دبلجة الأفلام إلى اللّغة الأمازيغية

زرع ثقافة سينمائية وتجسيد التنوّع الفنّي

هدى بوعطيح

أثرى عدد من المخرجين الجزائريين الفن السابع في الجزائر بعدد من الأفلام السينمائية، من بينها الأمازيغية، حيث سعى عدد من المهتمين، بتقديم أعمال فنية بهذه اللغة، تضاف إلى رصيد السّينما الجزائرية، مبرزة في ذات الوقت التنوع الثقافي والفني لهذا البلد.

أسماء لامعة سطّرت لها تاريخا حافلا بالانجازات وهي تقدم للسينما أفلاما ساهمت في إعطاء الثقافة الأمازيغية مكانتها في العالم، حيث شهدت أول انطلاقة فعلية لها مع المخرج شريف عفون بفيلم “نهاية الجن”، الذي أنجزه في أوت 1990، لتتواصل الإسهامات مع أب السينما الأمازيغية، عبد الرحمن بوقرموح، الذي ناضل لأجلها.
إنّه أول مخرج جزائري دخل السينما العالمية في بداية التسعينيات، بإخراجه لفيلم أمازيغي مقتبس عن رواية الأديب الجزائري الكبير “مولود معمري” بعنوان “الربوة المنسية”، والتي تمّ تصويرها سينمائيا عام 1995، ليتحصل هذا الفيلم على جائزة الزيتونة الذهبية في الدورة الـ 12 لمهرجان الفيلم الأمازيغي في 2012، كما أثمر جهده عن تأسيس مهرجان الفيلم الأمازيغي، الذي ظل يحضر فعالياته إلى أن وافته المنية.
ومن هنا سمحت السينما الأمازيغية بفتح المجال لمناضلين عن الهوية الأمازيغية وتوسيع العمل بإنجازات فنية أخرى، حيث ظهرت إلى الوجود أسماء أخرى رسّخت ملامح السينما الأمازيغية بقوة، على غرار “جبل باية” للمخرج الراحل عز الدين مدور، هذا الفيلم الذي اعتبر أحد روائع الإنتاج السينمائي الجزائري، وثاني فيلم ناطق بالأمازيغية بعد “الربوة المنسية”، رصد فيه المخرج تاريخ حياة سكان منطقة القبائل في السنوات الأولى من دخول الاستعمار الفرنسي للجزائر، حيث تدور أحداث الفيلم حول الشّرف والثّأر الذي كان يميز عادات وتقاليد أبناء هذه المنطقة.
وقدّم المخرج الجزائري “عمور حكار” الفيلم الروائي المشترك جزائري ـ فرنسي “البيت الأصفر” الناطق باللهجة الشاوية، حيث تدور أحداثه في جبال الأوراس الأشمّ، من خلال “البيت الأصفر” الذي يكشف عن قصة قروي بسيط أصيب بفاجعة وفاة ابنه الوحيد، الذي كان يؤدي الخدمة العسكرية، ليبدأ رحلة استعادة رفاته، إلاّ أنّ القروي الذي يعيش في عزلة تامة أنهكه ثقل البيروقراطية القاتلة، ولكنه يكتشف في نفس الوقت طيبة وتضامن أبناء البلد في الأوقات المؤلمة.
ولم يكتف المخرجون الجزائريون بتقديم أعمال سينمائية باللهجة القبائلية وفقط، بل، قدّم آخرون أعمالا باللهجة الترقية، كما فعل المخرج إبراهيم تساكي، والذي أنتج فيلم بعنوان “إيروان” أو “كان يا ما كان”، والذي سمح لأبناء الصحراء الاستمتاع بأفلام ناطقة بلهجتهم، حيث يسلّط الضوء على رجل الجنوب الذي يتخلى عن أصوله لأجل مستقبل مجهول، وتدور أحداثه في أعماق الصحراء وبالضبط منطقة جانت.
كما أثرى ربيع بن مختار السينما بفيلم “تينهنان..حضارة التوارق”، يروي فيه شخصية الملكة تينهنان، الأم الروحية للتوارق بتمنراست، أو كما يعرف عنها المرأة الكثيرة الترحال والسفر، في حين أخرج يني طاهر فيلم “المفرغة الممنوعة”، وإسماعيل يزيد “بابا موح”، والمخرج طاهر حوشي الفيلم الأمازيغي “إيدير”.

وبالرغم من الأعمال التي قدّمها هؤلاء المخرجين لإثراء السينما الجزائرية بأفلام باللغة الأمازيغية، إلا أن هناك بالمقابل من يعمل على تقديم أعمال باستخدام الدبلجة لتعويض النقص الكبير في الأفلام الأمازيغية، لتصبح نوعا من أنواع الإنتاج السينمائي، على اعتبار أن الفن السابع  أحد الفنون المدافعة عن الهوية والثقافة الأمازيغية، وبالرغم من صعوبة الدبلجة، بسبب الترجمة وتوافق الأصوات المدبلجة مع حركات الفم للممثلين في الفيلم، إلا أن هناك اهتمام وإقبال من قبل بعض المخرجين، الذين أبانوا عن تحكم كبير في تقنياتها وهذا كله خدمة للثقافة الأمازيغية.
وعلى سبيل المثال لا الحصر حقّق فيلم التحريك الأميركي “موشوشو” بدبلجته إلى الأمازيغية من طرف استوديو “دابل فويس” أعلى نسبة مبيعات ومشاهدة في الجزائر، بعد أن اعتمد على أغاني المطربتين اللبنانيتين نانسي عجرم وباسكال مشعلاني وعدد من مطربي الأغنية القبائلية في الجزائر، وقد اكتسحت نسخ الفيلم الأميركي - الأمازيغي سوق الأشرطة في تيزي وزو بشكل لافت، وتمّت دبلجة غالبية المقاطع الموسيقية الغنائية في الفيلم إلى الأغنية القبائلية، كما استعانت الشركة بأسماء جزائرية وقبائلية، كما هو الحال بالنسبة للسناجب الذكور الذين أطلقت عليهم أسماء “علاوة”، “فريد”، “موح”.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19547

العدد 19547

الأحد 18 أوث 2024
العدد 19546

العدد 19546

السبت 17 أوث 2024
العدد 19545

العدد 19545

الخميس 15 أوث 2024
العدد 19544

العدد 19544

الأربعاء 14 أوث 2024