تلعب دُور الثقافة دورا هاما كمؤسسة اجتماعية تهتم بكل ما يتعلق بالحياة اليومية للمواطن انطلاقا من البيئة الاجتماعية الأقرب، في تلبية الحاجات وتكييف أنشطتها الثقافية وفق طبيعة الحاجة التي يطلبها المجتمع، وعلى رأسه الأسرة الجزائرية.. ومن أهم الأنشطة التي توليها دور الثقافة أهمية بالغة برامج الطفل على مختلف الأعمار والمستويات التعليمية، من نشاطات ثقافية وألعاب بهلوانية ترفيهية وكذا مسرح الأطفال والأناشيد، وكل ما يساهم في تأهيل الطفل وتربيته وفق استراتيجية تساير البرامج التعليمية المسطرة لمختلف الأطوار التربوية.
حاولنا من خلال هذا الاستطلاع معرفة أهم الأنشطة الجوارية التي تساهم بها دار الثقافة محمد بوضياف بعنابة للطفل، ضمن رؤية تقوم على التركيز على تربية وتنشئة الطفل الثقافية والفنية، والاستثمار في قدراته وتنميتها.
تقول المستشارة الثقافية عاشوري لمياء بمديرية الثقافة لولاية عنابة، إن دار الثقافة محمد بوضياف بالولاية، على غرار دور الثقافة على مستوى القطر الوطني، تسطر سنويا برنامجا خاصا يعنى بالأطفال وانشغالاتهم، وفق رؤية تساهم فيها العديد من الاطراف على مستوى مديرية الثقافة، هذه الأخيرة التي تساهم بحصة الأسد في تأطير برامج الأطفال من خلال تنظيم زيارات للنشء لأهم المواقع الأثرية بالمنطقة، وكذا عيادة الأطفال المرضى على مستوى مستشفى البوني للأطفال، من أجل تقريب الطفل من المجتمع، وترسيخ ثقافة التضامن والتكافل الاجتماعي لديه.. هذه الجولات الاستطلاعية لا تخلو من التوجيه والتعليم وترسيخ قيم اجتماعية حميدة في ذهن الطفل، وذلك باعتماد العديد من الموجهين الثقافيين والمرافقين في كل نشاط يتم تسطيره لفائدة الأطفال.
كما أن هذه البرامج المسطرة تخضع للعديد من الدراسات وكذا المسح الاستطلاعي قبل إعدادها، والذي يأخذ بعين الاعتبار أهم الحاجات التي يطلبها الطفل أو الأسرة ككل، ضمن مواسم معينة على اعتبار أن البرامج الصيفية تختلف عن البرامج الشتوية.
بالإضافة إلى ذلك، فإن أكبر البرامج الموجهة للطفل يتم تسطيرها أيام العطل الصيفية منها، الشتوية والربيعية، ويعرف هذا الجانب من البرمجة تركيزا أكبر على تفاصيل الإعداد، بحيث يؤخذ بعين الاعتبار طبيعة الفصل الذي تجرى فيه النشاطات، فمثلا نجد أن البرامج
الصيفية تركز عادة على الخرجات السياحية للشواطئ بصورة كبيرة، أما البرامج الشتوية فهي تركز على بعث النشاطات الداخلية بفعل تكييف العمل وطبيعة الأحوال الجوية لأنها في العادة لا تساعد في الخروج إلى الفضاء الخارجي المفتوح، أما في العطلة الربيعية فيتم برمجة زيارات ميدانية للعديد من الأماكن السياحية سواء بولاية عنابة أو الولايات المجاورة، على غرار حمام دباغ بقالمة أو المناطق الغابية لسرايدي وشطايبي.
وتضيف المستشارة الثقافية عاشوري لمياء في هذا السياق أن نوعية ومحتوى هذه البرامج، المسطرة من طرف دور الثقافة عامة، تتلخص في كونها برامج تكميلية لما يتلقاه الطفل في المدرسة والأسرة، تعنى بصورة كبيرة بعنصر التربية والتنشئة، من خلال توجيه الطفل وتربيته على القيم الأخلاقية النابعة من التعاليم الدينية ومكارم الأخلاق وحسن التدبير، كما تعتمد البرامج على تلقين الطفل معارف ومعلومات عن العديد من الأنشطة، خاصة خلال الزيارات للمواقع الأثرية أو الأماكن السياحية أين يتلقى الطفل معارف ومعلومات عن تاريخ هذه المعالم والمساهمين في تشييدها.. كما تعمل دار الثقافة على تعليم الطفل ثقافة التنظيم سواء في لباسه أو طريقة أكله أو جلوسه، أو حتى من ناحية توجيهات عامة فيما يخص الالتزام بالأخلاق والآداب في الكلام، الأكل، اللعب...
مهمة لا تخلو من العراقيل
وخلال عملية إعداد برامج الأطفال تواجه دار الثقافة العديد من العراقيل في تجسيد برامجها، خاصة فيما تعلق بالجانب المادي الذي يعتبر أكبر عائق يحد من تطلعات وطموحات معدي برامج الأطفال أو البرامج الثقافية بصورة عامة، فقد يتم أخذ جميع الاحتياطات بعين الاعتبار خلال عملية الإعداد هذه، لكن كما نعرف فإن للطفل العديد من الطموحات المتزايدة، وبالتالي غالبا ما يجد معد برامج الأطفال الثقافية نفسه أمام زيادة في تكاليف تجسيد برنامج معين، نتيجة لزيادة طلب الأطفال على جانب معين في البرنامج، أو بسبب ارتفاع تكلفة إعداد هذا النوع من البرامج، ما يعد إخلالا في غالب الأحيان بعملية تنفيذ هذه البرامج الثقافية، لأنها تتم وفق دقة عالية لطبيعة الجمهور الموجهة إليه، كما أن أهدافها هي تربوية توعوية تساهم في تأهيل الطفل في العديد من المجالات.
ضف إلى ذلك المتابعة الأسرية التي ترافق أنشطة الأطفال خاصة في البرامج الشتوية، أين ترافق الأسرة أبناءها في كل نشاط، مما يشكل عامل ضغط إضافي لمهام دار الثقافة، لا يتعلق هذه المرة بما يطلبه الطفل فقط، ولكن بما يراه الآباء ملائما لأبنائهم، ما دفع إلى إشراك الأسر وخاصة الأمهات والآباء في العديد من الأنشطة، والأخذ بعين الاعتبار ما يطلبونه لأبنائهم.