وصفت الأديبة والشاعرة خديجة باللودمو، المشهد الثقافي الراهن في زمن الكورونا الذي باغتنا دون سابق إرهاصات في شقه الرسمي، بحالة خفوت معلنة ومتفق عليها لم تشهدها الحركة الثقافية من قبل - إلا في حالات استثنائية مماثلة وهي قليلة جدا- لا أجندات ثقافية ولا مهرجانات ولا ملتقيات، لتؤكد وتنعت الوضع إبان الأزمة الوبائية بلا ثقافة.
في الجهة المقابلة، ترى الدكتورة خديجة باللودمو من خلال حديثها «للشعب»، أن الوضع مختلف بالنسبة للحديث عن المثقف، باعتبار أن الكثير من المثقفين الذين اعتزلوا المشهد الثقافي الرسمي، صنعوا عوالمَ خاصة تضج إبداعا وإنتاجا، خاصة منهم الذين استطاعوا استثمار معطيات العصر الرقمي فحجزوا لهم مكانا فسيحا يحلقون فيه بكل جمال وحرية واصطحبوا في رحلاتهم السندبادية الكثير من المهتمين والمعجبين.
في هذا الصدد، دعت المتحدثة الجهات الوصية عن الثقافة، إلى ضرورة الاستثمار في تجارب المثقفين الذين نشطوا خلال جائحة كورونا، نظرا لأهمية التواصل الرقمي بالجمهور، وهذا من خلال إقامة مواعيد ثقافية رقمية، وبرمجة بث مباشر رسمي لكل تظاهرة أو نشاط ثقافي بالموازاة مع النسخة الواقعية، مما سينهي، في رأيها، حالة التشتت والضياع والانحباس الذي غالبا ما يرافق أي نشاط خلال أي أزمة.
أكدت خديجة باللودمو، بحسب رأيها، أن المثقف الذي خبر العالم الرقمي واعتاده لن يجد أي اختلاف في ممارسة الثقافة قبل أو بعد الزمن الكوروني، فالأمر سيان عنده، فما يلزمه سوى العدة الثقافية من فكر ولغة ووسيط رقمي لينتعش ثقافيا ويأخذ حقه من كل هذا وذاك.
في هذا السياق، أعطت المتحدثة مثالا عن عامل الجغرافيا الذي فرض على مثقفي المناطق البعيدة عزلة ثقافية، خاصة في أقصى الجنوب وجعلتنا نعاني التهميش وعدم الانتماء، الأمر الذي جعل المثقفين يهتدون إلى عادات حسنة استنبتت من الانغماس في العالم الرقمي، مؤكدةً أن المثقف الصحراوي لن يجد فرقا في كل هذه المجريات التي لا تعنيه بشكل مباشر رغما عنه، وهذا بسبب أن المثقف في الجنوب يعايش الكثير من الأحداث من خلال ما يكتب عنها فقط.
لتعود وتشدد في آخر حديثها، أن «الثقافة ما بعد فيروس كورونا هي ثقافة رقمية دون أدنى شك، مطالبةً جميع المهتمين والقائمين بالشأن الثقافي بضرورة تجديد أنماط تفكيرنا وأدواتنا التواصلية لنكون فعلا مثقفين في عالم مهووس بالجديد».