تحافظ مؤسسة «اكفيرال» على وتيرة عمل عادية ولم يتأثر عمالها بعد نصف شهر من رمضان بالصيام بل زادهم إرادة وقوة كما أكده مسؤول المؤسسة عبد اللي بوجمعة مسجلا عدم وجود غيابات أو تأخرات.
غير أنه سجلت نقائص في رمضان على مستوى محيط المؤسسة التي تأثرت نسبيا بفعل وجود تباطؤ في الأداء على مستوى بعض الإدارات التي تتعامل معها، وهنا يظهر مدى انعكاس المحيط سلبا أو إيجابا حسب الحالة على المؤسسة الاقتصادية.
يبدأ العمل في ورشات المؤسسة بالجزائر وفي مختلف الولايات من الثامنة صباحا إلى الثالثة مساء، بل أن ضرورة العمل تقتضي القيام بتنقلات عبر التراب الوطني دون التحجج بالصيام إلى درجة كما أشار إليه مساعد المدير العام أن سائق المؤسسة عاد من مهمة على الساعة الواحدة ليلا ليستأنف العمل في اليوم الموالي، مما يؤكد مدى الالتزام بالواجب المهني خاصة قفي ظلّ الظروف الاقتصادية الصعبة التي تحتم مضاعفة الجهد لمواجهة المنافسة في السوق.
وفي حالة ملاحظة صعوبات يواجهها العامل، يتم التكفل بها من خلال وسائل هذه المؤسسة التي تنشط في إنتاج المراجل (شوديير) ومعالجة النفايات الطبية خاصة. كما يتم التكفل بالعمال المتقاعدين ضمن العاقة العضوية بين المؤسسة وعمالها، وهي رسالة تشجع اليد العاملة الشابة على مضاعفة الجهود كونهم مطمئنون في قطف ثمار ذلك مستقبلا.
ولم يمنع شهر الصيام من الحفاظ على معدلات المردودية الإنتاجية، حيث تسجل نفس الإرادة والعزيمة في الورشات والمصالح المختلفة من أجل إنجاز أهداف النمو وتغطية أعباء الأجور ومختلف الخدمات الاجتماعية وكذا كلفة التنقلات في مهمة وصرف العلاوات الشهرية، كما هو مقنن في الاتفاقية الجماعية.
ويقدم المسؤولون صورة ملموسة كونهم جزء من المستخدمين، بحيث بعد الاجتماع التنسيقي اليومي والأسبوعي لمتابعة ورقة الطريق الخاصة بالإنتاج وتلبية طلبيات الزبائن ورصد حالة السوق في مجال تدخل المؤسسة، ينصرف الجميع إلى مواقع العمل لتنفيذ المهام بعيدا عن أي تكاسل أو تقاعس أو تهاون، بل أن رمضان محفز للعمال لما فيه من طاقة معنوية. وكل نشاط يقوم وفقا للوحة القيادة التي تعتمدها المؤسسة يقود حتما إلى النجاح أو على الأقل عدم تسجيل خسائر. وفي حالة تسجيل تراجع لمؤشرات الإنتاج من بعض العمال لسبب من الأسباب، فإنه يتم تدارك ذلك وتعويض الفارق المسجل كما هو متفق عليه داخل المؤسسة بحيث تخصم 20 نقطة تعادل 20 ألف دينار من كل عامل لا ينجز الهدف المحدّد لها سواء في رمضان أو في غيره من الشهور. ويعوّض الغياب بمضاعفة الجد في الإنتاج.
انشغالات تؤرق المسير وتعطّل الاسثمار
لكن الانشغال الذي يؤرق مسؤولي وعمال هذه الشركة ذات الخصوصية في الإنتاج، أكبر بكثير من انعكاسات الصيام، ويتعلّق الأمر بمواجهة مشكلة التهديد بالطرد من موقع تستأجره بولاية بومرداس، حيث بعد أن أنجزت بسي مصطفى على أرض صعبة استثمارا ضخما بتركيب مصنع لإتلاف النفايات الخطيرة التي تفرزها المستشفيات ومستندات رسمية ووفرت فرص عمل لأبناء المنطقة المعزولة، واجهت قرارا قضائيا بالطرد حركته المؤسسة المؤجرة.
