لا زال جزء كبير من الجمهور يصنّفه في مرتبة ثانوية
انطلق المخرج المسرحي سيد أحمد دراوي في تقييمه لواقع المسرح الجزائري عشية الاحتفال باليوم العالمي للفن الرابع من منظور شامل للمشهد الثقافي الوطني الذي وصفه بالجزء المهمش القابع خلف العربة، مستشهدا بتصريح لأحد السياسيين الذي صنف العمل الثقافي بأنّه «ذلك الفعل الذي يأتي بعد تحقيق الحاجات والإشباعات البيولوجية»، في إشارة إلى قلة اهتمام الجمهور بالأنشطة الثقافية، وهي نظرة كان من المفروض أن لا تنطبق على العمل المسرحي الذي صنع أمجاد الشعوب وساهم في بناء المجتمعات وتهذيب النفوس وترقية العقول، على حد وصفه.
أكد المخرج المسرحي ورئيس جمعية «تعاونية بذور الفن المسرحية» سيد احمد دراوي متحدّثا لـ «الشعب»، «أنّ الفرق المسرحية الناشطة على المستوى الوطني تعمل جاهدة لتطوير الحركة المسرحية بالجزائر من حيث النصوص، الإخراج والأداء على الركح بفضل الأعمال الفنية المقدمة التي حققت الكثير من النجاحات داخليا وخارجيا، وشرّفت الفن الرابع بعدة تتويجات كدليل على المجهودات المبذولة من طرف هواة هذا الفن الذين يكافحون من أجل الاستمرارية، لتجاوز الصعوبات وقلة الإمكانيات التي تعاني منها بعض الفرق المسرحية في الميدان.
وأضاف المسرحي بالقول: «للأسف لا زال جزء كبير من الجمهور يصنف فن المسرح وحتى الثقافة بصفة عامة في مرتبة ثانوية وأحيانا ينظر لها بنظرة سلبية أقرب إلى الأشياء التافهة في نظره رغم ما تمثله من قيمة اجتماعية وحضارية، ساهمت في بناء أمم وارتقت بها إلى مصاف الدول المعروفة في ميدان الدراما، السينما وغيرها من الفنون الأخرى».
كما انتقد المخرج المسرحي غياب المجايلة وتراجع الاهتمام الأكاديمي ببعض الجوانب المهمة في مجال المسرح خاصة مجال الإخراج، وقال: «اليوم نجد أن عدد المخرجين المسرحيين المحترفين يعدون على الأصابع، والدليل في ذلك أن المعهد الوطني للفنون الدرامية، ولمدة قاربت العشر سنوات لم يساهم في تخريج سوى حوالي سبعة مخرجين حاليا هم موزعين في غير أماكنهم الحقيقية بدلا من تشجيعهم على الإبداع والمساهمة في نقل رسالة الفن الرابع من جيل إلى آخر».
في تعليقه على واقع الحركة المسرحية بولاية بومرداس، ثمّن سيد احمد دراوي المجهودات التي تقوم بها الفرق المسرحية الناشطة على مستوى بلديات بومرداس على غرار جمعية المسرح البودواوي، المسرح الجديد ليسر وغيرها من الجمعيات الأخرى من اجل تحريك المشهد الثقافي المحلي وإعادة الثقة للجمهور، رغم ذلك اعترف المخرج بصعوبة الوضعية نظرا لقلة الإمكانيات وأحيانا غياب الفضاءات المهيأة لتقديم أعمالا إبداعية في مستوى التطلعات، مؤكدا بالقول «أنّ الحركة المسرحية ببومرداس كانت ولا تزال واقفة من خلال جملة العروض المقدمة والحضور الدائم في التظاهرات المسرحية المحلية والوطنية، كما تحاول تجاوز النقائص الموجودة من حيث الإمكانيات والفضاءات، والدليل في ذلك حالة الانكسار التي أصابت الأسرة المسرحية بعد تجميد مشروع انجاز المسرح الجهوي الذي كانت تعلق عليه آمالا كبيرة للتجمع وتحديد بوصلة هذه الحركة المشتتة وتفعيل دورها بخلق نشاطات ومناسبات قارة على غرار بعض الولايات ذات التقاليد الطويلة في الميدان، وحتى لا نصفها بالراكدة يمكن القول أنها تعاني لكنها تحاول.