يعتبر الكاتب الدكتور أحمد بقار أن إصداره الجديد «فايسبوكيات...حرف على حرف»، الذي ركّز على دلالة هذا الفضاء الأزرق (الفايس بوك) كمساحة مفيدة وليست من باب تضييع الوقت، ومن أجل أن تكون فضاء للحوار الجاد وتبادل الأفكار والرؤى وإن كانت مختلفة ومتناقضة، وهو ما جسّدته فكرته عبر هذا الكتاب الموسوم بـ «فايسبوكيات...حرف على حرف».
حسب محدثنا، فإن ما يراه في هذا الإصدار، سابقة غير معهودة في هذا العالم الإلكتروني الذي يُؤْثِرُ الحواسيب والآلات الذكية، ويتعامل بعيدا عن الأقلام والأوراق، وقد كانت رغبة منه في إعادة ذلك لطبيعة الكتابة والورق ليلمس ويشم ويتحسّس القارئ ما كان قبلا في شاشة مضيئة.
من هنا أشار إلى أنّه خصّص هذا الكتاب للمنشورات التي رأى أن لها علاقة بخدمة المجتمع أو أحدثت تفاعلا أيجابيا مع جملة الأصدقاء، موضحا «انتقيت من التعليقات ما أرى فيه سلامة في اللغة وتقديما لفائدة أو تعليقا ذكيا رزينا غير متسرع ولا مأمون العواقب، كما أبعدت تلك التعليقات التي تعارف عليها المعلقون، والتي تسجل في أي تعليق مهما كان نوعه وهدفه، أو أنها تعليق من باب التعليق وحسب.
وذكر خلال شرحه لمكنونات كتابه «فايسبوكيات»، أن حياة الناس بطبيعة الزمان وسطوته تتغير وتتحول وتتباين من زمان لآخر، والتسجيل يبقى أقوى وثيقة مدونة تعطي ولو بشكل يسير صورة للزمن الذي دونت فيه، فالذي يقف عند شبكات التواصل الاجتماعي تغيب بصيرته بقيد رفيع لا يستطيع فصمه عن الورقة والتوثيق، وهكذا يجري الزمن من دون شيء ملموس يسجل ذلك العالم الذي غرق فيه الناس في كل أقطار المعمورة، من هنا - يضيف - أردنا السبق في نشر شيء عن هذا الفضاء لعله يكون وثيقة لجيل قادم يجد فيها ويسجل من خلالها ما كان يعيشه جيل سابق، لجيل آت ربما تأسره فضاءات أخرى وتقنيات مذهلة مع هذا التطور السريع قد يقف الحليم أمامها حيرانا.
وعرج على أنّ «الفايس بوك» فضاء رحب وبحر لا ساحل له يغرق فيه إلى القاع من لا بصيرة له، فهو وسيلة لمن يعي سبل الدخول والخروج منه، ويأخذ منه بقدر المصلحة، وينشر فيه ويتفاعل مع الموضوع الجاد والجيد، وفيه من يتحول عنده إلى غاية ويكون محط حياته كلها تتفاعل به سلبا وإيجابا؛ وبهذا يتحول هذا الفضاء إسارا يطوق عنقه ويفتك بأيامه ولياليه، ويخطفه من أعز الأشياء إليه في حياته.
وأضاف الكاتب أحمد بقار أنّ الغالبية العظمى تقف أمام سطوة الفايس بوك منبهرة بالصورة وما فيها من جاذبية، وأمام شريط الفيديو الخارق المدهش، وتجري أمام الإشاعة وكشف المستور، ويغيب أمام هذه السطوة القراءةُ الجادةُ والتعقيبُ المتعقلُ لكل منشور مكتوب يتعدى الصفحة، وكأن المتصفّحين كَلَّتْ نفوسهم من المقروء وأصبحوا أكثر ميلا لرؤية الصورة المبهرة والفيديو الخارق، والاستكانة لكل سريع، تماما كما وجبات السندويتش المعاصرة في الساحات العامة يأكلونها وقوفا وعلى عجل، حاولنا كسر هذا المألوف بنشر مواضيع وخواطر وطروحات أردنا من خلالها كسر نمط المتصفّحين وفتح باب النقاش والتحاور فيها، كما اجتهدنا أن لا تكون هذه الموضوعات المنشورة ممعنةً في طول ولا شحيحةً في قصر، فأول ما سجّلناه قلة القراء والمتصفّحين والمعلقين؛ فالعزوف عن المقروء؛ فأوعزنا ذلك إلى طبيعة العصر؛ زمن السندويتش في كل شيء، وقد جرّبنا قبلا نشر الصورة والفيديو فكان التفاعل كبيرا؛ إعجابا وتعليقا، من هنا جاء هذا الكتاب تجربة إخراج المقروء من الصفحة المضيئة إلى الصفحة الصماء والحبر الأسود.