دور سّينما للتجمّعات السياسية والشّعبية بمعسكر

أقدم نادي يواصل نشاطه بإمكانيات بسيطة

معسكر: أم الخير ــ س

للسينما بمعسكر جمهور واسع وشريحة مميزة من عشاقها، الذين اعتادوا التردد أزواجا وفرادى على قاعات السينما الخمسة، خلال فترة زمنية من خمسينيات القرن الماضي، حيث تعود نشأة دور السينما بمعسكر وعلاقتها بالجمهور، إلى الحقبة الاستعمارية والفترة الوجيزة التي تلتها بعد الاستقلال، قبل أن تشل القاعات السينما وتغلق بصفة نهائية أمام عشاقها بداية من سنوات الثمانينيات.

هذه العوامل حصرها الصحفي بوجلال بوفادن الذي عايش الفترات الزمنية، التي عرفت فيها السينما رواجا وإقبالا كبيرا من طرف مختلف شرائح المجتمع من كلا الجنسين، في الغزو التكنولوجي وتطور تقنيات البث التلفزيوني وانتشار الفضائيات، غير أنّ دور السينما بقيت تراوح ـ على حد قوله ـ مكانها، ولم تعد تستطيع مواكبة التطور الحاصل بداية من الثمانينيات، خاصة من خلال العروض السينمائية المحدودة والمتكررة لبعض الأفلام، لتلي فترة الجمود سنوات من العشرية السوداء، أين كان يستهدف كل ما له علاقة بالفن والثقافة.
وواصل بوفادن بوجلال لـ “الشعب” القول إنّه إضافة إلى عامل انتشار الفضائيات والغزو التكنولوجي والعامل الأمني، والتغييرات التنظيمية والإدارية التي طرأت على قطاع السينما، بعد قرار إلغاء تسييرها من طرف البلديات، فإنّ دور السينما قد ابتعدت عن مهامها الفنية والثقافية، وأصبحت قاعاتها مكانا ملائما للتجمعات السياسية والحزبية، وعدا ذلك لم يعد لها أي علاقة بالفن السابع، باستثناء التّسمية.
اشراك الطاقات الشبابية المتطوعة
تماشيا مع اهتمام السلطات المحلية لاستعادة دور السينما، وتحويل تسييرها واستغلالها من طرف قطاع الثقافة، يأمل من جهتهم المشرفين على نادي سينماتك معسكر، الذي تعود نشأته إلى سنوات السبعينيات، أن تشرك الطاقات الشبانية المتطوعة في النادي، في تنشيط ونشر الثقافة السينمائية المغيّبة لدى فئة واسعة من الشباب، الذين تستهويهم عروض أفلام الحركة دون غيرها، والتي يجدونها مملة خاصة الأفلام القديمة باللونين الأبيض والأسود، والأفلام التي يجد شباب المنطقة صعوبة في متابعتها، خاصة إن لم تكن مدبلجة أو باللغة العربية، مشيرين وفق خبراتهم في المجال، أن العروض السينمائية يجب أن تتماشى مع اهتمامات الشباب، قصد تحفيزهم دون أن تتعارض مع اهتمامات الفئات الأخرى من هواة السينما، إضافة إلى تعميم تجربة تأهيل دور السينما المغلقة من خلال ترميمها وتجهيزها، وفقا لما تقتضيه ضرورة مسايرة التكنولوجيا والحداثة في البث المرئي والسينمائي.
وفي هذا الشّأن، حدّثنا أصغر عضو في نادي سينماتك معسكر، قاضي حنيفي مراد، والذي بلغت سنوات انتسابه للنادي 25 سنة دون انقطاع، موضّحا أنّ النادي  ظل يواجه العراقيل التي وقفت في وجه السينما ومحبيها طوال السنوات الماضية، بوسائل وإمكانيات بسيطة، وأن الفن السابع بالرغم من التحولات التكنولوجية التي طرأت في حقله الفني، لا يزال يحافظ على مكانته في قلوب جمهوره الواسع، باعتبار أن دور السينما هي بمثابة فضاء للتنفيس والترفيه، إذ لا يمكن أن تعوضه الأجهزة التلفزيونية المتطورة، والشاشات الكبيرة التي تتوفر لدى أغلب العائلات.
وأشار قاضي حنيفي مراد إلى التظاهرة التي تعتزم الجهات الوصية على قطاع الثقافة بمعسكر تنظيمها، والمتمثلة في “الأيام السينمائية للفيلم الثوري” في جوان المقبل، تزامنا مع الافتتاح الرسمي لقاعة سينما السعادة، مثمّنا المبادرة الثقافية التي من شأنها إضفاء الحركية وتنشيط القطاع، ومنه استقطاب واستعادة الجمهور المحلي الواسع للفن السابع.
تجهيز قاعة سينما السّعادة بنظام البث السّينمائي الرّقمي
وضعت مؤخرا اللمسات الأخيرة لعملية تركيب جهاز البث السينمائي الرقمي “DCP”، بتقنية الصوت “دوبلي سيراوند”، بقاعة سينما السعادة في عاصمة الولاية معسكر، والتي تمت تهيئتها وتجهيزها مؤخرا بأحدث التجهيزات والتقنيات التي يعرفها عالم البث السينمائي، وهو النظام الذي اعتمد العمل به لأول مرة بالجزائر من مدينة معسكر، حيث أشرف ممثل شركة “سيني ميكانيكا” الإيطالية على تكوين منشّطين ثقافيين تابعين للقطاع بمعسكر، للإشراف على تسيير القاعة لاسيما أجهزة البث الحديثة.
وقد أفاد مدير الثقافة محمد سحنون في حديث لـ “لشعب”، أنّ والي الولاية قد مكّن القطاع من امتلاك باقي القاعات ودور السينما الخمسة الموجودة بالولاية، حتى تعرف هي الأخرى نفس عملية التهيئة والتجهيز، وتوضع حيز استغلال عشاق السينما بالولاية، خاصة منهم الفئة التي دفعها الحنين إلى الماضي لحضور التجارب الأولى وسط فرحة عارمة.
يذكر أنّ قاعة سينما “السعادة” تتّسع لـ 410 مقعد، وهي تعود للحقبة الاستعمارية بعد أن استعادها قطاع الثقافة مؤخرا، حيث كانت تابعة لأملاك البلدية حين تعرّضت للاهتراء الشامل. ويذكر أنّ قرارا ولائيا تنفيذيا صدر في شأن تسيير دار سينما “السعادة”، يقضي بمنع إقامة التجمعات التي لا صلة لها بالسينما، حفاظا على هذا المرفق الهام.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19521

العدد 19521

الخميس 18 جويلية 2024
العدد 19520

العدد 19520

الأربعاء 17 جويلية 2024
العدد 19519

العدد 19519

الثلاثاء 16 جويلية 2024
العدد 19518

العدد 19518

الإثنين 15 جويلية 2024