راسلنــا السلطـات المعنيــة.. لكن لا شيء لحــد الآن
معارض جهويـــة ومحلية لتخفيف أضرار إلغاء أو تأجيل «سيلا»
«إنّ الحال تجاوزت قدرة مواجهة الناشطين في مهن الكتاب، وقد باتوا على شفا الإفلاس».. بهذه الكلمات وصف مصطفى قلاب ذبيح، رئيس المنظمة الوطنية لناشري الكتب، والمدير العام لـ»دار الهدى»، وضع الكتاب في بلادنا.. وضعٌ كان صعبا حتّى قبل الأزمة الصحيّة، وتفاقم أكثر بسبب تداعيات هذه الأخيرة. وفي سبيل إنقاذ هذا القطاع الاستراتيجي، راسلت المنظمة الوزير الأول في مناسبتين، كما التقت وزيرة الثقافة ومستشاريها، ولكن لا يوجد شيء ملموس مُذ ذلك الحين، يقول رئيس المنظمة.
- «الشعب»: راسلت منظمتكم الوزير الأول، كما تواصلت مع مسؤولين في قطاع الثقافة.. ما فحوى تلك المراسلة واللقاءات؟ وهل تمّ، إلى حدّ الآن، الاستجابة لمطالبكم؟
مصطفى قلاب ذبيح: لقد قامت المنظمة بواجبها بتبليغ كل الجهات المسؤولة بحقائق وضع مهن الكتاب في ظل جائحة فيروس كورونا المستجدّ، كما قامت بتحليل ذلك الوضع وباقتراح حلول عملية وبسيطة، بغرض وضع كافة أدوات اتخاذ القرار من بيانات ومعطيات بين يدي المسؤولين. غير أن أثر هذا كله لم يظهر بعد، وهو ما يجعلنا نجدّد دعوتنا للإسراع في إمداد القطاع بوسائل الاستمرار، لأن الحال تجاوزت قدرة مواجهة الناشطين في مهن الكتاب، وقد باتوا على شفا الإفلاس. لأجل هذا نكرّر الدعوة إلى إنقاذ هذا القطاع الاستراتيجي، لا على المستوى الاقتصادي فحسب، بل وعلى المستوى الثقافي والاجتماعي وحتى الهوياتي.
وفضلاً عن مراسلة الوزير الأول مرّتين (09 أفريل و19 أفريل من السنة الجارية)، فلقد التقينا مستشاري وزيرة الثقافة، وتمّ إطلاعهم على تصوّر المنظمة الوطنية لناشري الكتب، كما حظينا بلقاء مع معالي الوزيرة تم فيه التطرق لمجمل حيثيات القطاع، وقد صحّحنا فيه التصوّر السائد بخصوصه، كما فصلنا في وثيقة مطبوعة ـــ سلمناها للوزيرة ـــ سبل النهوض بالقطاع بأقل التكاليف، مع ذكر مختلف توصيات البرنامج المهني للطبعتين السابقتين من المعرض الدولي لصناعة الكتاب (من تنظيم منظمتنا) وتفصيل التدابير الدائمة منها والاستعجالية التي يحتاجها القطاع للاستمرار.
وعلى الرغم من الاهتمام البالغ الذي لقيه عرض الحال الذي أجريناه أمام معالي الوزيرة، والحلول المقترحة لحلحلة الوضع أولاً، ثم لتصويبه بشكل دائم ثانياً، والجدية التي التمسناها عندها وعند فريق عملها، إلا أننا لم نرَ شيئاً ملموساً منذ ذلك الحين.
- هل لك أن تحدّثنا أكثر عن آثار الأزمة الصحّية على قطاع النشر؟ وماذا اقترحت منظمتكم لمواجهتها؟
حسب تقييم المنظمة للوضع، فإن مجمل مؤسسات القطاع، كما سبق ذكره، على حافة الإفلاس، بما يقتضيه ذلك من تسريح للعمال بالجملة، وهذا راجع إلى سببين رئيسيين، أولهما حدوث هذه الأزمة في أعقاب فترة من الانحسار الاقتصادي في القطاع، وثانيهما استيعاب فترة الحجر الصحي لمعظم موسم توزيع الكتاب لهذه السنة، فالموسم يمتد من أوائل العام (بعد فترة الركود التالية لمعرض الجزائر الدولي للكتاب) إلى منتصف شهر ماي.
ولمواجهة هذه الظروف، اقترحت المنظمة مجموعة من الترتيبات الكفيلة بضمان استمرار النشاط الاقتصادي في مجال نشر الكتب، نذكر منها: منح دور النشر قروض تشغيل بلا فوائد على مدى لا يقل عن سنتين لتمكين استمرار الإنتاج، وتعميم الأمر باقتناء الكتب على سائر الجهات المشكِّلة للطلب العمومي، من مكتبات مطالعة عمومية، ومكتبات جامعية، ومكتبات المدارس للأطوار التربوية الثلاثة، مع حصر الاقتناء في الكتاب المنتج محليًّا وتسريع إجراءاته.
