المراكز الثقافية في نظر مثقفي تيبازة

المشكلـــة ليست في الهيــــاكل.. بل في هيئــــــات التأطير

تيبازة: علاء.م

أجمع عديد الفنانين والمثقفين خريجي الجمعيات الثقافية لولاية تيبازة، من الذين سجّلوا أسمائهم بأقلام من ذهب في سجّل المشهد الثقافي الوطني، من خلال جملة الأعمال الفنية المنجزة من لدن هؤلاء على مدار السنوات، أجمعوا على أن مشكل الهياكل الثقافية ليس قائما على الإطلاق، بالرغم من وجود دار ثقافة واحدة فقط بالولاية، وإنما يكمن الخلل في التأطير والبرامج المعتمدة بدور الشباب.

مصطفى لعريبي:
بعض دور الشبــاب تديـر ظهرهـا للفنانين والمثقفــين

محمد ينينة:
 بنـاء مســرح
 جهــوي بعـاصمة الولايــة قريبـا

ومن بين هؤلاء الممثل مصطفى لعريبي، خريج “حركة المسرح” بالقليعة، وهو الذي أدى أدوارا رئيسية وهامة في العديد من المسلسلات والأعمال التليفزيونية.. حيث أشار الفنان في تصريح لـ«الشعب”، بحكم معرفته المحترمة لعالم الثقافة وواقع هذا القطاع بولاية تيبازة، إلى أنّ الإشكال القائم يرتبط بالأساس بمسيري دور الشباب عبر تراب الولاية والتي تغلق أبوابها حين يقبل المثقفون والفنانون على “مباشرة مهامهم”، وهي بذلك تدير ظهرها لهؤلاء ولا تعيرهم اهتماما، ومهما كانت دار الثقافة بالقليعة بعيدة عن مثقفي الجهة الغربية من الولاية فإنّ دور الشباب تسعهم جميعا، إلا أنّ البرامج المعتمدة بتلك الدور لا تتماشى وتطلعات هؤلاء باعتبارها لا تشجع الكشف عن المواهب، ولا تتيح للشباب تفجير طاقاتهم الإبداعية وهنا تكمن المشكلة.
من جهته أكد نائب رئيس حركة المسرح بالقليعة، الفنان “محمد ينينة” الذي اكتشفه الجمهور الواسع من خلال عدة أعمال فنية كوميدية، مثل “جمعي فاميلي” و«قهوة ميمون” و«تيك تاك”، أكد بدوره على أنّ التأطير يبقى على الدوام هو المشكلة الحقيقية للتيبازيين، الذين لا يفتقدون لهياكل تأوي مثقفيهم وإنّما تبقى البرامج المعتمدة بدور الشباب غير متناسقة مع تطلعات المثقفين والفنانين، وإذا كانت دور الشباب هذه تسيرها إطارات تابعة لقطاع الشباب والرياضة فإنّ الأمر يقتضي تفعيل برامجها مع متطلبات الصحوة الثقافية التي أضحت تحتكرها دار الثقافة لوحدها بنسبة كبيرة، باستثناء ما تجود به بعض الجمعيات المتخصصة في المسرح والموسيقى.
 أما عن تواجد دار الثقافة بالقليعة فقد أشار الفنان “محمد ينينة” الى أنّ ذلك يعتبر امتدادا طبيعيا لواقع ثقافي فرضه أبناء البلدة بتأسيسهم لحركة مسرح متألقة و3 جمعيات متخصصة في الموسيقى الأندلسية، إلا أنّه يرتقب بناء مسرح جهوي بعاصمة الولاية قريبا لاستدراك الخلل الناجم عن البرمجة في هذا المجال .
أما من الجانب الرسمي فقد أشار مصدر موثوق من مديرية الثقافة بولاية تيبازة إلى أنّ الولاية كانت تحوز من ذي قبل على بعض من المراكز الثقافية التابعة للبلديات هيكليا، إلا أنّ نقص التأطير الذي كانت تعاني منه مصالح الثقافة أرغم الجهات الوصية على إسناد تسييرها لمصالح الشباب والرياضة، مما أفرز تحولها التلقائي إلى دور للشباب تطبق بها نفس البرامج المعتمدة من طرف القطاع، وهي كلها برامج تعتمد على نشاطات الحركة الجمعوية بالدرجة الأولى بعيدا عن واقع التكوين القاعدي، ولا يزال الأمر كذلك الى إشعار آخر.
تكوين قاعدي لأكثر من ألف منخرط على مدار ثلاث سنوات
تولي دار الثقافة “الدكتور أحمد عروة” بالقليعة أهمية بالغة للتكوين، من خلال اعتماد ورشات متخصصة في مختلف الطبوع الثقافية والأدبية، يشرف عليها خريجو المعاهد والمدارس الوطنية العليا في بادرة قال عنها القائمون عليها إنها تهدف إلى ضمان تكوين قاعدي متميز، يمكن خريجي الدار من طرق أبواب المدارس المتخصصة لغرض مزاولة التكوين، أو التألق مستقبلا ضمن الأعمال الثقافية المتميزة على أقلّ تقدير.
