يكشف لـ”الشعب” خبايا سوق الفن التشكيلي، الفنان موسى متريتر:

”بعض العارضين يستغلون حاجة الفنان المادية”

حاوره: أسامة إفراح

يرى الفنان التشكيلي والشاعر موسى متريتر أن شراء اللوحات الفنية يبقى استثمارا يقوم به المشتري، ينم عن ذوق سوسيوثقافي أو فلسفي أو عن ميل وتعلق بتيار تشكيلي معين.. ويكشف لنا في هذا الحوار بعضا من خبايا عمليات بيع اللوحات الفنية في الجزائر، والعلاقة التجارية التي يبقى فيها الفنان الخاسر الأول والأخير...

الشعب:  .. كيف يمكن تقييم لوحة تشكيلية فنيا وماديا؟
الفنان موسى متريتر: في البداية يمكن القول إن الفن التصويري أو العمل الفني بصفة عامة، يقيّم على أساس مجموعة من المعايير والميزات: المادة، التقنية، ومدى صعوبة الإنجاز (تجفيف بطيء أو استعمال المواد المساعدة والمجففات)، انتماء العمل الفني إلى حراك فني دون أن يكون ظاهرة موضة Tendance-Fashion.
لا يمكن تحديد قيمة لوحة فنية بطريقة مطلقة، ولكن تقييم موضوعي وتقني يمكن أن يحدد العمل الفني في حد ذاته.
في رأيك.. لماذا نشتري لوحة فنية؟
يشتري المرء لوحة فنية لأنها تعيده إلى شيء عميق، حميمي مع الروح، والنظرة والإحساس الأول بالإعجاب هما عنصرا الإثارة في عملية الاختيار، وهما اللذان يدفعان المرء لتفضيل هذه اللوحة على تلك. والفن قيمة نادرة، ليس هدفه تجميل غرفة الضيوف في المنزل، ولكنه يهدف إلى قيمة عميقة موغلة في نفس المشتري للأعمال الفنية. كما يشتري المرء عملا فنيا لأنه يقدّر ما يراه، وذلك عن ذوق وجداني ومادي في فلك روح مثقفة، متميزة وتملك حسّا ذواقا، تبحث عن الجمال والعاطفة.
هل يهتم الجزائري باقتناء الأعمال الفنية؟
 تبقى المساومة علاقة تجارية، فشراء لوحة ما هو إلا استثمار في الإرث العائلي أين نجد اللوحات الفنية تتوارثها الأجيال داخل العائلة الواحدة، وهذا حتى قبل الاستقلال، حيث كان هنالك جامعو التحف الفنية يعرضون اللوحات التي يملكونها.
أما “المهتمون الجدد” الذين نراهم اليوم، فهم للأسف يرون في اقتناء الأعمال فنية طريقة للانتماء إلى طبقة اجتماعية معينة متمثلة في “الأغنياء الجدد”.
باعتباره حلقة الربط بين الفنان والزبون، ما هي الشروط الواجب توفرها في صاحب قاعة العرض؟
إن بائع التحف والأعمال الفنية يجب أن يكون في المقام الأول محبّا للفن التشكيلي (بشكل عام) قبل حبّه للوحات الفنية في حد ذاتها. هذا الشغف بالمهنة يمرّ في البداية عبر حب لتقنية معينة أو تيار فني محدد (السريالية، الانطباعية، الواقعية...). أما رواق العرض فيبقى ملتقى مفتوحا للمعارض الفنية، فنجد في رواق ما المدرسة التكعيبية، وفي آخر نجد مثلا فن التخطيط والأجواء الشرقية.
كيف تتم عملية بيع اللوحات الفنية؟
إن “ذوق جمع الأعمال الفنية” هو العامل المثير والمحفز والمحرك لترقية سوق الفنون التشكيلية في الجزائر، ويكون عدد جامعيها قليلا في العادة، وتجدهم ينتمون إلى عائلات ميسورة الحال، كما توجد علاقة تفضيلية بين أصحاب أروقة العرض والزبائن.
وتتم عملية البيع والشراء في الفنادق، القنصليات والسفارات، بالتزام يغطيه التحفظ والتستر، حيث نشتري أو نحدد الطلبية عبر الهاتف، أو يتم الاقتناء عبر الدفع نقدا دون شيكات أو وصل بيع واستلام.
مع ذلك فإن “شهادة أصالة Certificat d’authenticité” تكون مطلوبة رفقة البطاقة الفنية، الحجم، رقم تصنيف الفنان في الديوان الوطني لحقوق المؤلف والحقوق المجاورة.
هل ترى طريقة البيع هذه منصفة للفنان التشكيلي، أم أنها تهضم حقوقه وإبداعه؟
للأسف فإن الفنان الجزائري لا يعيش من فنه، وهناك من أصحاب أروقة العرض غير الشرفاء من يغتنم هذه الفرصة، ويفرضون على الفنانين رسم لوحات منسوخة بأسعار زهيدة، نجدها في محالّ بيع التحف القديمة.
ويبقى صاحب قاعة أو رواق العرض مسيرا ذاتيا للمادة التي يشرف عليها، ويملك قائمة من الزبائن “الخاصين به” في العادة، والذين يحبذون لوحات في تيارات فنية معينة: التيار الاستشراقي، الانطباعي، المعاصر” و«اللوحات المنسوخة” عن أعمال كبار الفنانين.
إن الفنان مبدئيا يبيع لوحات أصلية، لوحات من إبداعه هو لا لوحات مستنسخة و«مقرصنة” عن أعمال الآخرين، والآراء تبقى متضاربة حول هذه النقطة.
أما العلاقة نوعية/سعر فتبقى محلّ مساومة وتفاوض بين المشتري وبائع اللوحات أي صاحب قاعة العرض.. هذا الأخير يأخذ عمولة يمكن أن تبلغ 45 بالمائة من سعر اللوحة الفنية، وفي بعض الأحيان تأتي بعض الطلبيات بناءً على رغبات زبائن في الخارج.
وهناك 2 أو 3 قاعات عرض توقع اتفاقا سنويا قابلا للتجديد مع الفنان، وهو ما يعتبر ضمانا للفنان (عملية الإبداع الفني) وللعارض (عملية شراء وبيع اللوحات).

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19629

العدد 19629

الجمعة 22 نوفمبر 2024
العدد 19628

العدد 19628

الأربعاء 20 نوفمبر 2024
العدد 19627

العدد 19627

الثلاثاء 19 نوفمبر 2024
العدد 19626

العدد 19626

الثلاثاء 19 نوفمبر 2024