كما اقترحنا تعميم قائمة العناوين بالنسبة لاقتناءات مكتبات المطالعة العمومية (الرئيسية والفرعية) لتشمل كل العناوين غير المكررة (أي المتوفرة أصلاً في رصيد المكتبة المعنية) الصادرة عن دور نشر جزائرية في حدود القانون المسير لمكتبات المطالعة العمومية. وطالبنا أيضا بتفعيل الصندوق الوطني لترقية الفنون والآداب وتطويرها، مع إخضاعه لدفتر شروط، وتفعيل صندوق الإتاوة على تجهيزات الاستنساخ الخطي.
- إلى جانب هذه التدابير المستعجلة، هل توجد مقترحات أخرى للمنظمة لإصلاح وضع مِهن الكتاب؟
بلى.. لدينا مقترحات الأخرى لإنقاذ القطاع، منها ضرورة سعي وزارة الثقافة لاستصدار اعتماد رسمي من الحكومة للكتاب كمُنْتَج استراتيجي إن عاجلاً أو آجلاً، والتفعيل الفوري لقانون أنشطة وسوق الكتاب وكل نصوصه التنظيمية القابلة للإصدار بشكل فوري، وكذا قانون إعفاء الورق الموجه لطباعة الكتب من الضريبة على القيمة المضافة، والإصدار السريع لبقية النصوص التنظيمية الخاصة بقانون سوق وأنشطة الكتاب. كما نؤكّد على أهمّية استصدار إعفاء التام من الضريبة على القيمة المضافة بالنسبة للكتاب، على غرار ما هو معمول به في الكثير من البلاد العربية والأجنبية، وعلى غرار ما هو معمول به في صناعة السيارات. بالإضافة إلى مقترحات أخرى في محاور تنظيم المعارض، وتصدير الكتاب، والتنسيق مع مختلف الوزارات (مثل وزارة التربية الوطنية، وزارة البريد وتكنولوجيات الاتصال، وزارة التجارة) والإدارات، من أجل رعاية الكتاب.
ونجدّد تأكيدنا، كما في كلّ مرة، على نقطة رئيسية وهي إشراك المنظمة في كل ما يتعلق بالكتاب، قرارات ونصوصاً وسياسات.
- هل تتوقع إلغاء المعرض الدولي للكتاب لهذه السنة؟ وكيف سيؤثر ذلك في وضعية الناشرين والكُتّاب؟ وما هي البدائل المتاحة في رأيك؟
إن المنظمة الوطنية لناشري الكتب تعرف حق المعرفة ما يتطلبه تنظيم معرض ناجح من جهد ووقت، فمن هذا المنطلق لا نرى إمكانية لإبقاء معرض الجزائر الدولي للكتاب في موعده، فإمّا أن يؤجّل أو تلغى دورة هذه السنة.. وإلغاؤه يعني المزيد من تضييق الخناق على مِهن الكتاب، بما قد يشكل الضربة القاصمة لظهر معظم الناشرين، بما يتبع ذلك من أضرار على بقية سلسلة إنتاج الكتاب في هذه الظروف العصيبة التي أكلت الأخضر واليابس.
لذا، فإن المنظمة أعدت برنامجاً ثريًّا من المعارض الجهوية والمحلية لدعم الناشرين ـــ ومن ورائهم مختلف المساهمين في إنتاج الكتاب ـــ وهو برنامج معدّ بشكل يضمن ـــ حسب تصوّرنا ـــ إعادة إطلاق حركيّة الإنتاج الفكري والأدبي، وتعميمها على مختلف جهات الوطن. وهو طبعاً برنامج معدّ ليبقى وليستمرّ، إذا توفرت له أسباب النجاح والبقاء من تفاعل وتنسيق مع القطاعات الإدارية والجماعات المحلية المعنية.
- بعد كل ما سبق، كيف ترى وضع قطاع النشر عندنا في فترة ما بعد «كورونا»؟ وما هو النداء الذي توجهه في هذا الصدد؟
أرى أن وضع قطاع النشر في الجزائر على مفترق طرق مصيري، فإما أن نحسن مواجهة الأزمة، التي لم تبدأ بـ»كورونا»، أو أن تكون نهاية النشر في الجزائر على يدي «كورونا»! إن الدولة الجزائرية قد شرَّعت قوانين، وأنفقت أموالاً طائلة، وبذلت جهوداً جبارة دعماً للقطاع، لكنها لم تستشر المنظمات المهنية العاملة فيه والمعايشة لنجاحاته وإخفاقاته، فكانت حصيلة ذلك كله ما نعيشه اليوم.
فلا نملك بعد هذا سوى أن نوجه نداءً مزدوجاً، بأن تُتخذ إجراءات تصحيح الوضع ودفع الأخطار عن مهن الكتاب بغاية السرعة، وأن تُتخذ بالتنسيق مع المنظمة الوطنية لناشري الكتب.