صورة جميلة وصوت مؤثّر في الأغنية المطربة وسام لـ “الشعب”

إنجازات حقّقتها الفنّانة الجزائرية تستحقّ التّقدير

أجرى الحوار بباتنة: حمزة لموشي

^ اسمها الحقيقي كجتول نسيمة، معروفة في الوسط الفني باسم وسام، هي صورة جميلة وصوت مؤثر في عالم الأغنية القبائلية خاصة والجزائرية عامة، التي تتهاوى اليوم تحت قصف الكلمات غير الموزونة والصور الهابطة. فنّانة نقشت اسمها بأحرف من ذهب على سجل من صنعوا مجد الأغنية القبائلية في زمن كان من “الصعب” أن تجد صوتا نسويا يغني.
 بجرأتها المعروفة استطاعت أن تجد لها مكانا في بيت الفن “شحرورة جبال جرجرة” المعروفة بوسام القبائلية في الوسط الفني الجزائري، إلى جانب كونها مطربة فهي تتقن فن التمثيل المسرحي والسينمائي. فنانة ملتزمة بما تقدم، تخاطب جمهورها بثقة كبيرة، فكان لـ “الشعب “ هذا الحوار عشية احتفال المرأة الجزائرية بعيدها العالمي، حيث تطرّقنا معها إلى بدايتها الفنية ونظرة المجتمع إلى المرأة المبدعة في وقت مازال البعض ينظر للأنثى بأنها قاصرة. وتطرّقت وسام أيضا إلى واقع المسرح والسينما والفن عموما بين الماضي والحاضر، وبنقد صادق للواقع الفني أشادت محدّثتنا بدور العائلة في حياتها وتعزو نجاحها بوقوفهم إلى جانبها، لا تنسى أن تشكر كل من وقف معها خلال مسيرتها الطويلة ومنهم زوجها الرّاحل الذي تعتبره وراء كل نجاحتها.

