قاعة العروض “زينيت”، فنادق “ماريوت” ، “سيرتا” و”بانوراميك” لاحتضان تظاهرة “عاصمة الثقافة”
تستعد قسنطينة لاحتضان تظاهرة “عاصمة الثقافة العربية2015 “، وهو الموعد الذي سيصادف يوم العلم 16 أفريل . المناسبة الثقافية التي ستحتضنها قسنطينة التاريخية فتحت فرصا ضخمة ومشاريع استراتيجية هامة، جعلت من مدينة الجسور المعلقة وجهة عمرانية وحضارية بامتياز. “الشعب” تقف عند الورشات المفتوحة في مدينة الجسور المعلقة قبل الموعد المرتقب وتقدم تفاصيلها.
استفادت عاصمة الشرق الجزائري، من مشاريع تنموية قطاعية، ثقافية، تجسّد على أرض الواقع رغم العراقيل التي تحول دون تسليمها في المواعيد المحدّدة، حيث لعب عامل الوقت دورا في سرعة إنجاز عددا من المرافق التي تدخل في إطار برنامج التظاهرة الثقافية على غرار “قصر الثقافة مالك حداد”، محمد العيد آل الخليفة، المسرح الجهوي، المتحف الوطني للفنون والشخصيات الوطنية، وهي مشاريع سيتم تسليمها بعد فترة زمنية قليلة باعتبارها أهم الهياكل الثقافية بالنسبة للتظاهرة.
وتستمر باقي المشاريع وبرامج الترميمات بالتوازي ، التظاهرة الثقافية التي ستبرز هوية سيرتا القديمة وكنوزها الثقافية والتاريخية والفنية.
أثناء جولتنا بمختلف جهات عاصمة الشرق، لا حظنا عشرات الورشات المفتوحة من أجل احتضان تظاهرة قسنطينة عاصمة الثقافة.. بفعل الترميمات وعملية إعادة الاعتبار لواجهة المدينة التي تحوّلت إلى عروس بيضاء تستعد لارتداء أبهى الحُلل وتتزين بأرقى المجوهرات. فهي مدينة لن ترضى سوى بالجمال لها حبيبا والأناقة رفيقا وبالتحدي والقوة عشيقا.
هي قسنطينة التي رفعت التحدي أمام الصعوبات والعراقيل التي واجهتها ولا تزال.. هي كلمات لا يتوجب علينا سوى قولها عن مدينة قسنطينة التاريخية التي تتأهب لاستقبال أكثر من 22 دولة عربية، والتي تحمل معها برامج ثقافية وحفلات فنية ضخمة ستعرض على مدار سنة بأكملها.
وإن لم يتم الانتهاء كليا من المشاريع المدرجة ضمن التظاهرة العربية بالنظر لضخامة العمل الذي شرع فيه، إلا أن الشك لم يتسلل إلى النفوس بل ترك المكان لتحل محله الثقة والإرادة في رفع وعزم من طرف الرجال والنساء الذين قبلوا أن يكون العرس الثقافي في وقته.
مجهودات حثيثة لتحقيق النجاح
أيام قليلة قبل الافتتاح الرسمي لهذا الحدث، بدأت ملامح سيرتا العتيقة ترتسم .. أخذت أهم المشاريع شكلها وبدأت تزول مقابل ذلك مشاعر الشك والارتياب في تحقيق نسبة مُرضية من الانجاز والتسليم لتظاهرة تتطلب هياكل فنية وثقافية ضخمة تتماشى والحدث التاريخي الذي تصنعه الجزائر. منذ اختيار قسنطينة عاصمة الثقافة العربية 2015 ، في ديسمبر 2012 من طرف المنظمة العربية للتربية والعلوم والثقافة “أليسكو” دخلت سيرتا بمسؤوليها التنفيذيين ومنتخبيها ومواطنيها الذين أدركوا بأنهم معنيون بهذه التظاهرة سباقا ضد الساعة دون تضييع أي ثانية ودون توّقف.
فبدءا من تغيير شكل الواجهات وتعديلها، عمليات التحسين الحضري التي تشهدها كافة أحياء المدينة رغم أن بعضا من الأشغال لا تزال سارية على غرار إعادة الاعتبار لنزل “سيرتا” وكذا نزل “البانوراميك” إلا أن نسبة الأشغال بها متقدمة، حيث سيتم تسليمهما بعد انطلاق التظاهرة الثقافية.
لقد شرع في إعادة الهيكلة الثقافية والاقتصادية والحضرية، وكذا التطور الحاصل في علاقة المدينة بقاطنيها لتكون على أكمل وجه، وبإمكان القسنطينيين إدراك التغير الحاصل بهذه المدينة العريقة عبر أزقتها العتيقة. تصنع ورشات إعادة التأهيل التي تم إطلاقها حماسا كبيرا في جميع اللحظات وأيضا عبر أحياء وجوانب هذه المنطقة العمرانية، حيث أن تحرك الرافعات والحركة المستمرة للشاحنات ومعدات الأشغال العمومية أضحت جزءا من ديكور مدينة ترغب أن تكون جاهزة لحفلها الكبير.
