تشكل لجان القراءة أو ما يُعرف بالمجالس الفنية على مستوى هيئة الإنتاج بالمسارح الجهوية، الحلقة الأهم في أي إنتاج تلفزيوني أو مسرحي، على الأقل من الناحية القانونية والإجرائية المحددة في القوانين الأساسية لمختلف الهيئات الفنية، باعتبارها اللبنة الأولى التي ينطلق من خلالها المسار الطويل في مراحل إعداد وإنتاج عمل مسرحي، فيلم سينمائي أو مسلسل درامي، حيث تلعب هذه اللجان دورا مهمّا في انتقاء وغربلة الأعمال الفنية المقترحة لتُتَرْجَم على الركح أو في مجال السينما والتلفزيون في حال ما إذا كانت تتمتع بالحياد والتخصص الفني، أم أن عوامل أخرى تتدخل في ترجيح كفة نص مكتوب على آخر...
من الصعب تقييم عمل ودور لجان القراءة على مستوى الإنتاج المسرحي والسينمائي، بالنظر إلى الطبيعة الفنية التي يتميّز بها هذا النوع من الإنتاج مقارنة مع لجان القراءة المتواجدة على مستوى وزارة الثقافة ودور النشر الخاصة بالمؤلفات الأدبية والروائية، حيث يتطلب هذا النوع من الأعمال الفنية أساتذة مختصين ونقادا محترفين بإمكانهم تقييم مستوى ونوعية هذه النصوص المكتوبة، انطلاقا من حساسية القطاع باعتباره يقدم أعمالا فنية مدعمة بالصوت والصورة بإمكانها ترك أثار واضحة على المشاهد إما سلبية أو إيجابية من الناحية النفسية والاجتماعية على عكس الكتاب، وهو ما يجعل من مهمّة مثل هذه اللجان تتميز بنوع من الصعوبة ولا تكتفي بأهل الاختصاص في القطاع فحسب، بل تمتد إلى مختصين نفسانيين واجتماعيين لدراسة النصوص المكتوبة من كل جوانبها الفنية وأثرها على المشاهدين، ومنها جاءت إشكالية موضوعنا لهذا الأسبوع المتعلق بدور لجان القراءة في مجال السينما والمسرح ومدى احترام المنتجين للمعايير المحددة في مهام اللجان، وكيف ينظر أهل الاختصاص لهذا الدور.
عمر فطموش: اختيار النصوص
بناء على البرنامج السنوي
كشف المسرحي عمر فطموش، مدير المسرح الجهوي لبجاية، متحدثا “للشعب”، أن لجنة القراءة أو ما يعرف في ميدان المسرح بالمجلس الفني، يلعب دورا مهمّا في اختيار النصوص المسرحية التي يمكن ترجمتها على الركح إلى أعمال فنية، وهذا انطلاقا من مهام هذا المجلس المحددة في القانون الأساسي للمسارح الجهوية الذي يتكون من 9 أعضاء إضافة إلى المدير، يمثلون فئات فنية مختلفة، إضافة إلى أكاديميين ومثقفين خارج المسرح، حيث يقوم بمهمة انتقاء النصوص بناءً على المستوى والأهمية من حيث الموضوع المعالج. وقال مدير المسرح الجهوي لبجاية، “إن المركز يستقبل سنويا ما بين 6 إلى 7 نصوص يتم اختيار 3 أو 4 منها وفق البرنامج السنوي المقترح من قبل مصلحة النشاطات، مع اختيار موضوع استثنائي أو احتياطي يتم اللجوء إليه في حالة الضرورة..”.
وفي سؤال إن كان المسرح الجهوي لبجاية يفتح أبوابه لكل الكتاب الهواة والمحترفين من مختلف ولايات الوطن، أكد عمر فطموش أن المسرح الجهوي لبجاية يستقبل كافة الأعمال والنصوص المسرحية دون استثناء، لكن هناك أفضلية لأبناء المنطقة من أجل تشجيعهم على مزيد من العمل والإبداع، مع حرصنا، يقول عمر فطموش، على أن يتم الاختيار بالتوازن؛ نصين مكتوبين بالأمازيغية ونصين بالعربية أو الدارجة لإعطاء الفرصة للجميع، مؤكدا في الأخير أن المسرح الجهوي لبجاية بصدد افتتاح فضاء جديد بعنوان “كلمة على الركح”، مفتوح لكل كتاب النصوص الذين سيقومون بقراءة جماعية أمام لجنة الانتقاء بحضور الجمهور تكون متبوعة بمناقشة وحوار حتى يتم إضفاء مزيد من الشفافية على لجان القراءة ولا يظلم فيها أحد مثلما قال...
المخرج عمر شوشان:
نتعامل مع لجنتين مختلفتين
من جهته كشف المخرج السينمائي والتلفزي، عمر شوشان، متحدثا عن الموضوع، أن قطاع الإنتاج السينمائي والتلفزي يختلف عن الإنتاج الأدبي وحتى المسرحي، بالنظر إلى حساسية القطاع ودرجة تأثيره الكبير على المشاهدين، وبالتالي النصوص المكتوبة يتم إخضاعها الى لجنتين: واحدة على مستوى وزارة الثقافة بالنسبة للأعمال السينمائية، سواء منها الأفلام الطويلة أو القصيرة، في حين تخضع الكتابات والأعمال الدرامية إلى لجنة القراءة المتواجدة لدى مصلحة الإنتاج بالتلفزيون، وذلك قبل القراءة الأولية التي يقوم بها المخرج، لتأتي بعدها مرحلة التعاقد مع السيناريست.
وعن الشروط التي يضعها المنتج أو مؤسسة الإنتاج السينمائي لأصحاب النصوص، أكد المخرج عمر شوشان “للشعب”، أن الشرط الوحيد هو أن يكون النص أو السيناريو المقترح مسجلا لدى الديوان الوطني لحقوق التأليف والحقوق المجاورة، حفاظا على حقوق التأليف للكاتب. في حين تبقى عملية تقييم الأعمال من صلاحية لجان القراءة المذكورة، حيث تفرض لجنة القراءة للتلفزيون أن تكون الأعمال هادفة، تحترم ذوق المشاهد والقيم الأخلاقية والدينية للمجتمع، في حين تكون لجنة وزارة الثقافة المكلفة بتقييم الأعمال السينمائية أكثر حرصا على بعض الخلفيات السياسية للفيلم أو ما شابه ذلك من رسائل ضمنية.
كما كشف المخرج عمر شوشان بالمناسبة أن مؤسسة الإنتاج، التي ينشط بها، تستقبل سنويا حوالي 10 نصوص ما بين أعمال سينمائية ودرامية، حيث يتم اختيار عمل واحد بناءً على قدرات الإنتاج للمؤسسة التي لا تستطيع تقديم أكثر من ذلك، هو ما نشتغل عليه حاليا يقول المخرج في المسلسل الدرامي “الأحلام المؤجلة” المنتظر تقديمه شهر رمضان القادم.