حينما وضع الأكاديمي الإنجليزي «سايمون ثيرلي»، المدير التنفيذي لمؤسسة «التراث الإنجليزي»، تصورا لما أسماه «دورة التراث»، كان يهدف إلى المساعدة على شرح عملية العثور على الثقافة ودمجها في حياتنا، إذا نحن أردنا القيام بذلك. كما وضع هدفا لكل عنصر من عناصر هذه الدورة، من مساعدة الناس على تطوير فهمهم للتاريخ، إلى مساعدة السلطات المحلية على رعاية بيئتها التاريخية.
سنة 2005، وضع المدير التنفيذي لمؤسسة «التراث الإنجليزي»، الأكاديمي والمؤرخ العمراني «سايمون ثيرلي Simon Thurley»، تصورا لما أسماه «دورة التراث».
تبدأ دورة التراث هذه بمحطة أولى هي الفهم، وحينما نفهم التراث سيكون بإمكاننا أن نبدأ في تقديره. وهنا تأتي المحطة الثانية وهي التقدير أو معرفة القيمة، وعندما نقدّر التراث، سنشعر برغبة في الاهتمام به، ويعتبر الاهتمام المحطة الثالثة. هذا الاهتمام سيساعدنا على الاستمتاع بالتراث الثقافي، أي أننا سنجد متعة فيه، وببلوغ المتعة أو الاستمتاع سنكون قد بلغنا المحطة الرابعة. هذه المحطة الرابعة ستعود بنا إلى المحطة الأولى في الدورة وهي الفهم، حيث كلما زادت هذه المتعة، زادت رغبتنا في أن نتعلم ونفهم المزيد، وهكذا دواليك... ومن هذه المحطات الأربعة، تتشكل دورة التراث الثقافي وتواصل دورانها.
كان هدف ثيرلي من هذا التصور «مواصلة العمل بطرق جديدة، بالاعتماد بشكل أكبر على الشراكة والمشاركة الاستراتيجية، والسرعة والمرونة ووضوح واتساق المشورة والوعي التجاري وخدمة العملاء».
وجاء هذا في إطار إستراتيجية تتمحور حول «جعل الماضي جزءً من مستقبلنا»، ويقول ثيرلي إن ذلك كان «بهدف خلق دورة تراث، حيث يؤدي الفهم المتزايد للبيئة التاريخية إلى تقدير الناس لها بشكل أكبر وبالتالي الاهتمام بها بشكل أفضل. وسيتم الاستمتاع بالبيئة التي يتم الاعتناء بها، وعادة ما تجلب المتعة التعطش إلى معرفة المزيد، وبالتالي إكمال الدورة».
ويضيف ثيرلي إنه قد تمّ اعتماد أهداف استراتيجية «عالية المستوى» لكل عنصر من عناصر الدورة. الهدف الأول هو مساعدة الناس على تطوير فهمهم للبيئة التاريخية، باعتبار ذلك «شرطا أساسيا للتعامل مع تراثنا المبني على المستوى الكلي وكذلك الجزئي». الهدف الثاني هو وضع البيئة التاريخية في جداول أعمال الآخرين، بالنظر إلى الحاجة إلى تعزيز الاعتراف بأن البيئة التاريخية هي قضية شاملة تؤثر على العديد من المجالات، «وليس مجرد صندوق صغير يسمى التراث». ثالثًا، هنالك حاجة إلى تمكين وتعزيز التغيير المستدام للبيئة التاريخية (وهنا طبعا يخصّ ثيرلي بالذكر بيئة إنجلترا التاريخية). الهدف الرابع هو مساعدة المجتمعات المحلية على رعاية بيئتها التاريخية، بحيث تتحمل السلطات المحلية المسؤولية والصلاحيات لحماية وتعزيز التراث الوطني. بالموازاة مع ذلك، يجب التأكد من أن المساعدة والنصح متاحان ومناسبان ومتسقان.
ومن الجزء الرابع من دورة التراث، أي الاستمتاع، يأتي الهدف الخامس: تحفيز وتسخير الحماس للبيئة التاريخية، التي هي واحدة من التسليات المفضلة لدى الأمم. وفي الأخير، يوجد هدف سادس، وهو الاستخدام الأكثر فعالية للأصول الموجودة تحت الرعاية. وهنا، أشار ثيرلي، وهو يتحدث طبعا عن مؤسسة التراث الإنجليزي، عن «أصول كبيرة، ليس فقط 150 مليون جنيه إسترليني سنويًا من أموال دافعي الضرائب، ولكن أيضًا المواقع والمجموعات الموكلة».. وهنا يجب الاعتماد على الموظفين المؤهلين والخبرة، واستخدام ذلك بكفاءة وفعالية من أجل الصالح العام.
وتوقع ثيرلي حينها أن تؤدي مراجعة حماية التراث «إلى تغيير جذري في طريقة إدارة الحماية». كما توقع أن يسهل هذا الأمر على غير المتخصصين فهم ما يحاول اختصاصيو الحفاظ على البيئة تحقيقه، كما يسهل تحقيق الاتساق في التوصيات والقرارات في جميع أنحاء البلاد. وأكّد ثيرلي على ضرورة «أن تكون الخطط والاستراتيجيات مرنة ومستجيبة».
للإشارة، فإن سايمون ثيرلي أكاديمي ومؤرخ عمراني إنجليزي، شغل منصب المدير التنفيذي لمؤسسة «التراث الإنجليزي» من أفريل 2002 إلى غاية ماي 2015. وله العديد من الدراسات والكتب المنشورة في مجال التاريخ والتراث، وخصوصا البنايات ذات القيمة التاريخية.
من جهتها، تعتبر مؤسسة التراث الإنجليزي (المعروفة رسميًا باسم صندوق التراث الإنجليزي) مؤسسة خيرية تدير أكثر من 400 معلم ومبنى ومكان تاريخي. وتشمل هذه المواقع ما قبل التاريخ والقلاع في العصور الوسطى والحصون الرومانية والمنازل الريفية. وتقول المؤسسة الخيرية إنها تستخدم هذه الخصائص «لإحياء قصة إنجلترا لأكثر من 10 ملايين شخص كل عام».