وفي ذات السياق، فقد أكّد المستشار الثقافي بذات الدار “صالح نصار”، بأنّ العديد من خريجي ورشات الدار خلال الموسمين المنصرمين تمكنوا من حجز مواقع لهم ضمن كبرى الجمعيات الثقافية المحلية والأعمال التلفزيونية الناجحة، والقنوات الفضائية الخاصة التي برزت إلى الوجود على فترات متلاحقة.. ومن بين هؤلاء الممثل الشاب “اسلام لابري” الذي أدى دورا متميزا في عمل تلفزيوني للمخرج عمار تريباش بداية السنة الجارية، وممثلين آخرين تمكنوا من تجسيد ملحمة “سويداني بوجمعة” المسرحية لجمعية حركة المسرح لمدينة القليعة، وهي الملحمة التي مثلها على خشبة المسرح لأول مرة فنانون كبار يعتبرون حاليا من ألمع نجوم الفن والسينما ببلادنا، على غرار مصطفى لعريبي، ومينة لشطر، ونسيم لابري وغيرهم..
غير أنّ التواصل بين الأجيال ومساهمة دار الثقافة في دعم المواهب الشابة أعطى لخزان جمعية “حركة المسرح” مزيدا من العناصر المتألقة، القادرة على التحدي وإنجاز أعمال فنية متميزة، لاسيما وأنّ دار الثقافة تشترط شهادة التخصص من المعاهد والمدارس العليا، إضافة الى التجربة والخبرة لتأطير المتربصين في المسرح والموسيقى والرقص بشقيه التقليدي والعصري، وكذا الفن التشكيلي والإعلام الآلي واللغات أيضا، بحيث تمّ تفويج الورشات إلى 3 فروع متكاملة، يعنى الأول منها بفرع النشاطات الثقافية كالمسرح والموسيقى والرقص، فيما يعنى الثاني بالورشات العلمية المرتبطة بدراسة لغات الفرنسية والألمانية والانجليزية والاسبانية وكذا الاعلام الآلي.. أما الفرع الثالث فهو يهتم بشؤون الطفل تحت تسمية “فضاء الطفل” وتشرف عليه مختصة نفسانية تعمل على تحرير هذه الفئة من مختلف العقد المحتملة، ناهيك عن تلقينها مختلف الطبوع الثقافية المناسبة لهذه الفئة العمرية.
وأشار مصدرنا إلى مرور أكثر من ألف مسجل بمختلف الورشات خلال ثلاث مواسم بما في ذلك الموسم الحالي 2014 ـ 2015 وتشهد الدار بذلك إقبالا متميزا للتسجيل خلال شهر سبتمبر من كلّ سنة، على أن تنشط مختلف الورشات خلال يوم السبت وأمسية الثلاثاء تزامنا مع فترة الراحة لتلاميذ المؤسسات التربوية.
كما حرصت إدارة الدار على تنظيم حفل تخرج سنوي يتم من خلاله عرض أهم إنجازات المتربصين من أعمال فنية متميزة أمام أعين أوليائهم مما يعطي للعملية صبغة الجدية والصرامة.
على صعيد آخر تعتمد دار الثقافة بالقليعة سنويا برنامجا ثريا متميزا يعنى بإحياء المواعيد الوطنية والعلمية بتنظيم تظاهرات متميزة، على شاكلة الأسابيع الثقافية مثل الأيام الوطنية لأغنية الشعبي، التي يتم تنظيمها خلال شهر جانفي من كل سنة، والملتقى الوطني للشعر النسوي الذي ينظم بمناسبة يوم المرأة، والأيام الوطنية الشتوية وكذا الربيعية لمسرح الطفل المتزامنة مع عطلتي الشتاء والربيع، والمهرجان الوطني للعرس التقليدي المتزامن مع شهر التراث، إضافة إلى تظاهرة أخرى بعنوان الأيام الوطنية للمونولوغ، ومعارض لمختلف الفنون التشكيلية والحرف.. كما تستضيف الدار دوريا تظاهرات الأسابيع الثقافية لمختلف الولايات بولاية تيبازة وهي كلها تظاهرات مكنت الدار من جلب المزيد من الجمهور والمهتمين الأمر الذي جعل منها قبلة لمتذوقي مختلف الفنون والطبوع الثقافية، وذلك بالرغم من كونها افتتحت أبوابها أمام هؤلاء منذ أقل من ثلاث سنوات خلت.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19629

العدد 19629

الجمعة 22 نوفمبر 2024
العدد 19628

العدد 19628

الأربعاء 20 نوفمبر 2024
العدد 19627

العدد 19627

الثلاثاء 19 نوفمبر 2024
العدد 19626

العدد 19626

الثلاثاء 19 نوفمبر 2024