❊ الشعب: كيف كانت بدايتكم مع المشوار الفني؟
❊❊ وسام: أبني مستقبلي بناءً على الماضي وبالنسبة لي الطريق كان شائكا وصعبا جدا من أوله لآخره. قليلون من دعّموا مسيرتي كوني ملتزمة بخط معين وطريق ذو أهداف واضحة ومحددة، وكون قناعاتي معينة لا أحيد عنها مهما تبدّلت الظروف والوقائع. وهو ما كان سرا لنجاحي واستمراري، بالإضافة إلى اجتهادي الشخصي وإيماني بما أقدّم، فالفن عطاء متواصل ورسالة كبيرة وتنضج الخبرة الفنية مع تقدم الخبرة والنضج والممارسة.
❊ ما هي مرجعيتكم في المجال الفني؟
❊❊ بكل تواضع أعود لنفسي وشخصيتي أولا، ثم إلى بعض المقربين الصادقين والمهتمين من حولي، وقد تعبت لوحدي في ألبوماتي الـ 9 وفي مسرحياتي الـ 7، وحتى في الفيلم السينمائي مع المخرج الكبير أحمد راشدي.
❊ هل اختيار الغناء أو التمثيل تمرّد على الواقع الاجتماعي للمرأة؟
❊❊ شخصيا لا أعترف بمفهوم التمرد ماذا يعني لو أصبحت السيدة مطربة أو ممثلة، من تخرج عن خط الفن الهادف هو ذا التمرد، وليس التمرد حينما نقدّم رسالة ملتزمة، أنا شخصيا حقّقت ما حلمته به وقد ساعدني زوجي والرغبة التي اخترتها في حياتي وهي التمثيل والغناء حققتهما ولست نادمة.
❊ كيف تقيّمين الأغنية الجزائرية في الوقت الحالي؟
❊❊ الأغنية الجزائرية لها رصيدها الحضاري المتجذّر حتى وإن شابها بعض ممّن أساؤوا للأغنية وقدّموا غناء سطحيا كثيرا وأنا لا أسمّيها أغاني، بل هي حالات سلبية في الفن لأنّ الفن دوما فيه الجيد وفيه الممتاز وفيه الرديء. وشخصيا ليس عندي الوقت أبدا لألتفت لتلك الموجة التي ستزول بكل تأكيد، والأهم في كل الموضوع هو من يستمر في الغناء والمسرح والسينما، ومن يستطيع البقاء في ذهن الناس.
❊ ما الذي يمكنه إيقاف زحف الأغنية الهابطة؟
❊❊ باختصار شديد المعادلة الأقوى والأهم هو الجمهور.
❊ ما الدافع لتسجيلك أغانٍ ذات طبوع كثيرة في ألبوم واحد؟
❊❊ نحن نعتبر هذه الأغاني تراثاً نعتز به. وبالنسبة إليّ كانت نوعاً من التحدي لكونها أغاني رصينة ليس من السهل أداؤها، إضافة إلى ظروف الإنتاج. فتسجيل الأغنية مكلّف في يومنا هذا، وغياب شركات الإنتاج الراعية يعتبر سبباً رئيسياً آخر، ولقد ساهم هذا الواقع في ظهور دخلاء على الفن يقدمون أغاني هابطة تفتقر إلى مقومات الأغنية الناجحة، ولا يمتلك مؤديها إلا مبلغ المال الذي يؤهله لتغطية تكاليف التسجيل.
❊ ما هي المشاريع المستقبلية للفنانة وسام؟
❊❊ لا أستطيع أن أسمّيها مشاريعا بل وعوداً، فأكثر من مسرح جهوي خاصة مسرح ببجاية وعد بتوظيفي،ودعوتي لمشاريع فنية خاصة بالمسرح والسينما، لكن لم ينفذ أي وعد منها، وأحسّ بأنّ جيلنا يعاني الإهمال ولا ينال استحقاقه من التقدير على المستوى الرسمي.
❊ أين قضايا الشباب من اهتمامات الفنانين؟
❊❊ ديموغرافية الجزائر كلها شباب، علينا أن نمدّهم بالمزيد من الثقة والاهتمام حتى يشعروا بتلك الحيوية، فالشباب الجزائري يحتاج إلى فيتامين وتقوية دائمة من الفنانين والمفكرين والسياسيين والمهرجانات، فهو بحاجة إلى توجيه صحيح حتى لا ينحرف.
❊ هل أنتم راضون عن مشواركم الفني حتى الآن؟
❊❊  نعم والحمد الله على ذلك، فمنذ البداية لم أقدم عملا أخجل منه ولم أقدم إلا ما يقنع الجمهور، والمتأمل في أعمالي الفنية، يجدها تتغنى بكل ما هو عمل أمازيغي، يحمل قيما اجتماعية والتراث الأمازيغي بصفة عامة، ولكن يراودني شعور بأنّ الطريق مازال طويلا، ويحتاج إلى بذل مزيد من الجهد، لأن الناس يأملون في الفنان خيرا ويعتبرونه المرآة الحقيقية للتعبير عن همومهم وقضاياهم.
❊ يرى بعض النقّاد أنّ الدراما التلفزيونية تفوّقت على السينما والمسرح، فألقتهما في الظل، ما رأيكم؟
❊❊ هذا الكلام حقيقي وصحيح، ولكن من وجهة نظري كفنانة مسرحية فإنّ المسرح يبقى أب الفنون، وظاهرة انحسار الجمهور عن المسرح هي ظاهرة آنية، سيعود الجمهور إلى المسرح، وأنا أرى تباشير ذلك في بعض الولايات كباتنة وبجاية والعاصمة التي نقدم فيها أعمالاً، وهذه الظاهرة على فكرة هي ظاهرة عالمية وليست مقتصرة علينا.
❊ برزت في الآونة الأخيرة ظاهرة تنظيم المهرجانات المسرحية في الجزائر، والنقاد يرون أنّ المسرح الجزائري يمر بأزمة، ما السبيل في رأيكم لتجاوز المسرح الجزائري واقعه الراهن؟
❊❊ أنا أعتقد أنّ العكس، فهناك عشرات الوجوه المسرحية التي حققت ولا زالت أعمالاً في غاية الأهمية.
❊ إلى أيّ مدى يستطيع المسرح الجزائري في وضعه الراهن أن يعكس هموم وآمال المواطن والمجتمع؟ وهل يجد المجتمع في مسرحه متنفساً له؟ بمعنى هل يؤدي المسرح في الوقت الراهن دوره المطلوب؟
❊❊ المسرح هو فطرة راسخة عند الشعوب وشكل من أشكال وعيها وشعورها، يتداخل فيه الواقع بالأسطورة والمعقول بالمتخيل والوعي باللاوعي، من هذه الوجهة يبدو التعبير الدرامي هاجساً إنسانياً مشتركاً ومتنفساً للاحتياطي الوجداني والفكري عند الشعوب .
❊ كيف ترى الفنانة وسام العلاقة بين المسرح والحرية؟
❊❊ منذ الأزل المسرح يبحث عن الحرية، وعندما يتواجد المسرح في مكان فيه هامش كبير للحرية يستمر المسرح في رحلة بحثه، ولا يتوقف عند نقطة معينة، المسرح فن جامح من الصعب لجمه.
❊ ماذا تقولين للمرأة الجزائرية عشية احتفالها بيومها العالمي؟
❊❊ المرأة الجزائرية حقّقت الكثير خاصة في المجال الفني، وبالتالي تستحق من المجتمع أن يغيّر نظرته القاصرة للمرأة عامة والفنانة خاصة، أتمنى لها المزيد من النجاحات والتوفيق.
❊ كلمة أخيرة؟
❊❊ أشكركم على هذا اللقاء وعلى اهتمامكم بالفن والفنانين وخاصة المواهب والشباب، الذين نعتبرهم حاملي مشعل الأغنية الأمازيغية في المستقبل.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19629

العدد 19629

الجمعة 22 نوفمبر 2024
العدد 19628

العدد 19628

الأربعاء 20 نوفمبر 2024
العدد 19627

العدد 19627

الثلاثاء 19 نوفمبر 2024
العدد 19626

العدد 19626

الثلاثاء 19 نوفمبر 2024