وبعد مساع وتحركات لدى الجهات العليا بتوضيح مدى الدور الاقتصادي للوحدة وفضائلها الاجتماعية ـ كما أكده رئيس البلدية المعنية ـ بالنظر لمدى استفادة سكانها من عائدات اجتماعية تقدمها مؤسسة اكفيرال، لاح حل للتسوية في الأفق ـ كما يقول عبد اللي ـ غير أنه سرعان ما تبدّد التفاؤل إثر قيام المؤسسة المؤجرة للموقع بفرض سعر إيجار مرتفع يصعب تقبله من مؤسسة إنتاجية ويتساءل مساعده قائلا «هل يعقل أن يتم رفع الإيجار من 150 ألف إلى 450 ألف دينار شهريا نظير التواجد على عقار مهمل واستثمرت فيه المؤسسة الكثير؟».
ويعتبر أن العقد الذي تقدّمه المؤسسة مالكة العقار غير منصف وفيه تجاوز خاصة أنه محدّد بأجل لمدة 5 سنوات مع احتفاظها بحقّ الطرد ودفع قيمة الإيجار دفعة واحدة ومسبقا بينما كان الاعتقاد أن تسود روح التضامن بين المؤسسات وتغليب جانب المواطنة الاقتصادية بمراعاة مداخيل الزبون والتداعيات التي تنجر عن الأزمة المالية الحالية وفقا للتوجهات الاقتصادية الجديدة التي حدّدتها الدولة.
ولا تتوقف المتاعب عند هذا الحد الذي يمثله ملف استئجار عقار تحول إلى كابوس، بل تشمل اليوم الاضطرار لتوقيف نشاط معالجة وإتلاف بالحرق للنفايات الطبية التي تفرزها المستشفيات والمتعاقدة مع مؤسسة «اكفيرال» جراء عدم حصول المؤسسة على حقوقها المالية والتي تقدر ديونها بالنسبة لمستشفى مصطفى الجامعي 33 مليون دينار، مستشفى بليدة 10 ملايين دينار وزميرلي 9 ملايين دينار، وهي ديون موثقة ما يقول مساعد الرئيس المدير العام المتابع للملف، موضحا أن المستشفيات نفسها تواجه مشكلة الموارد المالية لتتحمل المؤسسة الكلفة والتبعات ومع ذلك كما يضيف فإنها تسهر على العمل لتلبية طلبات الزبائن.
وبالرغم من صعوبة المرحلة، فإن المؤسسة حقّقت رقم الأعمال المسطر للسداسي الأول من 2018 في ظرف الثلاثي الأول بفضل التكفل بالطلبيات المتأخرة من السنة الماضية 2017، ويعكس هذا الانجاز مدى الكفاءة المناجيريالية المطبقة. على كافة مستويات التسيير الإداري والتقني ليوضح مدير المؤسسة قائلا، «إننا لا نريد تمويلا بل نريد فقط المرافقة في انجاز الاستثمارات وحماية وسائل الانتاج، خاصة أن المؤسسة تنخرط في صلب التوجهات الاقتصادية التي رسمتها الدولة بما فيها حماية البيئة ومعالجة النفايات الخطيرة وتقليص الاستيراد». وتلعب مؤسسة اكفيرال، التي انتقلت من عمومية إلى عمالية في إطار الخوصصة لفائدة الأجراء وتعتبر مثالا ناجحا، دورا ضمن النسيج المؤسساتي الجزائري في مواجهة التحديات الكبرى لبناء اقتصاد إنتاجي خارج المحروقات يؤسس لنموذج النمو ولا تتطلب سوى أن توفر لها مرافقة من المحيط مثل تسوية ملف استئجار أرض من مؤسسة عمومية أو تقليص أعباء الإيجار بعقد طويل المدة لطمأنة المسيرين والعمال وتمكينها من استرجاع استثمارات مرهقة، ولعلّ رمضان مناسبة للجلوس حول طاولة حوار مسؤول لتذليل الصعاب وصياغة اتفاق له بعد اقتصادي واجتماعي يتجاوز أنانية أي طرف ويخدم الاقتصاد الوطني، خاصة في ظلّ أزمة تستدعي انخراط الجميع في ديناميكية النمو.