ترى الإعلامية صارة كوران، خريجة جامعة يحي فارس بالمدية، تخصص ماستر سمعي بصري، أنه «من المعرف أن للإشهار دورا هاما في تنوير رأي المستهلك تجاه منتوج معين أو خلق الرغبة فيه للحصول عليه كونه الأفضل». لذلك فهو يشكل أهم نسبة من أرباح وسائل الإعلام، كونها تعمل على جذب انتباه الجمهور للمواد المشهّر بها ومساعدة المؤسسات المنتجة على بيعها وتحقيق الربح». غير أن في هذا التركيز الممنهج للإشهار بمواد معينة دون الأخرى، يشكل تشويشا على اختيارات المستهلك في التسوق.
تعتقد كوران بأنه على هذا الأساس «لم يعد الإشهار مجرد إخراج فني إبداعي لرسائل إعلامية بمؤثرات صوتية أو بصرية، بل أصبح وسيلة اتصال تعمل على إقناع الجمهور بصحة ما يدعيه المنتج، وكل هذه المميزات جعلته علما قائما بذاته بمناهجه وتقنياته ومواضيعه يعتمد عليها النقاد في تحليل الشفرات والرسائل الضمنية للحملات الاشهارية لمعرفة مدى تأثيرها على السوق. إلا أنه رغم كل هذا، فأصحاب المؤسسات المعنية بالمادة الاشهارية يتجاهلون عادة خطوة هامة ألا وهي دراسة الجمهور المستهدف وأذواقه من خلال القيام بدراسة استطلاعية قبل بداية تصميم الحملة الاشهارية لمعرفة حاجيات جمهورها ورغباته والتي قد تتحول إلى طلبات
مجرد ما يحصل الزبون على الموارد الكافية لتحصيلها حتى تقدم خدماتها على ما استنتجته من الدراسة، آخذين بعين الاعتبار قانون العرض والطلب».
وبحسب محدثتنا، فان هذه العملية «قد تتطلب تعيين باحثين متخصصين في مجال التسويق وتخصيص ميزانية خاصة للدراسة وهذا ما قد يكلف للمؤسسة مبالغ كبيرة تعود بالخسارة في فاتورة المنتوج فبالتالي تجد المؤسسة الإعلامية نفسها غير مبالية بمعيار الجمهور والذي يعد في نظري من أهم المعايير التي يقوم عليها الإشهار، فتراهن اغلب القنوات في هذا الشأن على معلومات سطحية وعامة بإعداد المادة المراد التشهير بها عن طريق وكالات الإشهار أو مكاتب الإعلام والاتصال الخاصة بالإشهار، حيث يتم الربط بين الخطة التسويقية والإستراتجية الاتصالية المسطرة من طرف المؤسسة الراغبة في التسويق لتعرض على رئيس قسم الإشهار في المؤسسات الإعلامية للتفاوض حول القيمة المالية المستحقة بطريق المزاد أي من يدفع أكثر لتكون له الأولوية في الومضة الاشهارية وكذا الحق في تكرار مادته في أوقات الذروة أو ساحة كبيرة في الوقت المخصص، لتفادي الفوضى داخل المساحات الاشهارية».
وتعتبر كوران أنه « فبالرغم من كل المجهودات التي تقوم بها بعض الوكالات
الاشهارية الاحترافية وكذا بعض المؤسسات الإعلامية للوقوف على مستلزمات التسويق الإعلامي، إلا انه لا يمكن بأي حال من الأحوال تجاهل المحتوى العام الذي تصب فيه الحملات الاشهارية، إذ أن أول ما تلاحظه هو أن حوالي 80 %من المادة الاشهارية المقدمة تروج لمنتوج غذائي وحوالي 90% منها عبارة عن إشهار دفاعي عن ماركات محددة، الغرض منه البقاء والتنافس مع العلامات التجارية الأخرى.
وأخص بالذكر- تضيف: « هنا على سبيل المثال في مادتي الطماطم المصبرة والقهوة هناك تنافس شرس فيهما، لكونهما تسيطران على مساحات الومضة الاشهارية في القنوات التلفزية، حيث وبالنظر لما يشاهده المستهلك في السوق من علامات كثيرة ومتنوعة، فيجد نفسه في حيرة من أمره ومشوشا في اختيار حاجياته قبل أن يقوم باتخاذ قراره في الشراء.
وهنا يبرز سحر صانع المادة الإعلامية في استخدامه لقواعد نظرية الإشهار التذكيري، فيشتري المستهلك المنتوج الأكثر ترويجا بصفة لا إرادية دون إدراك خصائصه الحقيقية، كما نلاحظ ظهور تقنية جديدة في الإشهار تطبيقا لنظرية الإشهار المقارن والتي يتم مقارنة المنتوج بآخر من نفس الصنف عن طريق التلميح لذلك.
ويظهر ذلك في الومضات الإشهارية لمادة غاسول اليدين وغاسول الأواني والملابس والمواد التطهيرية بصفة عامة، التي تصنف في خانة الإشهار التوعوي أو الإرشادي والذي يشهد روجا كبيرا هذه الأيام بسبب ما يعيشه العالم من رعب من جراء انتشار وباء الكورونا، هذه الومضات تقول محدثتنا يهدف من خلالها توعية الجمهور حول مخاطر هذا الفيروس، وكيفية الوقاية منه «.
واختتمت محدثتنا قولها « بأنه رغم بعض التشويش الذي يقع فيه المستهلك بسبب كثرة الومضات الاشهارية، واقتصارها على بعض المواد دون سواها، فإنه ومن باب الأمانة يمكن الجزم بوجود تطور ملحوظ في تصميم الحملة الاشهارية، كونها أصبحت تراعي معايير البيئة التي يكبر فيها المنتوج بحكم القرب الجغرافي في حالة طلب خدمة أو الرغبة في كسب ذلك المنتوج، بما في ذلك المعايير الأخرى، وهذا ما يشير إلى التحسن الكبير الذي يشهد هذا المجال وهذا ما يزرع الأمل في إشهار بتقنيات عالمية مستقبلا».