باتنة

حصاد ثقافي بطعم “الحراك” الشعبي

باتنة: حمزة لموشي

لا يختلف واقع قطاع الثقافة، بعاصمة الأوراس باتنة، عن غيره من ولايات الوطن الأخرى، في سنة 2019، التي شهدت حراكا شعبيا حضاريا وسلميا ألهب العالم كله، وليس الجزائر فقط، حيث كان فيه للمثقف والفنان والشاعر والأديب والمسرحي وغيرهم الدور الكبير في التعبير عن مكنوناته الفنية بأساليب مختلفة ومتنوعة منها ما شكل إضافة للقطاع، ومنها ما تسبب في ركود ثقافي أثر سلبا على المشهد العام للثقافة بالأوراس.
لعلّ أبرز تأثيرات الحراك الشعبي الراقي والملهم على الشأن الثقافي بعاصمة الاوراس باتنة، هو التأجيل أو الإلغاء الكلي للعشرات من التظاهرات الثقافية والفنية التي كانت مبرمجة على غرار المهرجان الوطني للمسرح الأمازيغي المعتاد تنظيمه منتصف شهر ديسمبر من كل سنة، حيث يشرف العام الجاري 2019 على نهايته وهذه التظاهرة الفنية الوطنية في خبر كان.
كما تم تأجيل تظاهرتي المهرجان الوطني الجامعي للفيلم القصير الذي دأبت مديرية الخدمات الجامعية باتنة بوعقال على تنظيمه بحضور وجوه فنية مغاربية، شكل على مدار سنوات تنظيمه إضافة فنية مميزة للجامعة الجزائرية ولولاية باتنة نظرا للوفود النوعية المشاركة فيه.
كما تم تأجيل الطبعة الأولى للمهرجان الوطني إمدغاسن للفيلم القصير، بسبب الأوضاع العامة للبلاد، حيث يرتقب بعث الطبعة الأولى منه خلال الثلاثي الأول للسنة 2020، بحسب ما أفاد به محافظ المهرجان في تصريح لجريدة «الشعب»، عصام تعشيت.
حتى الفعاليات الثقافية التي حافظت على مواقيتها نظمت باحتشام وفي الظل على غرار مهرجان تيمقاد الدولي في طبعته 41 الذي أعطيت فيه الأولوية الفنية للصعود على ركحه للفنان الجزائري خاصة الشباب من أجل إبراز مواهبهم الفنية بحسب ما أفادت به الجهات المنظمة.
تأثير الحراك على المهرجان كان قويا و بدا واضحا أيضا من خلال تقليص عدد سهرات المهرجان من 8 أيام إلى 5 سهرات فنية عرفت تواجدا محتشما للجمهور رغم مجهودات الجهات المنظمة على تشجيع وتحفيز العائلات والشباب على الحضور من خلال مجانية الدخول والنقل.
وحتى الجمهور الحاضر على قلّته نقل شعارات الحراك إلى مدرجات المهرجان الذي رغم كل شيء فقد أضاء سماء تاموقادي، حيث احتضن ركح مسرح تيمقاد في الهواء الطلق الذي اكتسى حُلة جديدة ومرور مجموعة من ألمع نجوم الأغنية الشبانية الجزائرية بهدف تعزيز الثقافة المحلية والوطنية، حيث كان المهرجان رغم كل التحفظات عليه موعدا فنيا وثقافيا بامتياز.
رغم زيارة 3 مسؤولين عن قطاع الثقافة برتبة وزراء للثقافة لباتنة خلال سنة 2019 ، إلا ان العديد من المشاكل التي تعاني منها الأسرة الثقافية بالولاية لا تزال تفتقر لحلول جذرية على غرار دعم الوزارة للعديد من المشاريع الثقافية وعدم استغلال المنشآت الثقافية والفنية الموجودة وانعدام الإستثمار العمومي والخاص بهذا القطاع الحيوي.
في المقابل فقد ساهم الحراك الشعبي في تفجر طاقات فنية وإبداعية مختلفة للفنانين أولبعض الشباب الذي يعد بمستقبل فني زاهر في الغناء والمسرح وحتى في كتابة الرواية والقصة، حيث انعكس الحراك الشعبي الذي عاشته باتنة على غرار كل الجزائر، منذ شهر فيفري 2019 في صحوة ثقافية كبيرة من خلال ظهور مجموعات من الشباب المولع بالرسم والموسيقى والغناء والذي يقوم بتنظيم حلقات فنية في كبريات مدن الولاية، خاصة أيام الحراك الشهيرة كالجمعة والثلاثاء.
ووفّقت «الشعب»، في عديد المناسبات على قيام مجموعات من الشباب بإطراب المارة ومحبي الفن سواء كان عصريا أو الشعبي التقليدي بأغان وأشعار تلوّنت بصبغة سياسية وفنية ملتزمة، وهناك من ممثلي المسرح من بادر إلى إنتاج مسرحيات تحاكي واقع الجزائر الجديد والمأمول منه، حيث أطلق العديد من المثقفين بالأوراس مبادرات فنية لمواكبة تطلّعات الشّعب الجزائري في هذا المجال وكانوا فعلا قوّة اقتراح ثقافي، حرّر بعض النخب وألهم أخرى.
الحصاد الثقافي بباتنة لسنة 2019 تميز أيضا بتراجع في عدد الصالونات الولائية والوطنية الخاصة بالكتاب والتي احتضنتها باتنة، في مقابل غزارة إنتاج مؤلفات كثيرة، احتضنها المعرض الجزائري الدولي للكتاب، الذي انتعش بمؤلفات لكتّاب وفنانين وأساتذة جامعيين من باتنة، أصدرتها دور نشر محلية أثرت التظاهرة الثقافية.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19630

العدد 19630

السبت 23 نوفمبر 2024
العدد 19629

العدد 19629

الجمعة 22 نوفمبر 2024
العدد 19628

العدد 19628

الأربعاء 20 نوفمبر 2024
العدد 19627

العدد 19627

الثلاثاء 19 نوفمبر 2024