تعتبر الجزائر من بين الدول التي تسعى جاهدة لتشجيع المقروئية، حيث يتجلى ذلك من خلال المعارض الدولية والوطنية والمحلية، التي تحتضنها على مدار السنة مختلف جهات الوطن، والتي تلقى إقبالا كبيرا من المواطنين من مختلف الأعمار والأجناس، طلبا لكل ما هو جديد من مؤلفات وكتب في مختلف المجالات والتخصصات التي تلبي نهمهم الفكري والعلمي، وتشبع تعطشهم للمطالعة والقراءة.
لا يمكن القول أن نسبة المقروئية في الجزائر تكاد تكون منعدمة، أو قد لا تتعدى 06 في المائة، حسب ما يؤكده بعض المهتمين بالشأن الثقافي، وذلك في ظل انعدام إحصائيات رسمية دقيقة بخصوص المقروئية، ولذلك لا يمكن الحكم على الجزائري والقول بأنه «لا يقرأ»، هذا في الوقت الذي تكشف فيه صالونات الكتب المنظمة بمختلف جهات الوطن، وعلى رأسها الصالون الدولي للكتاب «سيلا» الذي يسجل في كل سنة اقبلا كبيرا للمواطنين يتعدى المليون زائر، حيث أن أغلبهم يغادرون المعارض محملين بمختلف الإصدارات والمؤلفات كل حسب رغبته في المطالعة.
مبادرات ثقافية لتشجيع القراءة
فالجزائري قد يقرأ إذا ما توفر لديه ما يحب قراءته، حيث أن لكل ميولاته، فهناك من يحب الروايات والقصص وآخرون وجهتهم الشعر، وهناك فئة أخرى تفضل تصفح الكتب التاريخية أو السياسية أو الاقتصادية..وما على القائمين على رأس الثقافة في الجزائر سوى توفير فضاءات للمطالعة وإيلاء اهتمام خاص للمكتبات العمومية، حتى يجد القارئ ضالته فيما يرغب في قراءته.
مبادرة قيّمة أطلقتها منذ أعوام وزارة الثقافة، الهدف الأول منها ترسيخ المطالعة لدى الجيل الصاعد وصناعة قارئ الغد بامتياز، هي تظاهرة «القراءة في احتفال»، والتي وددت الإشارة إليها للدور الكبير الذي تقوم به وسط أطفالنا لتحفيزهم على القراءة والمطالعة، وعلى ما يبدو فهي تلقى إقبالا كبيرا من قبل الأولياء بالدرجة الأولى، والذين يسعون لأن يشارك أبناءهم في تظاهرة ترفيهية تربوية، ما يميزها تخصيص نشاطات ثرية ومتنوعة من شأنها تقريب الطفل من الكتاب، وتعويده على القراءة والمطالعة.
وتعتبر عنابة من بين الولايات التي تعتمد على التظاهرات التي تشجع على القراءة، على غرار تظاهرة «عنابة مدينة تقرأ»، والتي باتت حدثا ثقافيا هاما ينتظره سكان بونة كل سنة لما يحمله من نشاطات موجهة للمطالعة العمومية، واستقبال الشغوفين بالقراءة من مختلف الأجناس والأعمار.
تظاهرات تقترب من القارئ
هذه التظاهرة تساهم بشكل كبير من الاقتراب من القارئ وتوصيل الكتاب إليه، تشجيعا للمقروئية وسط المجتمع العنابي، لا سيما وسط الجيل الجديد، وتعويده على حمل الكتاب منذ الصغر ليشب على المطالعة، حيث تحرص مدينة عنابة في كل مناسبة، على تثمين الكتاب، وجعل القراءة الهدف الأسمى ضمن نشاطاتها لما تلعبه من دور في ترقية الفرد وبناء العقول وإنمائها، والتوجه لمختلف الفئات وتحفيزهم على المطالعة وترسيخ لديهم حب القراءة، لا سيما لدى الجيل الصاعد.
بونة تعمل أيضا على التقرب من القارئ من خلال معارض الكتب التي تنظمها على الهواء الطلق بساحة الثورة، على غرار «الصالون الوطني لربيع الكتاب»، حيث يهدف منظموه لإيصال الكتاب إلى القارئ أينما وجد، ليكون فرصة سانحة لكل سكان بونة بمختلف الأعمار والأجناس التقرب من المعارض، التي تضم إصدارات جديدة أو قديمة لمختلف فئات المجتمع.
تظاهرات ونشاطات تلقى الاستحسان والقبول من قبل سكان بونة، نظرا للدور الكبير الذي تلعبه وسط مختلف الفئات، لا سيما منهم الأطفال لتقريبهم من الكتاب وتعويدهم على القراءة وبث فيهم روح المطالعة، فالإقبال كبير لهذه الفئة على مثل هذه التظاهرات، والتي ترسم لوحة جميلة لأطفال من مختلف الأعمار يحملون كتبا ويقرءون، فلعلّهم هم من يعملون مستقبلا على دحض مقولة «الجزائري لا يقرأ».