يعتبر البروفيسور رضوان شافو كاتب وأستاذ بجامعة الوادي الذي له عدة كتابات في الذاكرة الوطنية أن المتتبع لحركية مختلف دور النشر الجزائرية خلال السنوات الأخير سيلاحظ بأن الكتاب التاريخي أصبح يحظى باهتمام كبير.
وفي هذا السياق، يوضح المتحدث أنه حتى وإن كان أصحاب دور النشر ينتمون إلى الأدب الروائي، غير أن الخلافات الإعلامية بين مختلف صنّاع الثورة التحريرية دفعت بالكثير من الناشرين إلى الاستثمار في هذه التجاذبات والخلافات التاريخية والدفع بالمؤرخين والباحثين إلى الكتابة التاريخية، وكذا المجاهدين لكتابة مذكراتهم الشخصية، من أجل إطلاع الجمهور الجزائري عن جوهر هذه التباينات حول مختلف الوقائع التاريخية، لاسيما فترة الثورة التحريرية.
وفي إجابته عن حصة كتابات الذاكرة الوطنية وثورة نوفمبر في إصدارات دور النشر والمشاركة في الصالون الدولي للكتاب ذكر محدثنا أنه بالمقارنة مع الطبعة 22 من الصالون الدولي للكتاب، فإن هناك ارتفاعا نسبيا في الإصدارات المتعلقة بالتاريخ والذاكرة الوطنية في الطبعة 23 للصالون الدولي 2018، فعلى سبيل المثال لا الحصر سيكون القارئ الجزائري على موعد مع إصدارات دار الوطن من خلال عناوين جديدة نذكر منها كتاب «تصحيح ثوري أم انقلاب» للأستاذ والمترجم عبد العزيز بوبكير، وعن أزمة الهوية والتاريخ في الجزائر سيكون كتاب آخر بعنوان «عن الهوية والتاريخ والحداثة» للدكتور عبد القادر رابحي.
وعن دار الماهر للنشر والتوزيع نذكر كتاب «تاريخ الحركة الإصلاحية لبني ميزاب» للأستاذ عبر القادر عزام عوادي، وعن دار التنوير للنشر والتوزيع الكتاب المترجم عن الفرنسية للأستاذ ناجي التباب بعنوان «آخر بايات قسنطينة حتى أحمد باي»، وفيما يخص الكتب التي تجمع بين الرواية والتاريخ نجد من الكتب التي أصدرتها دار البرزخ للنشر والتوزيع والتي ستكون حاضرة في سيلا 2018، رواية تاريخية بعنوان «عن إخواننا الجرحى» للكاتب جوزيف أندراس، والتي تتناول حياة صديق الثورة التحريرية المناضل الشيوعي «فرنان ايفتون».
أبواب مفتوحة لكل قلم يهتم بتاريخ الذاكرة الوطنية
وبالنظر إلى هذا الكم من الأعمال، فإن الكاتب رضوان شافو يعتقد أن دور النشر الجزائرية فتحت أبوابها لمختلف الأقلام الوطنية المهتمة بالتاريخ والذاكرة الوطنية من منطلق الروح الجديدة التي طبعت مؤلفاتهم، من خلال كسرها لبعض الطابوهات المتعلقة ببعض الوقائع التاريخية التي لطالما كانت خط أحمر في التطرّق إليها في السنوات السابقة، مع التحفّظ في ذات الوقت على الكتب التي تمسّ قدسية التاريخ والهوية الوطنية، وبالتالي فمن هذا المنطلق ارتفعت بورصة إصدار الكتاب التاريخي عند الناشرين، والتي ستدر عليهم أرباحا طائلة في ظلّ تهافت وشغف القارئ الجزائري على معرفة ما لم يعرفه من قبل حول تاريخ بلده.
هذا دون أن التغاضي عن إسهامات وزارة المجاهدين عن طريق المركز الوطني للدراسات التاريخية للبحث في الحركة الوطنية وثورة أول نوفمبر 1954 ـ يضيف محدثنا -، والذي سيصدر أكثر من 50 عنوانا، تتعلّق بالتاريخ الوطني بمختلف محطاته التاريخية، وتأتي هذه الإصدارات بالتزامن مع الاحتفالات الوطنية بالذكرى 64 لعيد الثورة التحريرية، وتجدر الإشارة إلى أن هذا المركز يعتمد على سياسة إهداء الكتب التاريخية إلى مختلف المؤسسات التربوية والجامعية والمكتبات العمومية الوطنية تشجيعا للمقروئية التاريخية، على خلاف دور النشر الوطنية التي تعتمد على بيع المؤلفات التاريخية.