انطلق الفنان المسرحي عبد القادر بالكروي في تقديم رؤيته حول توقعات مستقبل المشهد الثقافي بعد أن تنجلي الأزمة التي ساعدت، إلى حد ما، في تنشيط الفعل الثقافي عبر الأنترنت، من أن اكتساح الثقافة للعالم الافتراضي بات أمرا ضروريا، حيث أضحى مساعدا لها حتى تثبت حضورها وأهميتها في أداء دورها لتحصين التاريخ والهوية الوطنية والشخصية من جهة وتعرف العالم على وجودها وتنوعها وهو ما يستدعي منا اليوم حشد كل إنتاج ثقافي فكري وفني تنتجه الكفاءات، موضحا «كما يقال يبدأ الفن لما ينتهي الفلكلور».
وأوضح في تطرقه لفكرة اعتماد الثقافة الإفتراضية من منطلق ما أطلقته وزارة الثقافة، أنه لما خيم على العالم انتشار فيروس كوفيد-19 وعلى الجزائر بطبيعة الحال، جاءت هذه الفكرة ومشكورون عليها أصحابها لتملأ فراغا رهيبا، حيث شملت المبادرة مجال عرض الأفلام والمسرحيات، إلا أنه أردف أنه لابد لنا من استنباط الدروس من خلال هذه التجربة، حتى نكون صرحاء وموضوعيين بما يسهم بالارتقاء بمنتوجنا الفني وذلك بالاعتماد على تحليل المبادرة من زاوية نقدية ايجابية.
تطوير المبادرة بخلق أرضية تنافسية
وذكر المسرحي عبد القادر بلكروي، أن هذا النوع من الفعل الثقافي الذي يعد جديدا في العالم يمكننا، مثلا، من زيارة أكبر المتاحف العالمية والمسارح ودور الأوبيرا والمعارض من بيوتنا، لهذا قال «نبارك بالفكرة كما نثني بتسجيلات محترمة لبعض المسارح ولن أذكر أسماءها حتى لا أكون قد حكمت على الأخرى، فقط أتمنى أن تطور هذه المبادرة عبر توفير أرضية تنافسية لها نظرة ترويجية احترافية لتصبح منتوجا فعليا عرض بكامل الأوصاف قد يستهوي جمهورا فضوليا نكسبه للمسرح وللثقافة مما يمكن ضمان استمراريتها».
وأكد على أن الإيجابي في الموضوع «هو أن البث الافتراضي جاء ليقترح علينا خدماته ويبين لنا مدى جدواه في شتى المجالات كما عرض علينا خدمات للتواصل مع المسرح مع السينما مع التعليم مع الوقاية مع الإعلام بشكل خفف من وحدتنا وكسر عنا الملل وأبرز دور التكنولوجيا التي أصبحت تُسيّر حياتنا وجزءا لا يتجزأ من نظام عيشنا».
وأشار في سياق حديثه، إلى أن «تراكم الإبقاء على نماذج تسييرية للرواج والإشهار والتدوين لسنين طويلة وجافة، جعلنا اليوم نلاحظ العبء الكبير الذي تركه هذا النظام وبالأخص على المسرح»، حيث قال: «يبدو لي أن أغلب المسرحيات التي بثت كانت من خزان المسارح ذاتها في إطار احتفاظها بالأرشيف»، مضيفا «لا أعطي انطباعا شخصيا، بل انطلاقا من انطباعات الجمهور الذي اعتبر أن غالبية المسرحيات لم تصور بجودة عالية».
وفي الأخير، أكد محدثنا على أن» المسرح يبقى هو الفن الذي له علاقة وطيدة بالإنسان ولن تزعزع مكانته التطورات التي تطرأ على أسلوب عيشه، لذلك فإنه لا بد لهذا الفن الذي يستحق الاستمرار أن يندمج ويتكيف مع مختلف أنماط التواصل مهما بلغت حداثتها ومهما ارتبطت بالتكنولوجيات الجديدة، مشيرا إلى أن فتح فضاء لبث مختلف الأعمال الفنية بما فيها المسرحية كان واحدا من بين أبرز مطالب المسرحيين في السنوات الماضية وذلك عبر اقتراح إنشاء قناة خاصة بالثقافة تبث فيها كل إبداعات الفنانين في شتى الفنون وتأخذ قضية تسجيل المسرحيات بجد، مضيفا أن ذلك ارتبط أيضا بوجوب إعطاء الأولية لأهل الاختصاص من مخرجين فيما يسمى بالـ»الدراماتيك» الذي يعد عملا نوعيا فنيا يستهوي المتفرج منوها بأهمية إدراج المسرحيات المسجلة في إطار المهرجان للمسرح المحترف خاصة أن عددها هام جدا.