احتفلت، أمس، عاصمة الأوراس باتنة، على غرار باقي ولايات الوطن، في مختلف النشاطات والتظاهرات الثقافية المنظمة، والتي تختلف من منطقة لأخرى إلا أنها تعتبر قاعدة ثقافية إيجابية تؤسس للبعد الروحي والثقافي لفكرة الوطن والهوية الوطنية، حسبما أفادت.
اعتبرت الفنانة ورئيسة جمعية «زهرة الأمل» الثقافية أمال بكاي في تصريح لجريدة«الشعب»، أنّ «الاحتفالات برأس السنة الأمازيغية مناسبة طيبة تعكس الحضور القوي للثّقافة والهوية الأمازيغية والجزائرية في كل ربوع الوطن».
أشارت المتحدّثة أنّ ثقافة الاحتفال برأس السنة الأمازيغية بالاوراس خاصة والجزائر عامة، قد تجاوزت هذه السنة الحدود الجغرافية لمختلف ولايات الوطن، ولم تعد مقتصرة على منطقة القبائل أو الأوراس أو وادي ميزاب، بل تعزّزت أكثر من خلال مواقع التواصل الاجتماعي التي عكست اتساع رقعة الاحتفال و ساهمت في إبراز بعض العادات والتقاليد الأمازيغية وتميز بعض مناطق الوطن بها، والتي نسيها البعض، خاصة ما تعلق بالشق الثقافي والحضاري منها.
وأشارت بكاي المعروفة باهتمامها بالبحث في التراث الثقافي الأمازيغي المادي واللامادي من خلال المعارض الفنية التي تقوم بها، إلى أن الجدل التاريخي حول الاحتفال بيناير، يتجدد كل سنة، غير أن المميّز مؤخرا هو نجاح المنادين بالتركيز على العادات والتقاليد والثقافة الأمازيغية، في محاولة لإرساء ثقافة الفرح واستغلال الفرصة للاحتفال، ما سمح لهم بإعادة اكتشاف البعد الأمازيغي في الهوية الجزائرية، وهو ما تحرص في جمعيتها بصمة الأمل على ترسيخه ميدانيا من خلال المشاركة القوية في مختلف التظاهرات الوطنية بجناح يحكي الثقافة الأمازيغية بالأوراس.
وترى محدثتنا بكاي أن ينار بقرى ومشاتي باتنة جزء عريق من التراث الوطني وله دور كبير في تقوية المرجعية الحضارية الجزائرية، حيث يعتبر ينار –حسبها- حالة حضارية وثقافية تقوي مقومات الهوية الوطنية وتضع الأسس للمشروع الحضاري الوطني المتكامل، داعية في هذا السياق الباحثين والمؤرخين إلى ضرورة تطوير البحوث في اللغة الأمازيغية وتخصيص حيز هام من أبحاثهم للتراث اللامادي الأمازيغي.
وفي هذا الصدد، فأشارت الأستاذة بكاي التي نظمت معرضا بدار الثقافة محمد العيد أل خليفة بالمناسبة، إلى أن العادات الأمازيغية الكثيرة بالجزائر ووسعت من رقعة الاحتفالات ونوعيتها، فهناك مناطق تحرص على تحضير أشهر الأكلات التقليدية التي تماشى مع المناسبة، وهناك من تفضل التركيز على الأزياء التقليدية التي تعود بقوة، حيث تحرص النساء على ارتداء اللباس التقليدي ووضع الحلي التقليدية للتعبير عن البعد الأمازيغي في هويتنا.
«فرصة للتّعريف بالثّقافة الأمازيغيّة القحة»
كما تحرص بعض العائلات على التعريف بالثقافة الأمازيغية من خلال تلقين أبنائها بعض الكلمات الأمازيغية الشائعة، أو تسمية المواليد الجدد بأسماء أمازيغية قحة بدأت في الانتشار بمنطقة الاوراس، غير ان محدثتنا ترفض حصر الثقافة الأمازيغية في اللغة فقط، بل إن الثقافة الأمازيغية ـ حسب بكاي ـ هي كل الروايات والحكايات والقصص وكذا الأساطير والفنون والتماثيل من المنحوتات، التي تشتهر بها الأمازيغية.
كما ثمّنت الأستاذة بكاي مجهودات الدولة الجزائرية للرقي بهذا العيد وإعطائه كل أبعاده الثقافية، بما تحمله الذاكرة الجماعية للأمازيغ والشاوية، وما ارتبطت به المناسبة من حكايات وخرافات شعبية ثقافي لا تزال تحكيها النسوة إلى يومنا هذا في القرى والمشاتي، وحتى في المدن على غرار حكاية العجوزة التي تحدّت يناير بعدما طاف على الرعاة وحذّرهم من الخروج بسبب البرد الشديد، غير أنّ تلك العجوز تحدّته وأخرجت قطيع الماعز باصقة عليه، حسب الأسطورة، وحتى يعاقبها شهر يناير الذي كان حينها يضم 30 يوما، طلب من شهر فورار «فيفري» أن يعطيه يوما قائلا «يا فورار أعطيني ليلة ونهار باش نقطع لسان العار»، ومن يومها أصبح شهر فيفري يضم 29 يوما، ويناير يضم 31 يوما ـ ومن هنا ارتبطت احتفالية يناير بخرافة العجوز، وهو تراث لامادي ينبغي البحث فيه والحفاظ عليه تختم بكاي قائلة.