الأغنية الوطنية ....تولد من رحم الثورة

عبّرت الأغنية الوطنية عن روح ونشوة الانتصار التي تلت تضحيات جسام، قدمها أزيد من مليون ونصف مليون شهيد، كما حملت صورا وحقائق تاريخية، تمثلت في نفض الغبار على أبطال الوطن وبطولاتهم التي قدموها فداء للجزائر، هذه الحقائق التي رأى المؤرخون ضرورة تدوينها في مصادر تبقى مرجعا للأجيال المتعاقبة.
وساهمت الأغنية سواء كانت وطنية أو ثورية في نقل التراث الشعبي لمنطقة بسكرة، هذا الموروث التاريخي الذي في طياته واقعا لمرحلة تاريخية مكونة لهوية وطن بأكمله، من خلال المشاهد البطولية والمعارك التي صنعها أبناء الجزائر والتي ترجمت في كلمات وأغاني لطالما رافقت الثوار وحفزتهم لإخراج العدو الذي احتل ترابهم عنوة.
فالأغنية، وطنية كانت أم ثورية، إضافة إلى الأنشودة التي تستخدم في تهذيب السلوك من خلال اختيار الكلمات المؤداة من طرف المنشد، تركت وقعا على النفس لا يستهان به، وإن تناولنا مثالا على ذلك، رائعة “من أجلك عشنا يا وطني” للشاعر والأديب عمر البرناوي رحمه اللّه، التي نال بها جائزة وطنية من قبل الرئيس الراحل الشاذلي بن جديد في ثمانينيات القرن الماضي، ولتي يعبر من خلالها عن روح ونشوة الانتصار التي تلت تضحيات جسام، قدمها أزيد من مليون ونصف مليون شهيد، وهو بهذا أيضاً نقل صورة تاريخية كما يرى المؤرخون، عن واقع يرون أنه لابد تدوينه في مصادر التاريخ.
 ويحمل هذا النوع من التراث الشعبي التاريخي في طياته واقعا لمرحلة تاريخية مكونة لتاريخ وطن بأكمله، وكما يقول المؤرخون أيضاً والمهتمون بكتابة التاريخ، إن هناك دلائل وقرائن حدثت في فترة الاستدمار، فضلا عن ما يذكر في الأغنية الثورية من اسماء الشهداء وخصالهم وأماكن المعارك واسماء الجبال التي تتغنى بها هذه الأغنية في هذا التراث، وجب على المهتمين تدوينها لأنها جزء لا يتجزأ من تاريخ الثورة.
 وفي ذات السياق، عملت الأغنية الوطنية في مرحلة خلت، معملها في شحذ الهمم واستقواء النفوس، وهنا أمكننا القول بأن هذا يعد نوعا من أنواع التعبئة الشعبية في تلك الحقبة، إذ أن ما تحدثه من اهتزاز نفسي لم يقو المستدمر على هزه إطلاقا، وهذا لن يتأتى إلا باختيار جيد للكلمات وفق لحن منساق عبر مؤلفة نغمية “مقام”، ينتظر إن تترك في نفس الصاغي حتى لا أقول المستمع، تأثيرا بليغا، اتجاه واقع الحال الذي يحياه في تلك الفترة، أو حتى بعدها، بخلق صورة ذهنية يراد من خلالها الحب الكره، ومن هذا المنطلق يجد المؤلف نفسه ملزما باختيار ما يمكن من خلاله أحداث رجع صدى قوي.