مع العد التنازلي لانطلاق التظاهرة الثقافية، تتمكن المدينة العتيقة من إبراز هياكلها الثقافية بعد مرور زمن من عمليات الترميم والتجسيد وهي التي تحوّلت بفعلها قسنطينة إلى ورشة مفتوحة تصارع الوقت للانتهاء من الأشغال المترامية على أطراف المدينة العتيقة، وهي الأشغال التي ترسم وجه مدينة الصخر العتيق من جديد وتنعش تاريخ مدينة يزيد عمرها عن ألفي سنة.
“زينيت” قيد التسليم وفندق “الماريوت” على وشك الانتهاء
ذكر لنا مسؤولون أن المشاريع الضخمة المدرجة في التظاهرة مكسب هام لمدينة قسنطينة التي تعمل ما في المقدرة من أجل تشريف الجزائر والعرب. وقالوا لـ “الشعب” أن من المشاريع الضخمة والهياكل التي انطلقت أشغالها خلال سنة 2014 ، المشروع الفني الضخم “زينيت” الذي انتهت به الأشغال بنسبة 99 بالمائة، حيث تقرر بتاريخ 25 من شهر أفريل افتتاحه من طرف الوزير الأول “عبد المالك سلال” وهي خطوة أولى لتسليم أهم مشاريع التظاهرة الثقافية والذي يعتبر مكسبا لولاية قسنطينة ليليه فندق “الماريوت” الذي تم الانتهاء من أشغاله ولم تتبق سوى التهيئة الخارجية.
حسب مدير السياحة السيد “لباد” لـ “الشعب”، فإن الفندق الذي كلّف 14 مليار دينار، يتألف من 5 طوابق وطابقين أرضيين .أنجز الفندق على مساحة تقدر بـ 10 هكتارات وفق طابع معماري عربي يضم 180 غرفة و 21 جناحا من بينها جناح رئاسي، وكذلك قاعات اجتماعات ومحاضرات ومطاعم ومسبحين مغطيين وفضاءات للاسترخاء ومساحات خضراء.
وأضاف لباد، إن الانجاز الضخم الممثل من أول فندق ذي خمس نجوم يمّكن قسنطينة من استقبال الوفود الأجنبية الرسمية التي ستشارك في تظاهرة عاصمة الثقافة العربية، خاصة وأن الولاية لا تتوفر سوى على فندقين ذي “أربع نجوم” بوسط المدينة، إضافة إلى “سيرتا” ذي الثلاث نجوم و “بانوراميك” ذي الأربع نجوم.
يخضع الفندقان لعملية إعادة الاعتبار بعدما أصبحا لا يواكبان المقاييس العالمية والعصرية. وحسب المسؤول الأول عن الجهاز التنفيذي “ واضح حسين”، فإن هناك خمس هياكل سيتم تسليمها قبل التظاهرة الثقافية في انتظار البقية.
وحقّقت قسنطينة التي يعود تاريخها إلى 2500 سنة “أرقاما قياسية” في تجسيد برامج المنشآت والمرافق التي تمت المبادرة بها في إطار هذه التظاهرة التي ستسهم حتما في إبراز مكانة هذه المدينة ذات الرصيد التاريخي الغني.
وتشكل إعادة تأهيل هياكل ثقافية بشكل كلي وتغيير شكل عديد الأحياء وإعادة ترميم أماكن تاريخية مثل قصر الباي و«المدرسة” والفنادق أمثلة تستحق التأمل، وهي مجهودات حثيثة تقوم بها قسنطينة من أجل إنجاح فعاليات التظاهرة الثقافية التي ستجعل من مدينة الجسور المعلقة إشعاعا ثقافيا يمتد إلى كافة الأوطان العربية.
برنامج ثقافي ثري
تعيش مدينة الجسور المعلّقة على مشارف احتفالية ضخمة، مكّنت قسنطينة من نفض الغبار عن حضارتها المبعثرة على أبواب “سيرتا” العتيقة، هي أنغام فنية جلبت معها الحظ لمدينة نامت لسنوات واستفاقت باختيارها عاصمة للثقافة العربية.
هي إذن ثقافة جلبت معها قافلة من المشاريع والبرامج المتنوعة، فمنذ اختيار مدينة الجسور المعلقة كعاصمة للثقافة من قبل المنظمة العربية انهالت البرامج الثقافية والفكرية والأدبية والفنية على المكلفين بإعدادها حبا في المشاركة بهذا الحدث الكبير.
الزائر الى قسنطينة يدرك أن المدينة التي غيرت ملامحها، تتجهز لتلبس أحلى حُلّة لتحتفل بالثقافة العربية. المدينة تعتبر في حد ذاتها متحفا يروي قصصا في الهواء الطلق و قلعة محصّنة بجسورها وصخورها الشاهقة ما يجعلها ساحرة تخطف أنظار زائريها من الوهلة الأولى.
