أجمع كل من تحدّثت “الشعب” إليهم على هامش التحضير لهذا الملف الثقافي على “أهمية” الموضوع وقيمته “الكبيرة” في الحقل الأدبي الجزائري، مؤكّدين أنّ الرواية لا تزال تثير فضول القراء والكتاب وتتربّع على مساحة واسعة من اهتماماتهم، لدرجة أنّها تحولت في السنوات الأخيرة إلى “الجنس الأدبي” الأكثر حضورا من حيث التداول الإعلامي والنقدي، وصارت تشكّل سلطة رمزية دفعت ببعض الشعراء إلى تجريب امكاناتهم الإبداعية واختبار قدراتهم الفنية لـ “قول ما لم يقل شعرا”.
والرواية مثلما يقول أمبيرتو إيكو: “هي تلك التي يعرف مؤلفها متى يسرع ومتى يتوقف، وكيف يقدّر درجة الوقفات والإسراع ضمن إيقاع أصلي ثابت دون المغالاة في ذلك، وإلا كنّا أمام حالة هؤلاء العازفين السيّئين الذين يعتقدون أنّه من أجل عزف مقاطع من شوبان ينبغي أن نوسّع من دائرة الريباتو”.
وبخصوص الدور المهم للترجمة، فقد أشار الأستاذان الجامعيان عامر رضا وكريبع نسيمة في تصريح لهما حول “رواية الأزمة المكتوبة باللّغة الفرنسية وإشكالية الترجمة”، إلى “الالتزام بنقل الأفكار المطروحة في العمل الإبداعي”.
ونعتقد أنّ التفاهم أمر مهم بين المترجمين، خاصة عندما يتعلق الأمر بأفكار ومفاهيم ومصطلحات ضرورية لفهم ما يميز الثقافة الغربية عموما والجزائرية على وجه الخصوص، حيث يصلان إلى “نتيجة” هي أنّ الرواية تحتاج إلى مراعاة أثناء عملية ترجمتها بشكل ينسق فيه بين المترجم للعمل الأدبي، وعرضه على الروائي صاحب العمل الأصيل قبل نشره من قبل دور النشر وقبل وصوله للمبدع.
والحقيقة التي لا يختلف فيها اثنان هي أنّه على العموم الأديب الجزائري الذي يكتب باللغة الفرنسية أو أي لغة أجنبية أخرى،”أحبّ أم كره”، نجده يفكر بلغته الأصيلة وهي اللغة “الأمّ” التي عاش بها طفولته، ويكتب بلغة ثانية لها انتماء آخر لحياته ومنطق آخر أي لغة الإبداع، لأنّ الحقل اللّغوي والثقافي الذي يكتب به هؤلاء المبدعون هو حقل شفوي رمزي بعقلية وتفكير الإنسان الجزائري الشعبي، كما أكده لنا العديد ممن تحدّثنا إليهم بكلية الآداب بجامعة باتنة.
ومن هنا كانت الترجمة ــ حسب هؤلاء ــ لمختلف كتابات الجزائريين الذين تناولوا قضايا مجتمعهم تحليلا ونقدا، هو “التوضيح والشرح للحس الأدبي ومحاولة إشراك المتلقي في هذا الهم”، والتطلّع إلى معرفة هموم هذه النخبة من الأدباء الذين كتبوا بغير لغتهم،ومحاولة تفهم ذلك الألم الذي جعلهم يهرعون للآخر في عرضهم إنتاجهم السردي، وثقافتهم وإثبات وجودهم في ديار الغربة.