تحسرت الفنانة التشكيلية صاحبة الروائع الفنية الجميلة أمال بكاي على واقع الفن التشكيلي في تصريح لـ» الشعب» حيث أشارت إلى أنها تقريبا الفنانة الوحيدة وطنيا التي ترسم ألواح فسيفساء بالجلد والزجاج، وتعول كثيرا على الوافدة الجدية للقطاع الوزيرة مليكة بن دودة لتحسين واقع الفنان والتكفل بانشغالاته ومشاكله المهنية والاجتماعية، مؤكدة أن وضعية الفنان لا تزال هشة رغم بعض المكاسب الاجتماعية والمهنية».
وأشارت بكاي التي ترأس أيضا جمعية «زهرة الأمل الثقافية» الرائدة بعاصمة الاوراس باتنة إلى أن» الفنان يقدّم رسالة نبيلة لجمهوره مهما كان، سواء كمستمع أومتفرج أوحتى قارئ، ويساهم في بناء مجتمعه، هذا من الناحية النظرية، أما ما يحدث على أرض الواقع، بكلّ أسف، فهومختلف تماما، حيث تُسند الأمور إلى غير أهلها ويصبح من هبّ ودبّ فنّانا، وعندما تعم الفوضى فالأكيد هنا هوان تتوقّع غياب الفنان الحقيقي.»
ورغم كل ذلك فان بكاي تستبشر خيرا بغد أفضل في ظل الجمهورية الجديدة التي ناد بها رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون والذي خصص حيزا هاما من برنامجه الرئاسي لإعادة الاعتبار لقطاع الثقافة. وأضافت محدثتنا أنها تستغرق أحيانا كثيرة أكثر من شهرين لإنجاز لوحة تشكيلية واحدة، مضحية بأشياء كثيرة مادية ومعنوية، خاصة وأنها تقوم بالرسم على الجلد ما يستغرق الوقت الكثير، ولا يعوض تلك المجهودات إلا فرحة إكمال اللوحة وعرضها للجمهور، تلك الفرحة تقابلها صدمة كبيرة عندما تقوم بمعرض لا يزوره احد من الجمهور وان فعلوا فهومن باب التسلية والترفيه، حيث أكدت بكاي أمال أنها تلتقي مع الجمهور الذي يبدي إعجابه باللوحات الفنية ولكنه يرفض مثلا اقتناءها.
«ضرورة إنشاء سوق للفن «
وجددت الفنانة التشكيلية « نداءها بضرورة خلق سوق للفن والتي من شأنها استحداث عوائد مالية للفنانين وأصحاب أروقة العرض، لتمكين الفنانين من مواصلة نشاطاتهم الفنية خاصة وان اغلبهم ليسوا منخرطين في الديوان الوطني لحقوق المؤلف والحقوق المجاورة. كما أصرت محدثتنا على التأكيد على أن الفنان التشكيلي في بلادنا يعاني الكثير على غرار باقي الطبوع الفنية الأخرى، حيث يبق الفن التشكيلي مهمشا، بسبب وجود حلقة مفقودة بين الفنان والجمهور، فهذا الأخير كثيرا ما يعزف عن زيارة المعارض التشكيلية، حتى المسؤولون عن الشأن الثقافي تجدهم لا يحركون ساكنا لدعم التشكيليين بوسائل مختلفة، كون هذا النوع من الفن يحتاج لإمكانيات مادية معتبرة وتوفير أدواته يستدعي من الفنان تخصيص ميزانية كاملة، لذلك بإمكان مقرات دور الثقافة شراء لوحات تزين بها جدرانها الباردة وتعم الفائدة على الجميع، وهذا كمثال بسيط لإمكانية مساعدة الوزارة للفنانين التشكيليين.
وبخصوص العراقيل التي تواجهها كفنانة تشكيلية، أشارت أمال بكاي أن «أهمها يكمن في ثقافة المجتمع بشكل عام والذي تجده يهتم بكل الفنون على حساب الفن التشكيلي، إضافة إلى عدم وجود سوق حقيقي للوحات الفنية بالجزائر قياسا بالدول الأخرى، كما أن أسعار المواد الأولية التي نستعملها كفنانين تشكيليين في لوحاتنا تكلفنا الكثير، وأحيانا نجد صعوبة في الحصول عليها وإن توفرت فهي تكون بكميات قليلة، إضافة إلى غياب المساحات المخصصة للعرض وانعدام المتاحف المتخصصة والدوريات الفنية وكلها هيكليات كلاسيكية لتطور الفن وبالتالي تطور الفنان، هذا من جهة ومن جهة أخرى هناك مشكلة التباين الجهوي في التعامل مع الفنانين التشكيليين على المستوى الوطني، ففي الاوراس مثلا لا نجد إقبالا كبيرا من طرف الطلبة والشباب على هذا النوع من الفن بسبب غياب الدعم، رغم ما تعج به هاته المنطقة التاريخية من مبدعين وفنانين».
وختمت محدثتنا «بالتأكيد على رفضها الاستسلام لهذا الواقع، حيث دعت الفنانين الجزائريين إلى مواصلة نضالهم من أجل تحقيق مشروعهم الحلم، في غد أفضل، على اعتبار أن هذا الأخير وسيلتهم الوحيدة لإثبات وجودهم والحصول على حقوقهم، ولابد من إكمال المشوار ومواجهة الأوصياء على الفن الذين يقتلون روح الإبداع عند الشباب، فهم الذين يعوقون تطور الفن عامة والتشكيلي خاصة بعدم سعيهم إلى تنظيم المعارض أوتقديم الدعم المادي للفنانين والجمعيات الفنية».