وهي أيام مقدّسة في العرف الأوراسي
أشار بن غالية أنّ الرحابة ارتبطت بالتركيبة الاجتماعية والثقافية للإنسان الأمازيغي وبالمفهوم المقدّس لهذا الأخير، حيث أنّ جميع التعبيرات الفنية لدى الشعوب القديمة لم تتعد كونها ممارسة دينية أو شاهد على اهتمامات دينية أو ميثولوجية، وهو ما نراه من حيث أنّ هذه الرقصات لدى الأمازيغ كانت تمارس خاصة في الأيام المحصورة بين نهاية الصيف وبداية الخريف في التقويم الفلاحي الأمازيغي، ومنها خاصة السبعة أيام الأولى لفصل الخريف، وهي أيام مقدّسة في العرف الأوراسي تضفي معني للمصدر الأول الذي جاء منه الإنسان وهو الأرض أي المفهوم المقدس للامازيغي.
وبالتالي يرى الباحث أنّ ثارحبيث جديرة بان تكون محل اهتمام كبير لدى الباحثين والسلطات والفنانين، لكون خصائصها ومميزاتها التي لا يتّسع ذكرها كلها، تؤهّلها لأن تصنّف تراثا إنسانيا عالميا. كما دعا بن غالية في هذا الصدد، الجمعيات الثقافية والفنانين الذين يؤدون هذا الفن، بضرورة الحفاظ على أصالته وخصوصيته، من كون ثارحبيث تؤدى من دون آلات موسيقية أصلا، منتقدا من أدخلوا عليها آلتي القصبة والبندير في أدائها.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19632

العدد 19632

الإثنين 25 نوفمبر 2024
العدد 19631

العدد 19631

الأحد 24 نوفمبر 2024
العدد 19630

العدد 19630

السبت 23 نوفمبر 2024
العدد 19629

العدد 19629

الجمعة 22 نوفمبر 2024