حين تتجول بعنابة تصادفك في العديد من شوارعها قاعات سينما، فلا يمكن الإنكار بأن هناك قاعات منتشرة، لكن هل تصلح للعروض أم هي مجرد هياكل أكل عليها الدهر وشرب. الواقع يقول والمتأمل فيها يقول أيضا بأنها قاعات مهملة، مغلقة منذ سنوات، مر عليها مسؤولون ووزراء ثقافة كثر، لكن لا أحد رد لها الاعتبار لتبقى ومنذ سنوات عدة على حالها دون أي التفاته قد تعيد للسينما مكانتها بعنابة.
سينما المنار، الكرامة، أولمبيا، إفريقيا والإيدوغ..قاعات عروض لم يتبقى منها سوى الاسم، مهملة ومهجورة ومتسخة.. لا أحد تمكن من أي يرد لها الاعتبار بإعادة تهيئتها وترميمها، وفتحها أمام جمهور متعطش للفن السابع بهذه الولاية التي تعيش جمودا سينمائيا، بعد أن كانت في سنوات خلت تستقبل الآلاف من العنابيين يوميا، ملبية نداء عشقهم للأفلام السينمائية التي تعرض عليهم.
بنايات الزّمن الجميل تكاد تندثر
بنايات كانت تحكي بين جدرانها فترة الزمن الجميل تكاد تندثر، ولم يتبق منها اليوم سوى الاسم، حيث باتت تعاني الفوضى والإهمال في غياب السلطات المحلية، والتي كانت في كل مرة تقدم وعودا بإعادة تهيئتها وترميمها لكن دون تجسيد ذلك على أرض الواقع، ودون أسباب تُذكر. وهو ما يثير في كل مرة حيرة عشّاق السينما، الذين باتوا يتساءلون في كل مرة عن سبب عدم تهيئة دور العرض وفتحها أمام جمهور بونة، وعرض الأفلام الحديثة وحتى القديمة، على اعتبار أن الأذواق تختلف من فئة لأخرى، والتي باتت تتشوق لقاعات كانت مفتوحة على مصرعيها خلال سنوات الثمانينيات والتسعينيات تستقبل مئات المتفرجين، لا سيما نهاية الأسبوع للاستمتاع بالأفلام الجزائرية والعربية وحتى العالمية.
عنابة بمكانتها وإمكانياتها تحتضن اليوم عروضها السينمائية إما بالمسرح الجهوي أو بدور الثقافة، والتي يمكن القول بأنّها حفظت ماء وجه هذه المدينة، التي يعود إليها مهرجانها السينمائي للفيلم المتوسطي دون أن يجد قاعات عروض تحتضنه سوى مسرح «عز الدين مجوبي»، ودار الثقافة والفنون محمد بوضياف اللذين أنقدا الموقف، لتبقى بذلك هذه الولاية تنتظر من يحن عليها لإجراء عمليات ترميم وتهيئة بقاعاتها لإعادة بعث السينما من جديد بعنابة، والأهم من ذلك عودة جمهورها إليها.
سينماتك عنابة تعود إلى جمهورها
إن كانت قاعات العروض بعنابة ما تزال تنتظر من يلتفت إليها، فإنه من حسن حظ «سينماتك عنابة» أنها وجدت من يعيد لها الاعتبار، ويمكن القول أن مهرجان عنابة للفيلم المتوسطي من أنقذ الموقف، وجعل السلطات المحلية تعيد النظر في هذه الصرح الفني وتهيئته من جديد، حيث يتسع لـ 230 مقعد، وقد تم تجهيزه بأحدث وسائل البث الرقمي (دي سي بي) وبتكنولوجيات عالمية، على أمل أن تحتضن هذه القاعة في المستقبل القريب عروضا متنوعة لأفلام من مختلف جهات العالم، وتعود الحياة السينمائية لهذه الولاية، والإعلان عن انطلاق بداية عهد جديد مع السينما بشكل دائم، دون الاعتماد على المناسباتية، وانتظار المهرجانات لاستقبال بها جمهور السينما.
وهو ما يتأمّله ليس فقط عشّاق الفن السابع في عنابة، وإنما أيضا العديد من الفنانين، الذين يتأملون فتح هذه القاعات لتكون ملاذهم لمناقشة فيما بينهم واقع هذا القطاع، وواقع الفنانين في بونة والجزائر، وتبادل المعارف والخبرات لتكون بداية لصناعة سينمائية جديدة.