وإلى جانب كل هذه المشاريع الاستراتيجية تم تحضير برنامج ضخم لخوض فعاليات التظاهرة بكل ثقة حيث يشمل البرنامج العديد من المعارض، الحفلات الفنية والموسيقية الكبرى، العروض والمهرجانات والملتقيات وكل ما يتعلق بالتراث والثقافة والفن والأدب.
على هذا الأساس، تقرّر تنظيم 5 استعراضات لمراحل ماضية مخصّصة لعدة فنانين، 7 معارض تتضمن مواضيع مختلفة وكذا أكبر معرض للنحت الجزائري و 11 معرضا للتراث مع نشر عدة كتب منها ألف عمل في مختلف الميادين طول السنة .. تقرر تنظيم أيام دراسية،مؤتمرات وصالونات متعلقة بالكتب والنشر.
ولما تلعبه الموسيقى من دور في إبراز ثقافة المدينة ونوعية فنونها، سيتم تنظيم أكثر من 180 حفلة موسيقية كبرى على مدار السنة وذلك ما بين القاعة الكبرى للعروض وقاعة “مالك حداد” ومحمد العيد آل الخليفة و195 حفلة موسيقية أخرى، وإطلاق 3 قوافل فنية تجمع أكثر من 3 آلاف فنان بتنظيم ليالي الموسيقى والأغنية العربية.
و باعتبار أن الثقافة متعددة الألوان ومختلفة الطبوع، تم برمجة 36 عرضا خاصا بالبالي و3 مهرجانات رقص عربية، إفريقية وفولكلورية معاصرة مع نشر كتاب حول تاريخ البالي الوطني الجزائري.
و في سياق المسرح والسينما من المقرر أن تحتضن التظاهرة، 108 عرضا مسرحيا و200 عرض مسرحي بولايات الشرق الجزائري، 12 عرضا فكاهيا بالقاعة الكبيرة للعروض. أما فيما يخص المهرجانات المتعلقة بالتخصّصات المسرحية، فسوف تنظم 4 مسرحيات ومسابقة لأحسن مسرحية بالثاويات، كما لا تخلو فعالياتها من نشر مؤلف حول “المسرح العربي” مع إنتاج أكثر من 40 عملا مسرحيا فيما تخصّص إقامة لهؤلاء الفنانين من أجل التكوين والكتابة، هذا وللتظاهرة نصيب من الفن السابع بإنتاج 5 أفلام سينمائية و 9 أفلام وثائقية وكذا ملتقيات سينمائية سمعية بصرية.
معارض قيّمة لمخطوطات المدينة القديمة
يعتبر القطاع المحفوظ من أهم القطاعات التي أولتها وزارة الثقافة اهتماما كبيرا من أجل الحفاظ عليه من خلال إعادة الاعتبار والترميم لعدد من المناطق الأثرية والتاريخية بالمدينة.. يلعب المحفوظ دورا هاما في التظاهرة وهو يعد جزءا لا يتجزأ من هوية قسنطينة العتيقة. لهذا تقرّر برمجة الجهات الوصية عدة مشاريع منها أشغال لإعادة تهيئة المناطق الأثرية بالمدينة. وتخص عملية الترميمات لـ “دار صالح باي”، إعادة تهيئة وافتتاح مسار “درب السيّاح”. وينظم بالمناسبة ملتقى دولي حول “إفريقيا الرومانية”، مع إقامة معرض ضخم للمخطوطات القديمة لقسنطينة، وطبع منشورات بعنوان: “سيرتا قسنطينة عاصمة سماوية لخليفة عبد الرحمان” و« نصيرة بن صديق المكرس لقسنطينة”.
فيما يتعلق بجانب التراث المعنوي سيتم تسجيل التراث الموسيقي ونشر مالوف قسنطينة الذي يضم 36 قرصا مضغوطا مع نشر 8 باقات أقراص مضغوطة لمختلف فناني المالوف عروبي أو محجوز.
في ذات الصدد، يتم تسجيل أجزاء جديدة من طرف الشيخ مصطفى لمسامر لغناء العيساوة ومقاطع موسيقية من نوع الزنداني، نشر “5” مؤلفات متعلقة “بالتقاليد القسنطينية” ومعرضين حول “الموسيقى الأندلسية” و “الموسيقى التقليدية”.
الأفلام الوثائقية ستكون حاضرة بقوة من خلال النشرة، حشاشي،عيساوة، ديوان موسيقى قسنطينة وشيوخها .. هي برامج مقرّرة لمواكبة التظاهرة العربية التي تعمل قسنطينة للتحضير لها بشكل مكثف وبتسخير كل الإمكانيات المادية والبشرية، في وقت تعتزم إشراك كل مثقفيها وأدبائها وفنانيها حتى يساهموا في تصدير الثقافة الجزائرية للأشقاء العرب حتى تكون المدينة خير مثال عن الثقافة الأصالة والحضارة العريقة للجزائر الفخورة بأن تكون عاصمة الثقافة العربية على مدار السنين والأعوام وليس لعام واحد.