تشكّل قاعات السينيماتيك على المستوى الوطني الفضاء العمومي الأكثر استقطابا لمختلف العروض السينمائية الجادة خاصة وفق ضوابط قانونية بعيدة عن العروض المقرصنة أو تلك المبتذلة التي تقدم لشرائح معينة في سياقات محددة، من جهة أخرى وبانتشار التقنيات الحديثة ومع ظهور الفضائيات وشبكة الانترنت أصبح الفيلم بمختلف جنسياته متاحا بأشكال مختلفة وفي متناول الجميع ممّا جعل قاعات السينما خارج نطاق التغطية لدى شرائح مختلفة خاصة فئة الشباب، أيضا الإطار القانوني الملزم في العروض السينمائية كبح من عرض العديد من الأفلام السينمائية المقرصنة التزاما بقوانين الملكية الفكرية، وهو ما يتحرر منه المشاهد في العديد من المواقع السينمائية على شبكة الانترنت. ولمعرفة أكثر هذا الموضوع كان معنا هذا الحوار مع مدير الثقافة لولاية سوق أهراس الطاهر عريس.
الشعب: كيف تقيّمون دور قاعات السينماتيك اليوم؟
الطاهر عريس: شكرا على هذا الموضوع الجاد، فعلا قاعات السينماتيك وطنيا اليوم باتت بين خيارين أحلاهما مر، خيار أن تواكب ما يجري من مستجدات على الساحة السينمائية والتكيف مع ما تطلبه شرائح كبيرة من المشاهدين وخاصة فئة الشباب، وهذا الخيار جد صعب أن لم نقل مستحيل، أن تكون لهاته القاعات ميزانيات ضخمة لشراء حقوق بث آخر الأفلام السينمائية العالمية و تنظيم اكبر التظاهرات السينمائية العالمية، وهذا أمر ربما لا تستطيع قاعات السينماتيك ان تصل إليه في ظل ما نعيشه على المستوى الوطني وحتى على المستوى المحلي من محدودية الإمكانيات، أما الخيار الثاني وهو التعايش مع الواقع السينمائي الذي نعيشه وتكييف العروض السينمائية مع ما يجري من مناسبات وفتح المجال من خلال تجهيز قاعات السينماتاك بأهم التكنولوجيات الحديثة لاستقطاب فئة الشباب لمشاهدة العروض السينمائية على شبكة الانترنت، وهذا لخلق فضاء يعنى بكل ما يرتبط بالسينما العالمية والعربية والمحلية.
وماذا عن تسييرها حاليا؟
حاليا تسير قاعات السينماتيك وفق البرنامج الشهري الذي يتكفل به المركز الجزائري للسينما، وهي عروض شهرية بحوالي عرضين كل يوم من الساعة 14:00 الى 16:00 ومن الساعة 16:00 إلى 17:00، حوالي تقريبا 80 بالمائة من العروض المقدمة هي أفلام كلاسيكية (ثورية، ثقافية، فكاهية، اجتماعية)، أغلب الحضور الذي يتردد على القاعات من الطلبة والجامعيين، وكذا الباحثين المهتمين بهاته العروض، إلى جانب فئة محدودة من الشباب ممن يستفيدون من الدخول عبر شبكة الانترنت وقاعات النت لمشاهدة أهم الأفلام العالمية، أما يومي السبت والثلاثاء نجد التلاميذ، وكذا كبار السن خلال المناسبات التاريخية والثورية.
لمواكبة ما يعرض عالميا من أفلام، هل لكم اقتراحات لمسايرة هاته المستجدّات في العروض على مستوى قاعات السينماتيك؟
نعم نحمل باهتمام ما يجري على مستوى ما يطلبه المشاهدين خاصة، ونحاول جاهدين من اجل استقطاب الفئات الشبانية خاصة، وبالتالي لنا عرض هام جدا على مستوى المديرية موجه إلى «الهواة الراغبين» في بناء نواد سينمائية تعمل بالشراكة وقاعات السينماتيك لمعرفة ما يطلبه المشاهدين، والأكثر من ذلك هو هيكلة الفضاء السينمائي بصورة أكبر بالتعاون مع نوادي سينمائية شبانية تعمل جنبا إلى جنب وقاعات العروض السينمائية واستقطاب مختلف الشرائح في المجتمع، بحكم أن الفضاء الرئيسي موجود ومجهز لمختلف العروض، نحن بحاجة ماسة إلى دراسة هذا الجمهور ومعرفة ما يطلبه، فقاعة سينماتيك بسوق اهراس تتسع لحوالي 300 مقعد كطاقة استيعاب، مجهزة بأحدث تكنولوجيات العرض السينمائي، نحتاج فقط إلى التأسيس إلى ثقافة سينمائية في الأوساط الاجتماعية، وجعل هذا المشاهد يتردد على هاته القاعات كبرنامج في أولوياته الحياتية.
حاليا نستقطب بقاعة السينماتيك حوالي 100 إلى 120 مشاهد في العروض المقدمة، وهو معدل لم يتجاوز النصف ونرجو أن نتجاوز هذا المعدل في المناسبات القادمة، ونعزز النوادي السينمائية التي ندعو ومن هذا المنبر كل الراغبين من هواة وشباب ومبدعين، إنّنا نمد لهم يد المساعدة لتجسيد طموحاتهم في هذا المجال بما تقتضيه الحاجة لهذا الفن النبيل.