تعدّ الجزائر واحدة من بين دول العالم التي أولت أهمية للفيلم القصير، والذي يعتبر تحديا كبيرا لصانعه، كونه عليه أن يقدّم فكرته ويعالجها في دقائق، وأن يوصل رسالته بحبكته الدرامية، وهو ما يجعل الرهان صعبا على مخرج الفيلم القصير الذي اختار الخوض في هذا المجال ومنافسة الأفلام الطويلة، بالرغم من أنه يتطلّب إمكانيات كبيرة ويعتمد على التقنيات الحديثة..
فقد بات للفيلم القصير مكانته ضمن المهرجانات الدولية الكبرى، وتنافسه على أولى الجوائز، حيث حمل المخرج على عاتقه مهمة الخروج بهذا النوع من الأفلام إلى النور، بعد أن كانت الأعمال منحصرة في الأفلام الطويلة، وعلى سبيل المثال لا الحصر، شاركت الجزائر في مهرجان «كان»، بعدة أفلام قصيرة خلال السنوات الماضية، على غرار فيلم المخرج الجزائري إلياس بلكيدر بعنوان «يوم زفاف»، وعرضه في فئة «أسبوع النقاد»، والذي اعتبر انجاز للسينما الجزائرية، كونه اختير للتنافس مع عدد كبير من الأفلام القصيرة العالمية، ووسط 06 أفلام عربية فقط، إلى جانب فيلم «لطيف جد لطيف» للخير زيداني، «سالمين» للمخرج رابح سليماني، «دهليز» لمحمد بن عبد الله وفيلم «ما أحلى أن نعيش» لعلوي رامي وفيلم «الصفحة البيضاء» لمحمد نجيب لعموري.
أفلام قصيرة تمكّنت من افتكاك جوائز في المحافل الدولية منها فيلم المخرج بن عبد الله محمد، والذي تحصل على جائزة النقد في الطبعة الـ14 للمهرجان الدولي للأفلام القصيرة بمدغشقر، وذلك عن فيلمه «سأخبر الله بكل شيء»، إضافة إلى فيلم «نقطة صفر» للمخرج نسيم بومعيزة والذي توّج بجائزة أحسن سيناريو في الطبعة الثامنة للمهرجان المغاربي للفيلم، وفوز الفيلم القصير «عاهدتك» للمخرج الجزائري محمد يرقي بالجائزة الأولى في مهرجان «واسط» السينمائي الدولي الثاني للأفلام الروائية القصيرة بمدينة «الكوت» العراقية.. وهي أمثلة فقط لبعض الأفلام الجزائرية التي صنعت التألق خارج ديارها، ونافست أفلاما عالمية لتتوج بجوائز أثرت رصيد الفن السابع في الجزائر.
مهرجانات للأفلام القصيرة
العديد من ولايات الوطن تنظم اليوم مهرجانات خاصة بالفيلم القصير، وعلى رأسها عنابة، والتي خصّصت مهرجانا لهذا النوع من الأفلام، والذي يقدّم أحدث العروض السينمائية الوثائقية والروائية المنتجة عبر مختلف ربوع الوطن، حيث أن المهرجان وعلى مدار 03 أيام يستقطب عددا كبيرا من هواة السينما، كما أنه فرصة لالتقاء مختلف الفاعلين في مجال الفن السابع من سينمائيين ومخرجين ومنتجين.
مخرجون شباب ينحدرون من ولاية عنابة، تألقوا في فئة الأفلام القصيرة، على غرار الشاب عبد الرحمن حراث أصغر مخرج بالجزائر، في رصيده 03 أفلام قصيرة، أولها فيلم «دم الأبرياء»، لسنة 2013 شرف الجزائر بمشاركات دولية، كما تحصل المخرج الشاب على عدة جوائز دولية ووطنية، من بينها جائزة أحسن فيلم قصير عن عمله السينمائي «آسف» بمهرجان عنابة للفيلم المتوسطي 2016، والذي حصد أيضا جائزة «أحسن إخراج» في تظاهرة «الأيام السينمائية» بمستغانم و»السنبلة الفضية» في المهرجان الدولي للفيلم القصير بسطيف، كما أدرج في «البانوراما الجزائرية» في مهرجان وهران للفيلم العربي.
ناهيك عن مشاركة فيلمه «آسف» ضمن المسابقة الرسمية للفيلم القصير في مهرجان الإسكندرية السينمائي لدول البحر المتوسط في دورته الـ33، والدورة الخامسة من «مهرجان العالم العربي للفيلم التربوي» بالدار البيضاء بالمغرب، إلى جانب مشاركته في الدورة الثانية لمهرجان القدس السينمائي الدولي، وبباريس أيضا في إطار تظاهرة سينمائية مختصة في الفنون السينيماتوغرافية الموجهة للطلبة والهواة.. ويطمح المخرج الشاب عبد الرحمن حراث للمشاركة في مهرجان «كان السينمائي».
تظاهرات للاحتكاك بين الهواة والمحترفين
أسماء أخرى ببونة تخطو خطواتها الأولى نحو الإبداع والتألق، وتأمل لتسجيل اسمها بأحرف من ذهب في عالم السينما وفي المحافل الدولية، على غرار المخرج جمال الدين صخري والذي أبحر بدوره في عالم الأفلام القصيرة ليفتك جائزة أحسن فيلم هاوي قصير، عن فيلمه «غير مقبول» في تظاهرة «أيام عنابة للفيلم القصير».. هذه التظاهرات التي تعمل على تشجيع الشباب الموهوب في عالم السينما ومرافقتهم، وخلق فرص للتبادل والاحتكاك بين الهواة والمحترفين من كل جهات الوطن، ناهيك عن مساهمتها الفعّالة في إثراء الفن السابع في الجزائر.