مختصّون يستنكرون:

سوء التّسيير وغلق القاعات يفقد الفن السّابع بريقه

المسيلة: عامر ناجح

لا يختلف اثنان في الجزائر على أن الفن السابع  تراجع بشكل كبيرا منذ بداية القرن ٢١، وأصبح  محصورا في طابع المناسباتية والمهرجانات ويعاني سوء التسيير وبقاعات عروض سينمائية مغلقة ونوادي سينمائية تنظر الدعم المادي.

وللاطلاع أكثر على ما تقدمه قاعات سينماتيك  للجمهور والتعرف على واقع وآفاق ورهانات الفن السابع في الجزائر، تحدّثت «الشعب» إلى المخرج الهاوي رفيق مبرك و وليد شموري الباحث في المسرح وكاتب صحفي مهتم بالشأن الثقافي هذا الأخير، أكد أن ما يحفظ بعض ماء الوجه أنّ سينيماتك الجزائر التي لم يتوقف عن عرض الأفلام كونه متحفا وأرشيفا للأفلام الّسينمائية العالمية ويحتل المرتبة الثانية عالميا بحيازته على 10000 فيلم من 53 بلدا، خاصة وأن الجزائر حسبه تمتلك 342 قاعة سينما أغلبها أنشأتها السلطات الفرنسية أثناء الاحتلال، ويأسف وليد شموري لعدد القاعات المفتوحة القليلة، والتي   قد لا يصل عددها  إلى ربع العدد الإجمالي، وهو ما اعتبره بالرقم الصادم في حقيقة الأمر حتى ولو كان مبرّر الغرق في سياق تاريخي بسبب الأزمة التي عرفتها الجزائر (العشرية السوداء) أين كان تسيير قاعات العرض  مشتركا بين وزارتي الثقافة نسبيا ووزارة الداخلية.
ويرى شموري أن المشكل الرئيس في تراجع نشاط العروض السينمائية وبقاء القاعات تحت طائلة الغلق وتعاني سوء التسير يحتاج إلى أناس متخصّصين وخاضعين لتكوين، وهو ما ينعدم لدى المسؤولين بأغلب بلديات الوطن، على الرغم من سعي الّدولة إلى ترميم بعض قاعات السينماتيك في الشرق الجزائري على غرار قسنطينة وباتنة، لكن بقيت معظم قاعات السينما حسبه  مغلقة على غرار قاعة العرض بولاية المسيلة التي هي مغلقة منذ العشرية السوداء.
واعتبر وليد أن المشكلة تكمن في  التسيير قبل أن تكون مشكلة محتوى ونشاط، خاصة ما لم نتجاوز أزمة التسيير واستعادة فتح قاعات العرض المغلقة لا يمكن أن نحكم على جودة العروض المقدمة وتلبيتها لرهان الفنّ السّابع في الجزائر، فالنشاط السينمائي حسبه يبقى محصورا في طابع المناسباتية والمهرجانات غالبا على غرار تظاهرات تلمسان وقسنطينة كعاصمتين للثقافة الإسلامية ومهرجان وهران السينمائي وغيرها من المهرجانات المحلية الهاوية،فلا يأخذ غالبا منحى تكوينيا وتعريفيا بالسينما العالمية والجزائرية وعرض الأفلام التاريخية القديمة أو التراثية رغم الخزان الهائل للأفلام ليبقى الإنتاج السينمائي ضعيفا وبسيطا لا يعبر عن ثقافة الإنسان الجزائري.
ومن بين الرهانات التي تنتظر مسؤولي سينماتيك الجزائر حسب وليد شموري هو الحفاظ على الأرشيف من التلف باستعمال تقنيات متطورة، وكذا استعادة قاعات العرض المغلقة وبرمجة حيوية لمحتوى الأرشيف وعدم استصغار المنتوج الوطني ودعم النوادي السينمائية المحلية، ومعالجة المواضيع المهمة والواقعية للإنسان الجزائري وإقامة اتفاقيات توزيع مع البلدان العربية والأوروبية، هو ما من شأنه أن يخدم هذا الفنّ كي يستعيد بريقه بعيدا عن طابع المناسباتية خاصة في ظل منافسة هوليودية وبوليودية وعربية باتت متوفرة عبر شبكة النت.
  في حين أبرز المخرج السينمائي الهاوي رفيق مبرك أن الجزائر كانت تحوز على أكثر من 400 قاعة للعرض منتشرة عبر مختلف ربوع الوطن، وتعرف إقبال الجمهور الجزائري على مشاهدة مختلف الأفلام الجزائرية والكلاسيكية والبوليسية وحتى أفلام الرعب، وهو ما عزز حسبه تعرف المشاهد الجزائري على ثقافات مختلفة، يعتبر أن الأفلام هي المرآة التي تعكس حياة الشعوب وثقافاتهم، كما أنها تعلم بعض اللغات واللهجات الأجنبية، خاصة أن الأفلام حسبه ليست وسيلة مملة للتوعية بل تقدم رسالة للمشاهد بطريقة ممتعة وبأمثلة تجعله أكثر تأثرا.
ونوّه مبرك  إلى أن الأفلام الجزائرية وبالرغم من قلتها استطاعت أن تجد لها مكانة في المحافل السينمائية الدولية وأشهرها (فيلم وقائع سنين الجمر) للمخرج محمد لخضر حمينة الذي نال السعفة الذهبية بمهرجان كان بفرنسا 1975، وأيضا الفيلم الثوري الجزائري (معركة الجزائر) للمخرج الايطالي الراحل جيلو بونتيكورفو عام 1966، وهو فيلم تحدث عن فترات الكفاح الجزائري ضد المستدمر الفرنسي وقد نال جائزة الأسد الذهبي في مهرجان البندقية السينمائي عام 1966، إلا أن السينما الجزائرية  حسبه تدهورت وبشكل مهيب في بداية القرن الواحد والعشرين، ومن أسباب ذالك يرى رفيق أن الإهمال الذي لقيته القاعات السينمائية في ظل غلق أكثر من 95 بالمائة منها، مما أدى ذلك إلى غياب جمهور سينمائي هاوي.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19634

العدد 19634

الأربعاء 27 نوفمبر 2024
العدد 19633

العدد 19633

الثلاثاء 26 نوفمبر 2024
العدد 19632

العدد 19632

الإثنين 25 نوفمبر 2024
العدد 19631

العدد 19631

الأحد 24 نوفمبر 2024