نقّاد وإعلاميّون يشرحون واقع الخشبة بين الأمس واليوم

المسرح الجزائري بحاجة ماسة إلى الاهتمام لاستعادة بريقه الضّائع

المسيلة: عامر ناجح

شهد المسرح الجزائري خلال السنوات الأخيرة بالمسيلة تراجعا كبيرا إذا ما قورن بمسرح السبعينيات من ناحية الأداء وإقبال الجمهور لعدة أسباب حصرها الطالعون على ملف المسرح في نوعية النصوص وجودتها والطابع التجاري، وهو ما جعل من المسرح مناسباتيا يغلب عليه طابع التهريج.
 في هذا الشأن يرى الكاتب الصحفي والباحث في النقد المسرحي وليد شموري أنّه للحكم على نوعية النصوص المسرحية وجودتها أو حتى  قيمتها الإخراجية المتعلقة بالعمل المسرحي لابد من الحديث على عدة جوانب محددة أوصلت مسرح اليوم إلى ما هو عليه، يتحمّلها بالدرجة الأولى المسؤولين الذين تخلّوا عن المسرح وسبل تطويره وترقيته من خلال الإهمال واللاّمبالاة. واستثنى الباحث وليد شموري بعض الأعمال التي ترقى إلى الاحترافية إلاّ أنّها تعتبر - حسبه - قليلة جدا ولا تلقى دعما مطلوبًا من النّواحي كافة. وبالحديث عن الفرق بين مسرح الأمس ومسرح اليوم، أرجع الناقد المسرحي السبب إلى أنّ مسرح السبعينيات كان انعكاسا لواقع حقيقي يتم تجسيده على الخشبة، ومثال ذلك ظهور فرقة «اتفاق القلوب» التي دعّمت الثورة التحريرية المظفّرة، حيث استطاع المسرح - حسبه - رغم إمكاناته الضئيلة أن يجلب إليه المشاهد المتفرّج بالآلاف، وذلك بسبب قيمة الأعمال المعروضة، نصّا، إخراجا وتوجّها معرفيا بينما المسرح الرّاهن قد لا يجمع مع مجانية الدّخول إليه خمسين شخصا إمّا لضعف إنتاجه أو لانعدام ثقافة مسرحية مع الأسف الشّديد، فضلا عن عدم استمرارية العروض وندرة برمجتها دوريا ممّا يحتّم فشلها وعدم فاعليتها، ومنه التأثير في الفرق المسرحيّة سلبيا.
شموري: النّصوص المحلية تراثية وشعبية،مقتبسة من مصادر تاريخية
وأشار وليد شموري خلال الحديث عن اقتباس النص أو إنتاجه أو حتى إعادة شروط تمسرحه إلى أنّه يحتاج لدراسة نقدية أو درامتورجية تعي البناء النفسي للمتلقّي والرّهانات التي يريدها أن تكون، وبالحديث عن النشاط المسرحي بالمسيلة يعتقد الأستاذ وليد شموري أنّ النشاط المسرحي قوي في الثمانينات والتسعينات مع السّينمائي لخضر حمينة وفرقة الإنارة وفرقة الكلمة، واليوم تصنع جمعية «الرّسالة» التي يترأّسها الأستاذ لحسن بتقة الفرجة من خلال عدة أعمال مسرحية، خاصة وأنّ النّصوص التي تشيع محلّيا تميل إلى التراثيّة والشعبية، وهي مقتبسة من مصادر تاريخية غالبا فيما يكون الإخراج هاويا، لذلك وجب التنسيق مع الجهات الأكاديمية والجامعية والمختصين بالشّأن المسرحي لضرورة وضع دفتر شروط وبرامج واضحة ومنظّمة للسّير على نهجها حتّى يستعيد المسرح تألّقه الذي كان عليه إلى وقت قريب.
وعن الإخراج المسرحي، تأسّف المتحدث عن ما يقوم به بعض المخرجين في الجزائر، والذين غلب على أعمالهم المسرحية الطابع التجاريّ على الطابع الإبداعي، إذ يربطون إنتاجاتهم بالمادّة والبزنسة، ولو على حساب الجودة، فأغلب أعمالهم مناسباتية ومضامينها استهلاكية وبعيدة تماما عن واقع وطموحات المشاهد الجزائري، وهذا راجع - حسبه - إلى ضعف المستوى الثقافي عندهم عكس ما كان عليه الإخراج قديما مع وجود نخبة مثقّفة وواعية أعطت نفسا ودفعا قويين للمسرح رغم بساطة الإمكانيات على غرار المسرحي علولة، عبد الرحمن كاكي وكاتب ياسين الذين أصبحوا روّاد المسرح الجزائري بانتهاجهم لاستراتيجيات متنوعة وجديدة ميّزت المسرح الجزائري عن غيره من المسارح العربية بتوظيف القوّال والفرجة واللغة الشعبية، والمضامين التراثية التي تمس مباشرة وعي وباطن الجزائري.
بتقة لحسن: نقص التّأطير وقلّة الاهتمام رغم وجود أعمال ذات جودة
وفي ذات الموضوع، أكّد المخرج المسرحي بتقة لحسن وجود فرق شاسع بين مسرح اليوم ومسرح الماضي، خاصة وأنّ مسرح فترة السبعينات تميز  بالجد في العمل، وهو ما أضفى عليه الطابع الازدهاري والرقي. وأرجع لحسن بتقة ذلك إلى  الكتابات النصية الجيدة والاقتباسات المستوحات من الواقع المعاش، وكذا وجود وجوه مسرحية  كبيرة في الساحة على غرار علولة، سيراط وكبار المخرجين ناهيك عن الاهتمام الكبير الذي كانت توليه الإدارة آنذاك المتعلق بالكيف. وأرجع المتحدث السبب الرئيس في فقدان المسرح بريقه الذي عرفه في السبعينيات وبداية الثمانينيات إلى عدة مؤثرات  انعكست سلبا عليه، وعلى رأسها نقص التأطير  وقلة الاهتمام على الرغم من وجود عدة أعمال مسرحية التي تمتاز بالتأليف والإخراج الذي يحمل الطابع الاحترافي، منوّها في كلامه إلى هدفه كمخرجي مسرحي هو خلق تقاليد بنّاءة وفعّالة،  وكذا العمل على استمرارية الفن الرابع بالولاية التي لم ينقطع بها المسرح منذ الخمسينيات، وشهد تطورا ملحوظا في الثمانيات على يد حمينة.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19632

العدد 19632

الإثنين 25 نوفمبر 2024
العدد 19631

العدد 19631

الأحد 24 نوفمبر 2024
العدد 19630

العدد 19630

السبت 23 نوفمبر 2024
العدد 19629

العدد 19629

الجمعة 22 نوفمبر 2024